الأقصى يودع عام الحصار.. فماذا ينتظره خلال 2024؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

القدس المحتلة- يُسدل الستار على 2023، وهو واحد من أقسى الأعوام على المسجد الأقصى المبارك منذ الاحتلال الإسرائيلي لشرقي القدس عام 1967.

ولعلّ الربع الأخير من العام الذي تمثل في حصار المسجد وتشديد إجراءات الدخول إليه مع اندلاع الحرب على قطاع غزة عقب عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي كان الفصل الأصعب في سلسلة الانتهاكات الإسرائيلية بحق أولى القبلتين.

وضمن هذه الانتهاكات وثّقت محافظة القدس، التي تُعتبر أعلى تمثيل رسمي فلسطيني في المدينة، اقتحام 51 ألفا و994 متطرفا ومتطرفة ساحات الأقصى منذ بداية العام حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وكان من أصعب ما مرّ على المسجد تولي إيتمار بن غفير حقيبة وزارة الأمن القومي، وأعلن في اليوم الأول له في منصبه نيته اقتحام الأقصى وهو اليوم ذاته الذي تلقى فيه رسالة من جماعات الهيكل المتطرفة تشمل 11 مطلبا لها في المسجد.

اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (يسار) للمسجد الأقصى في يناير (مواقع التواصل)

بن غفير يشعل المنطقة

وقال بن غفير في أحد اقتحاماته “أنا سعيد لصعودي إلى جبل الهيكل، وهو المكان الأكثر أهمية لشعب إسرائيل. مرة أخرى نثبت من أصحاب المكان في القدس، وتهديدات حماس لن تردعنا”.

وفتح وجوده في الحكومة شهية الجماعات المتطرفة لتحقيق مكاسب جديدة، إذ أرسل 15 حاخاما كتابا رسميا له ولرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يطالبون من خلاله بالسماح بذبح قربان عيد الفصح اليهودي داخل الأقصى.

وفي تحدّ خطير نشرت جماعات الهيكل المتطرفة مقطعا مصورا لأحد قادتها الروحيين تحرّض فيه أنصارها على ذبح قربان الفصح بالقوة داخل المسجد الأقصى، وقال الحاخام ناتان تسفي برين “ألف يهودي سيدخلون جبل الهيكل عبر باب السلسلة، ويقدمون قربان الفصح هناك.. صدقوا هذا ما سيحدث”.

وبالتزامن مع هذه التصريحات الخاصة بعيد الفصح الذي تزامن مع شهر رمضان المبارك، صمّم المصلون على الاعتكاف في الأقصى منذ ليلة رمضان الأولى ونجحوا في ذلك لليلتين متتاليتين.

وفي ليلتي 14 و15 رمضان اقتحم الاحتلال المصلى القبلي بشكل وحشي واستهدف المصلين بداخله بالرصاص المغلف بالمطاط والقنابل الغازية والصوتية والهراوات، واعتقل 450 معتكفا دفعة واحدة.

استهداف باب الرحمة

ولم يكن مصلى باب الرحمة، في الجزء الشرقي من المسجد، بمعزل عمّا يحدث في الساحات من انتهاكات، وناله منها الكثير خلال عام 2023، إذ اقتحمته الشرطة والمخابرات الإسرائيلية مرارا، وأخرجت حراس الأوقاف الإسلامية منه واستفردت به، واعتقلت عددا من الشبان من داخله، وذلك بعد التقدم إلى المحكمة الإسرائيلية بطلب أمر إغلاق المصلى بزعم أنه “مكاتب تستخدم كمقر لأنشطة تخريبية وتحريضية”.

وكان من اللافت أيضا خلال العام الجاري تعمُد جماعات الهيكل المتطرفة الانتقال إلى مستوى جديد من العدوان، إذ باتت تحيي المناسبات الهامشية لديها في الأقصى كما تتعامل مع مواسم الاقتحامات المركزية في الأعياد اليهودية الكبرى.

ومن ضمن الانتهاكات الجماعية التي سُجلت في ساحات الأقصى -وخاصة الشرقية منها المحيطة بمصلى باب الرحمة- رفع علم الاحتلال وإنشاد نشيده “الوطني”، وأداء طقس “السجود الملحمي” وصلاة “بركات الكهنة” الجهرية، بالإضافة إلى قراءة لفائف من التوراة في الساحات.

ونال المسجد هذا العام، كما كل عام، نصيبا من التصريحات المتطرفة انطلق أبرزها على لسان عضو الكنيست من حزب الليكود عميت هاليفي، الذي قدّم مسودّة خطّة تفصيلية لتقسيم المسجد الأقصى مكانيا بين المسلمين واليهود، بحيث يخصص محيط المصلى القبلي للمسلمين، في حين تكون قبّة الصخرة المشرفة حتى الحد الشمالي من المسجد لليهود.

أما الرئيس التنفيذي لمنظمة “جبل الهيكل بين أيدينا” توم نيساني، فقال بعد انتهاء اقتحامات ما تسمى بذكرى خراب الهيكل “مع ارتباط إسرائيل بجبل الهيكل لا يمكن إيقاف إرادة الشعب اليهودي”.

بعد الحرب ليس كما قبلها

وارتفعت نبرة التطرف في تصريحات المسؤولين بعد شن الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ عممت جماعات الهيكل على أفرادها بضرورة اقتحام المسجد، وجاء في دعواتها “الجواب الصهيوني المناسب هو الدخول الحر لليهود إلى جبل الهيكل”.

كما دعت هذه الجماعات إلى إغلاق أبواب أولى القبلتين بوجه المسلمين حتى إطلاق سراح كافة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، وقالت “لا بد من إغلاق جبل الهيكل تماما في وجه المسلمين، حتى يعود آخر مختطف إسرائيلي إلى إسرائيل”.

وإلى جانب ذلك حاولت هذه الجماعات إقحام قضية المسجد في عمليات قتال الجنود الإسرائيليين في غزة، فطُبعت صورة الهيكل المزعوم على خُوَذ الجنود وبزّاتهم العسكرية، وكتبت جماعات الهيكل معلقة على هذه الصور “الجندي الذي يفهم ما يحتاج حقا للقتال من أجل الفوز”.

وتزامن كل ذلك مع إحكام الشرطة قبضتها على أبواب المسجد وتعاملها بمزاجية مع المصلين الذين لم ينجح سوى عدد قليل منهم في الوصول إلى الساحات.

وجرى التضييق على موظفي الأوقاف وحريتهم في أداء عملهم خاصة لجنة إعمار المسجد، والاستمرار في سياسة الإبعاد، حتى وصل عدد من أُبعدوا عنه منذ بداية العام إلى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إلى 577 شخصا وفقا لبيانات محافظة القدس.

ماذا في 2024؟

يقول الأستاذ المشارك في دراسات بيت المقدس ورئيس قسم التاريخ الإسلامي في جامعة أنقرة للعلوم الاجتماعية خالد العويسي إن ما شهده المسجد الأقصى خلال عام 2023 هو تطبيق متسارع من حكومة الاحتلال للرؤية الأميركية الصهيونية المعلنة في بنود صفقة القرن التي نصت بشكل واضح على جعل هذا المقدس مكانا مشتركا للعبادة كحال المسجد الإبراهيمي في الخليل.

وفي نظرته الاستشرافية لما ينتظر الأقصى عام 2024، أكد العويسي في حديثه للجزيرة نت، أن تهويده سيتصاعد إن لم يكن هناك رادع للاحتلال، لأنه سيسعى لزيادة مكتسباته من خلال تخصيص كنيس في ساحات المسجد ضمن سياسة التقسيم المكاني.

ويرى العويسي أن التخبط السياسي والعسكري للاحتلال خلال الحرب على غزة يدفعه لتحقيق أي مكاسب، وإن كانت في ساحة المسجد الأقصى من أجل إرضاء قاعدة اليمين المتطرف وجماعات الهيكل.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *