منذ الأيام الأولى للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، شن المستوطنون هجمات عنيفة طالت الفلسطينيين في مختلف مناطق الضفة الغربية، ونفّذ المستوطنون منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول حتى نهاية العام الماضي نحو 750 اعتداء ضد الفلسطينيين في مختلف مناطق الضفة المحتلة.
كما نزح -بسبب العنف الذي يمارسه المستوطنون في الضفة- 198 أسرة فلسطينية من نحو 15 مجتمعا رعويا بدويًا، وبواقع 1208 أشخاص منهم 586 طفلاً.
ويؤكد مدير التوثيق بهيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية أمير داود للجزيرة نت أن هناك زيادة كبيرة جداً وخطيرة في اعتداءات المستوطنين مقارنة بالسنوات الماضية، إذ بلغت منذ بداية أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى اليوم 745 اعتداء.
وقال أيضا إن عدد شبان الذين استشهدوا برصاص المستوطنين في مختلف مناطق الضفة منذ بداية 2023 بلغ 22 شهيدا، بينهم 10 شهداء منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وبحسب داود، فإن المواطنين منعوا من الوصول إلى نحو 134 ألف دونم من الأراضي الزراعية القريبة من المستوطنات لقطف ثمار الزيتون هذا العام، إضافة إلى 295 ألف دونم من الأراضي الواقعة خلف الجدار الفاصل.
زيادة وتيرة العنف
وذكر سهيل خليلية مدير وحدة مراقبة الاستيطان بمعهد أريج أنهم رصدوا منذ بداية 2023، في الضفة الغربية والقدس، أكثر من 200 مخطط إسرائيلي لبناء أكثر من 25 ألف وحدة استيطانية على أكثر من 13 ألف دونم.
وأضاف للجزيرة نت أنهم سجلوا أكثر من ألفي حالة اعتداء من قبل المستوطنين منذ بداية العام، وكانت النسبة الأكبر منها في الأشهر الثلاثة الأخيرة، مؤكدا أن هناك زيادة في عنف المستوطنين، في عدده ونوعيته، من حيث الاعتداء بالسلاح الناري والاعتداء الجسدي.
ومنذ معركة طوفان الأقصى، اتخذ وزراء بالحكومة الإسرائيلية عددا من القرارات، دفعت المستوطنين لزيادة اعتداءاتهم ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم، أبرزها خطة توزيع السلاح التي يمضي بها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وخطة المناطق العازلة في محيط المستوطنات التي يسعى خلفها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
تعطيل القوانين
من جهته، يؤكد الناشط في “مقاومة الاستيطان” بمنطقة جنوب نابلس بشار القريوتي للجزيرة نت أن وتيرة الاعتداءات في منطقة وسط الضفة زادت بشكل كبير، حيث يوجد تجمعات استيطانية تعيش فيها عصابات “تدفيع الثمن”. وأصبحت تستغل الوضع الأمني للانتقام من هذه القرى التي تعيش بين بؤر استيطانية متطرفة.
وأوضح القريوتي أن تسليح المستوطنين وتجنيدهم في الجيش منحهم كل الصلاحيات لإطلاق الرصاص على المواطنين واقتحام منازلهم وتخريب ممتلكاتهم، مشيرا إلى اعتداءات المستوطنين التي حدثت في بلدة قصرة قرب نابلس، والتي أسفرت عن استشهاد 5 مواطنين وجرح نحو 20.
ويلفت الانتباه إلى أمر شديد الخطورة وهو أن المؤسسات الحقوقية توقفت عن العمل، وكذلك توقفت الشرطة الإسرائيلية عن استقبال الشكاوى، ومنح المستوطنون كل وسائل الحماية من قبل الشرطة والجيش والحكومة.
وتاليا، رصد لبعض الانتهاكات والاعتداءات التي نفذها المستوطنون بحق التجمعات البدوية بالضفة، منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة.
وادي السيق
يعتبر تجمع “وادي السيق” البدوي شرق رام الله -الذي يؤوي نحو 40 أسرة فلسطينية- من أبرز التجمعات البدوية التي نزحت خلال الحرب على غزة.
ويروي عبد الرحمن كعابنة رئيس تجمع “وادي السيق” أن هجمات المستوطنين عليهم بدأت قبل عام، وتضمنت الهجوم على المراعي والبيوت والمواشي واعتقال الجيش للشبان، إلا أن الوضع اختلف بعد العدوان على غزة.
وفي حواره مع الجزيرة نت، قال كعابنة إن المستوطنين الذين تعودوا على مشاهدتهم بلباس مدني كرعاة للمواشي بالمنطقة ارتدوا لباس الجيش وصاروا مسلحين، وشرعوا باقتحام التجمع وفرض حظر التجول عليهم لدرجة منع الخروج من داخل الخيمة مسافة 10 أمتار.
وليلة 12 أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، هجموا على التجمع، واعتدوا بالضرب على الشبان، وأطلقوا النار في الهواء، وطردوا السكان ولم يسمحوا لهم بأخذ أي شيء سوى بعض المواشي.
وخلال تلك الليلة تم تهجير 40 عائلة، والاستيلاء على البيوت وخزانات المياه والسيارات والخلايا الشمسية وكل شيء “كان المشهد أشبه بالنكبة، حيث واصلنا السير 3 ساعات في الليل حتى وصلنا مشارف بلدة رمون شرق رام الله” كما يقول أحد السكان.
شرق خط ألون
ويفيد الصحفي فارس كعابنة أنه تم إخلاء جميع التجمعات الواقعة في الشريط الشرقي لخط “ألون” الاستيطاني الذي كان يفصل بين أراضي الضفة والمناطق المحتلة عام 1948، ويمتد وسط الضفة من حاجز “زعترة” جنوب نابلس وحتى حاجز “كرملو” شرق رام الله.
وقال للجزيرة نت إن هذه منطقة انتشار تاريخي للتجمعات البدوية ومركز للبداية الفلسطينية، مشيرا إلى أن عملية الإخلاء للتجمعات البدوية، بمنطقة شرق رام الله، بدأت منذ حوالي سنتين، وحتى اليوم تم إخلاء 11 تجمعاً بدويا، بعضها موجود منذ خمسينيات القرن الماضي.
وأوضح أن هذه التجمعات تعرضت لهجمات مستمرة، ومنع الوصول إلى مصادر المياه أو مناطق الرعي، وسرقت الأغنام والممتلكات، وعمليات الهدم مستمرة، فهي تعيش في حالة خطر دائم.
مسافر يطّا
لا يختلف المشهد في “مسافر يطا” جنوب الخليل، فبحسب منسق “لجان الحماية والصمود” فؤاد العمور، فإن ما يجري منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول سياسة إستراتيجية للاحتلال، حيث سيطر المستوطنون على جميع الأراضي التي كان ينوي الاحتلال السيطرة عليها قبل الحرب عبر الإدارة المدنية بحجج قانونية.
وقال إن المستوطنين رتبوا صفوفهم طوال السنوات الماضية، واستغلوا هذه الحرب، وصار معظمهم الآن من الجنود، وينتشرون في المنطقة بزي عسكري.
وقال العمور -في حواره مع الجزيرة نت- إن المستوطنين يمارسون عدة أشكال من الاعتداءات، أدت في المحصلة إلى رسم خارطة جديدة لجميع التجمعات في مسافر يطا، وتم تهجير تجمعي “زنوتا” وخربة ودادي وغيرهما بشكل كامل.
كما قام المستوطنون بوضع عدد كبير من الخيم على رؤوس الجبال، مما أدى للسيطرة على عشرات الدونمات من الأراضي المحيطة بها.
الأغوار الشمالية
أدت اعتداءات المستوطنين في الأغوار الشمالية لتهجير نحو 22 عائلة فلسطينية، تحديداً من مناطق جنوب “عين شبلي” وجنوب “النصارية” ومنطقة “سمره” و”الفارسية” و”خلة حمد”.
وبحسب الناشط الحقوقي في الأغوار الشمالية عارف دراغمة فإن هناك أكثر من 50 عائلة فلسطينية أخرى تخشى العودة على “مشاتيها” (مناطق تنتقل إليها خلال فصل الشتاء) في الأغوار بسبب عربدة المستوطنين.
عرب الرشايدة
ونفذ مستوطنون -بواسطة طائرة مسيرة- اعتداء جديدا طال خيمة الفلسطيني محمد عواد الرشايدة، في تجمع عرب الرشايدة شرقي بيت لحم، جنوب الضفة الغربية، مما أدى لاحتراق الخيمة، ونجاة ساكنيها بمعجزة.
ووصف مدير مكتب “هيئة مقاومة الجدار والاستيطان” بمحافظة بيت لحم حسن بريجة الاعتداء بالتطور الخطير وغير المسبوق، حيث تضمن سكب مواد حارقة الأربعاء يوم 27 ديسمبر/كانون الأول الماضي، مما أدى لاحتراق خيمة “الرشايدة” بينما نجا أفراد أسرته البالغ عددهم 9 أفراد.