اعتُبرت تهديدا سياسيا.. ما المبررات الإسرائيلية لإقامة جدار حدودي مع الأردن؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

عمّان- يرى مراقبون أن إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نية حكومته بناء جدارٍ على طول الحدود مع الأردن، يأتي مدفوعاً بأسباب أمنية تتمثل بمنع عمليات تسلل مهاجرين، لكنها في المضمون تهدف لمحاولة منع تهريب السلاح إلى الضفة الغربية.

كما لا يستبعد هؤلاء أن تكون الرغبة الإسرائيلية متعلقة باعتبارات سياسية، في مقدمتها “تكريس عملية ضم الضفة الغربية”.

وفي تغريدة على حسابه في منصة إكس، كتب نتنياهو الأحد الماضي “لقد دشنّا جداراً على حدودنا الجنوبية مع مصر ومنعنا عمليات التسلل من هناك، ولولا هذه الخطوة لتسلل إلى إسرائيل أكثر من مليون أفريقي، وهذا كان سيفضي إلى تدمير دولتنا”. وأضاف “الآن سنقيم جداراً على حدودنا الشرقية مع الأردن لضمان عدم التسلل عبرها”.

وتتزامن هذه التصريحات مع كشف الإعلام الإسرائيلي مؤخرا عما أسماه “عمليات تهريب للسلاح” عبر الحدود مع الأردن، حيث نقلت قناة “كان” التابعة لسلطة البث الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، عن مصادر عسكرية إسرائيلية، أنّ عمليات التهريب أسهمت في توفير بيئة أفضت لزيادة عمليات المقاومة بالضفة المحتلة.

وبحسب بيانات الشرطة الإسرائيلية، فقد ضبطت السلطات الأمنية ما لا يقل عن 506 مسدسات و24 بندقية هجومية و8 عبوات ناسفة، في 26 محاولة تهريب منفصلة على الحدود الأردنية منذ بداية العام الجاري.

كما أعلن جيش الاحتلال، الأسبوع الماضي، إحباط محاولة تهريب متفجرات “إيرانية الصنع” إلى إسرائيل عبر الأردن قبل شهر.

إسرائيل بدأت إقامة سياج بأجهزة إشعار على حدود الأردن منذ عام 2015 (الجزيرة)

ليست المرة الأولى

هذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها نتنياهو عن رغبته في إنشاء سياج على طول الحدود مع الأردن، حيث تلقى مسؤولون بجيش الاحتلال أمرا بالبدء بالتخطيط للمشروع عام 2012. كما أعلن نتنياهو عام 2015 عن البدء ببناء سياج مجهز بأجهزة استشعار في الحدود الجنوبية مع الأردن، وتبعه تصريح -العام التالي- عن عزمه “إحاطة دولة إسرائيل بأكملها بسياج”.

كما اقترح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، مؤخراً، أن تقوم إسرائيل ببناء جدار أمني جديد على طول الحدود مع الأردن. وقال خلال اجتماع للجنة “الشؤون الخارجية والدفاع” بالكنيست في يوليو/تموز الماضي “المنظمات الإرهابية حددت الضفة الغربية كنقطة ضعف، ووجّهت العديد من الموارد هناك لغرض الهجمات، وبالنظر إلى المستقبل، نعتزم إقامة جدار على الحدود مع الأردن أيضا”.

وضع الحدود حالياً

والحدود الأردنية هي الأطول مع “فلسطين التاريخية” وتأتي على امتداد يصل إلى 335 كيلو متراً. ويرى الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء المتقاعد قاصد محمود، للجزيرة نت، أن التوجّه الإسرائيلي لبناء الجدار يُعبّر عن العقلية الأمنية والعسكرية التي تعتمد مبدأ “الإجراء الدفاعي والوقائي”.

ويُوضّح محمود أن السياج القديم الموجود حاجز ترابي طبيعي وسياج معدني يهدف لمنع عمليات التسلّل، وتعتمد السلطات الإسرائيلية على المراقبة والمسح الدائم للتأكد من عدم وجود أي اختراق.

ويشير الخبير العسكري إلى أن بناء جدار جديد قد يُعزّز من القيمة الدفاعية المنشودة إسرائيليا، إلا أن ذلك لن يمنع من استمرارية المقاومة على المدى الإستراتيجي، بالنظر لواقع الحدود مع غزة والضفة الغربية.

رفض شعبي أردني

تعتبر بعض القوى الشعبية والحزبية الأردنية أن نية حكومة نتنياهو بناء الجدار تمسّ المصالح الوطنية، وتقوّض استقرار المنطقة. ويقول الناطق الرسمي باسم “الملتقى الوطني لدعم المقاومة” سعيد ذياب إن هذا التوجّه يعكس حالة العجز الإسرائيلي في التعامل مع المقاومة وعملياتها المتصاعدة بالضفة.

ويضيف ذياب -في حديث للجزيرة نت- أن الدوافع الأمنية الإسرائيلية لبناء الجدار لا تنفي الدوافع السياسية، ويرى أن الاحتلال يهدف من خلال هذه الخطوة إلى تكريس عملية ضمّ الضفة لقطع الطريق على أي تنازل أو حلّ سياسي يمكن أن يُقدّمه للفلسطينيين.

من جهته، طالب الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي المهندس مراد العضايلة بموقف رسمي أردني جاد تجاه الإعلان الإسرائيلي. وأضاف للجزيرة نت أن هذا المشروع جزء من المشاريع الصهيونية التي تستهدف الأردن خصوصاً بعد تشييد مطار “رامون” على الحدود مع الأردن، والضغط الإسرائيلي في قضية السيادة الأردنية على المقدسات في القدس.

ولفت العضايلة إلى أن إعلان الاحتلال عن بناء جدار مع الأردن “اعتداء على السيادة الأردنية، باعتبار أن ملف الحدود مع فلسطين قضية متعلقة بالمصالح والثوابت الأردنية والفلسطينية العليا، ولا شأن للاحتلال بها”.

محمود الشرعان - ويربط معبر وادي عربة البري، الذي افتتح العام 1994، مدينة إيلات الإسرائيلية مع العقبة الأردنية، وهو واحد من ثلاثة معابر - مطار "رامون".. انتهاك لسيادة الأردن وتهديد اقتصادي
معبر وادي عربة البري الذي افتتح عام 1994 بين مدينة إيلات الإسرائيلية والعقبة الأردنية (الجزيرة)

توجّس رسمي أردني

من ناحيته، قال الوزير السابق ورئيس لجنة التوجيه الوطني في مجلس الأعيان محمد المومني، إن أية إجراءات أمنية إسرائيلية لن تجلب الأمن لإسرائيل ما دام هناك انغلاق في الأفق السياسي، وعدم جديّة بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها “القدس الشرقية”.

وأضاف المومني بأن الأمن لن يتحقق إلا من خلال سلام عادل، وإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه، وأنه بغير ذلك سوف يستمر تراجع الأمن والاستقرار الإقليمي.

ورغم عدم صدور أي تعليق رسمي بشأن الإعلان الإسرائيلي ببناء جدار حدودي، يستمر العمل الأردني في مسارات متعددة مع الجانب الإسرائيلي، كان آخرها عقد اجتماع مُوسّع لـ “اللجَنة التنسيقية العليا” بين الجانبين، وعلى مستوى الخبراء في مدينة العقبة جنوب المملكة، بهدف البحث والتنسيق حول القضايا المشتركة بناءً على مخرجات اتفاقية السلام الموقعة بين الجانبين عام 1994.

وفي هذا السياق، يشير الناطق الرسمي باسم “الملتقى الوطني لدعم المقاومة” سعيد ذياب، إلى ما سماه “التباين” في الموقف الرسمي بين قلقه من الإجراءات الإسرائيلية واستمرارية تعاطيه معها، “وبما يعكس طبيعة التفكير في مراكز صنع القرار، وبالانضباط في العلاقة مع الجانب الإسرائيلي رغم توفّر خيارات تُمكّنه من المناورة السياسية”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *