“إعلان حرب على اللاجئين”.. غضب فلسطيني من قرار حظر “أونروا”

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

غزة/رام الله– “هو احنا ناقصين؟” استخدم أحمد السلطان هذا التساؤل الشعبي لإبداء غضبه ومخاوفه من موافقة الكنيست الإسرائيلي على مشروع قانون يحظر عمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في إسرائيل.

ويقول هذا اللاجئ النازح للجزيرة نت “أوضاعنا مأساوية حتى مع وجود الأونروا وخدماتها، فكيف سيكون حالنا إن حظرت إسرائيل عملها وقيدت نشاطها ووصولها للاجئين في مخيمات الضفة الغربية وقطاع غزة؟”.

وينحدر السلطان من عائلة لاجئة هاجرت من قرية “بربرة” إبان النكبة عام 1948، ويعيش منذ 6 أشهر في ما يصفها بـ “نكبة النزوح” عقب اضطراره للنزوح قسرا عن منزله في مخيم اللاجئين بمدينة رفح جنوبي القطاع، على وقع الاجتياح الإسرائيلي للمدينة في السادس من مايو/أيار الماضي.

ومنذ ذلك الحين يعيش السلطان حياة بائسة مع أسرته وأبنائه وأحفاده، في خيام متهالكة بمنطقة مواصي مدينة خان يونس، حيث تفتقر للبنية التحتية وأساسيات الحياة. وتؤوي المنطقة مئات آلاف الأسر النازحة، التي تعود جذورها أصلا لعائلات لاجئة تشرف “أونروا” على الخدمات المقدمة لها بالرعاية الصحية والتعليم والاحتياجات الأساسية منذ النكبة.

قيود وحظر

تفرض إسرائيل قيودا مشددة على عمل “أونروا” بشكل تأثرت به خدماتها المقدمة للغزيين، الذين يواجهون صنوفا من القتل والجوع خلال الحرب الإسرائيلية المتصاعدة، وبحسب السلطان فإن هذه القيود انعكست على حياته وحياة كل الغزيين، جراء توقف المساعدات الإنسانية منذ عدة شهور.

ووافق الكنيست، أمس الاثنين، على مشروع قانون يحظر على “أونروا” العمل في إسرائيل، وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه يتعين محاسبة موظفين في الوكالة الأممية بتهمة ما وصفه “أنشطة إرهابية” ضد إسرائيل.

وإن كان نص قرار الكنيست يشير إلى حظر عمل الوكالة في إسرائيل، فقد حذّرت أوساط فلسطينية من تداعياته على قضية اللاجئين والخدمات المقدمة لهم في الضفة والقطاع ومخيمات الشتات.

وتقدم وكالة “أونروا” خدماتها لأكثر من 5.5 ملايين لاجئ فلسطيني في مناطق عملياتها الخمس، بالضفة الغربية وقطاع غزة، ومخيمات الأردن ولبنان وسوريا.

ومن بين المستفيدين من خدمات الوكالة أكثر من 800 ألف لاجئ في الضفة، يعيش ربعهم في 19 مخيما، موزعة على مختلف المدن والقرى، كما أن أكثر من 70% من سكان القطاع البالغ تعدادهم مليونين و200 ألف هم من اللاجئين، ويتركز وجودهم في 8 مخيمات.

الدول المساهمة في تمويل وكالة الأونروا (الجزيرة)

عدوان كبير

وصف رئيس دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير أحمد أبو هولي القرار بأنه “حرب ممنهجة” على قضية اللاجئين، وفي تصريح مطول نشره على صفحته الرسمية بموقع “فيسبوك”، قال أبو هولي إن هذا القرار يهدف إلى “تقويض ولاية أونروا وتصفية قضية اللاجئين”، وأضاف أن “القوانين الإسرائيلية ستغلق الأبواب أمام التعامل مع أونروا كمنظمة أممية وتضعها هدفا للاحتلال”.

وشدد المسؤول الفلسطيني على أن “إسرائيل ليست صاحبة سيادة على أونروا، وهي ملزمة كسلطة احتلال باحترام ولايتها”، ودعا “المجتمع الدولي إلى إلزام سلطة الاحتلال بإلغاء قوانينها العنصرية” ضد الوكالة الأممية.

ويتفق مستشار وزير الخارجية الفلسطيني أحمد الديك، في حديثه للجزيرة نت، مع أبو هولي، بأن القرار بمثابة “عدوان ليس فقط على الشعب الفلسطيني، وإنما على الأمم المتحدة ووكالاتها المختصة”. وأضاف أن خطورته تكمن ليس فقط في كونه يستهدف بالدرجة الأولى اللاجئين وحرمانهم من خدمات المنظمة الدولية، إنما في إسقاط صفة اللجوء عن الفلسطينيين.

وقال إن القرار مرفوض بالنسبة لدولة فلسطين، موضحا أنه “توجد اتفاقيات بين دولة فلسطين والأونروا، وبالنسبة لنا هذا القرار غير  شرعي ولا ينطبق على الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها الضفة الغربية والقدس وغزة، وفق قرارات الشرعية الدولية”.

حرب الإبادة

ووصف مدير المخيمات بدائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير محمد عليان القرار بأنه “سابقة خطيرة”، محذرا من وقوع “كوارث نتيجة مثل هذه القرارات”، وتداعياتها على الضفة والقطاع، وسيؤثر على الموازنات الممنوحة للوكالة ويسهم في تجفيف مصادر تمويلها.

واعتبر في حديثه للجزيرة نت، أن التشريع الإسرائيلي يمارس “حربا ممنهجة ضد الأونروا لإنهاء عملها واستبدالها بوكالات أخرى، في سابقة خطيرة من دولة بصفة عضو كامل بالأمم المتحدة ضد منظمة أممية أنشئت بقرار من الجمعية العامة”.

وبدوره، قال رئيس “المرصد الأورومتوسطي لحوق الإنسان” رامي عبده للجزيرة نت إن “إصرار إسرائيل على إضفاء الصبغة القانونية على إجراءاتها المتلاحقة منذ سنوات ضد الأونروا يشكل إعلان حرب على مجتمع اللاجئين، وهم من أكثر الفئات ضعفا وحاجة للدعم الإنساني في المجتمع الفلسطيني”.

وأشار عبده أن هذا القرار يأتي في وقت تشتد ظروف اللاجئين والنازحين المعيشية تدهورا على كافة المجالات، بفعل حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة للعام الثاني في القطاع، وعملياتها العسكرية والحصار الشامل في الضفة الغربية”.

ويشدد على أن حظر أونروا وتقويض عملها بهذا الشكل -بعد سلسلة من الإجراءات السابقة بما في ذلك قتل 223 موظفا فيها وتدمير نحو ثلثي مرافقها في القطاع- “يشكل صفحة سوداء في تاريخ الأمم المتحدة، وعجزها عن حماية حتى وكالاتها وساحات عملها وقراراتها”.

وقد تصبح الوكالة الأممية عمليا “عاجزة -بفعل الإجراءات الإسرائيلية الجديدة- عن تقديم المساعدات الإنسانية والتعليم والخدمات الأساسية الأخرى”، وبالتالي حرمان ملايين اللاجئين من الغذاء والتعليم والعناية الصحية خاصة في القطاع، بحسب هذا الناشط الحقوقي.

ويرى عبده أن “إسرائيل تريد استغلال الصمت الدولي المشين على مجمل سياساتها، بالتخلص من أونروا مرة واحدة وللأبد، ومحو قضية اللاجئين، فضلا عن تكريس المجاعة في غزة، في إطار جريمة الإبادة الجماعية المستمرة لصالح مخطط إفراغ القطاع من سكانه وفرض التهجير القسري”.

يذكر أن وكالة “أونروا” تأسست بموجب قرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وتقدم برامج الإغاثة المباشرة والتشغيل للاجئين الفلسطينيين في مخيمات الداخل والشتات، وفي غياب حل لمسألة لاجئي فلسطين، عملت الجمعية العامة وبشكل متكرر على تجديد ولاية الأونروا، وكان آخرها تمديد عمل الوكالة لغاية 30 حزيران/يونيو 2026.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *