اقتحام مَحال الصرافة.. إستراتيجية الاحتلال لضرب الاقتصاد الفلسطيني

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

رام الله- مجددا يعاود الاحتلال الإسرائيلي اقتحام وتخريب شركات الصرافة بالضفة الغربية، ويصادر أموالها مخلفا خسائر بملايين الدولارات، لا تعوضها شركات التأمين.

ومنذ إعادة اجتياح الضفة الغربية لم يتوقف الاحتلال عن مداهمة واقتحام مَحالّ الصرافة بذريعة استخدامها من قبل الفصائل الفلسطينية وتحديدا حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لتلقي أموال من الخارج، وهو ما ينفيه أصحاب المَحالّ، ويقولون إنهم يخضعون لنظام مالي صارم.

وطالت المداهمات مَحالّ صرافة عدة في محافظة رام الله والبيرة والخليل وجنين وطولكرم، ورافق الاقتحام مصادرة ملايين الشواكل (الدولار يساوي 3.62 شواكل) واعتقال 21 من مالكي تلك الشركات والعاملين فيها، وفق بيان للجيش الإسرائيلي، فيما تحدثت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادرة 10 ملايين شيكل.

 

اعتقال وتخريب

يقول أحد موظفي شركة “نور الهدى للصرافة” في رام الله مفضلا عدم ذكر اسمه، إن “منزل مالك الشركة مشهور الكوك (50 عاما) تعرض للاقتحام والتخريب بمحتوياته بالتزامن مع اقتحام فرعي الشركة في رام الله وبلدة ترمسعيا شرقي المدينة”.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن قوات الاحتلال اعتقلت الكوك مع ثلاثة من موظفي الشركة، وحطمت فيه أبواب الفرعين ومحتوياتهما، وصادرت مبالغ مالية لم يتم حصرها بعد، وعلقت ورقة في مكتب رام الله تفيد بإغلاقه.

وتابع الموظف أن الشركة تعرضت لاقتحامات سابقة، آخرها في بداية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حين قرر إغلاق المحل رغم أنه في منطقة تخضع للسيطرة الفلسطينية.

ويوضح الموظف، أن الشركة ممتثلة لتعليمات سلطة النقد الفلسطينية (بمثابة البنك المركزي) وتعليماتها، معتبرا أن “الاقتحام والتخريب يهدفان إلى الضغط على الناس وضرب مؤسساتهم الاقتصادية”.

رقابة وإشراف

من جهتها، قالت سلطة النقد الفلسطينية، إن “قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت فجر الخميس مقار 6 شركات صرافة وداهمتها، واعتقلت عددا من أصحابها واستولت على مبالغ مالية من خزانتها بعد تفجيرها”.

وأضافت، في بيان وصل الجزيرة نت، أن جميع تلك الشركات “خاضعة لرقابة وإشراف سلطة النقد الفلسطينية”، معتبرة أن “الاعتداء ومداهمة وتدمير المقرات التابعة لكيانات خاضعة لرقابتها يمثل عملا مخالفا لكافة الأعراف والقوانين والمواثيق والاتفاقيات الدولية، ويهدف لزعزعة الثقة بالقطاع المصرفي والصيرفي الفلسطيني”.

وقالت سلطة النقد إنها تطبق أحدث النظم الرقابية على القطاع المصرفي بهدف الحفاظ على سلامة هذا القطاع وتطوير أعماله والارتقاء بالخدمات التي يقدمها للجمهور بما يتوافق مع المتطلبات الدولية والممارسات الفضلى. وتابعت أنها “تتابع بشكل حثيث هذا الاعتداء الآثم مع كافة الجهات ذات العلاقة”.

حملة مستمرة

وضمن حملته المتصاعدة في السنوات الأخيرة، أدرج الاحتلال شركتي صرافة في قطاع غزة، ضمن “لائحة الإرهاب”، بداعي نقل أموال إلى حركة “حماس”، كما صادر عدة مرات عملات رقمية قال إنها مخصصة لدعم “حماس”.

وسبق مقاضاة البنك العربي الأردني في الولايات المتحدة بتهمة تسهيل نقل أموال لقادة حماس.

وإضافة إلى مَحالّ الصرافة داهم جيش الاحتلال مطابع وشركات دعاية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول بحجة طباعة مواد وملصقات “تحريضية”.

كما ظلت الجمعيات الخيرية بالضفة -وخاصة تلك القائمة على رعاية الأيتام- هدفا للاقتحام ومصادرة الممتلكات حتى 2007 للذريعة ذاتها، وهي ملاحقة مصادر تمويل حماس، حينها شكلت السلطة الفلسطينية إدارات تلك الجمعيات من عناصر تابعة لها.

ما الهدف؟

يقول المحلل السياسي ساري عرابي إنه “لا تتوفر معلومات عن دقة وصحة الرواية الإسرائيلية فيما يتعلق بمزاعم الاحتلال عن علاقة حماس بتلك الشركات أو تمويلها، وإن المعركة بين الجانبين مستمرة خاصة في الجانب المالي”.

ويضيف أن هناك نوعا من التسابق بين العمل التنظيمي والفصائل المستنزفة والمستهلكة بالملاحقة في الضفة، والاحتلال، وأنه يضيق على موارد الفصائل ويوظف الجهد الأمني والاستخباري لذلك لأن المال هو العصب للعمل التنظيمي.

ويقول عرابي إنه “كان بإمكان الاحتلال أن يكتفي بإعلان المصادرة كما في مرات سابقة، لكن هذه المرة رافق الإعلان استعراض إعلامي واقتحام كافة مدن الضفة في ذات الوقت، ومن وراء ذلك رسالتان”، الأولى موجهة للمجتمع الإسرائيلي بأن المؤسسة الأمنية والسياسية موجودة وحاضرة وفاعلة، فيما الرسالة الثانية هي الضغط على المجتمع الفلسطيني المحاصر اقتصاديا.

وأشار إلى أن مداهمة شركات الصرافة تتزامن مع حجب إسرائيل لأموال الضرائب عن السلطة الفلسطينية من جهة، ومنع العمال من الوصول إلى أماكن عملهم في إسرائيل من جهة ثانية، “وبالتالي فإن الاحتلال يحاصر مصالح ومصادر أخرى للاقتصاد الفلسطيني في ساحة الضفة”.

وتابع أن الاحتلال يريد أن يشعر المجتمع الفلسطيني بوجوده “ضمن سياسة تتضمن أيضا إغلاق الحواجز والطرق وعزل المناطق عن بعضها وارتفاع أعداد الشهداء والمعتقلين بشكل غير مسبوق”.

وتابع أن الغاية الأهم بالنسبة للاحتلال هي “منع فلسطينيي الضفة من الانخراط الكبير في أي فعل نضالي”.

وإضافة للرسائل السابقة، يقول عرابي إن هناك رسالة للسلطة التي يجري الحديث عن إعادة إصلاحها وتأهيلها وفق المعايير الإسرائيلية والأميركية بأن “الاحتلال موجود”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *