إصابات معتادة أم جرح لن يندمل؟ تأثير الحرب في غزة على العلاقات الأميركية الإسرائيلية

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 4 دقيقة للقراءة

تناول اثنان من الباحثين الأميركيين تأثير الحرب في غزة على العلاقات الأميركية الإسرائيلية، وتساءلا إن كانت التوترات الحالية بين البلدين ستنتهي بالعودة إلى ما قبلها أم إن تغييرا غير مسبوق سيحدث فيها؟

وقال الكاتبان آرون ديفيد ميلر، كبير الباحثين بـ”مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي”، ودانيال سي كورتزر، السفير الأميركي السابق لدى مصر وإسرائيل والمحاضر في الدبلوماسية وحل النزاعات بكلية الشؤون العامة والدولية في جامعة برينستون الأميركية، إن حالات التوتر في العلاقات بين البلدين ليست أمرا جديدا، وكانت تنتهي دائما بالعودة إلى ما قبلها، إلى ما سمياه بنظام التشغيل التقليدي للعلاقات بين البلدين.

وأوضحا أنهما يواجهان ضغوطا شديدة للإدلاء بإجابة بسيطة، لكنهما قلقان من استخلاص استنتاجات رئيسية من الوضع الحالي.

ظروف غير مسبوقة

وقالا إن المؤكد أن التوترات الحالية بين إسرائيل وأميركا تحدث في ظروف غير مسبوقة، لكنها أيضا يُحتمل أن تكون مؤقتة، فمن ناحية نجد أن نظام التشغيل التقليدي، الذي أبقى العلاقة بين الجانبين خالية من الكسور، يعمل بشكل مقبول منذ هجوم طوفان الأقصى، وكان الرئيس الأميركي جو بايدن أكثر دعما لإسرائيل وأهداف الحرب الإسرائيلية من أي رئيس آخر في تاريخ الولايات المتحدة.

ومن ناحية أخرى، يضيف الكاتبان، هناك قوى تلعب دورا تثير تساؤلات جدية حول العلاقة بين البلدين في المستقبل، فقد استندت هذه العلاقة إلى 3 ركائز حاسمة ترتبط ارتباطا وثيقا: القيم المشتركة، والمصالح المشتركة، وقاعدة قوية من الدعم المحلي، واليوم تتعرض هذه الركائز لضغط أكثر من أي وقت آخر في تاريخ العلاقة.

3 ركائز

أولا، لا تشارك الإدارة الأميركية ومعظم الأميركيين القيم مع الحكومة اليمينية الحالية الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل، فحتى قبل طوفان الأقصى، اتبعت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سياسات تتعارض مع القيم والمصالح الأميركية على وجه الخصوص، مثل ما سُمي بالإصلاح القضائي الذي يُعد محاولة للحد بشدة من سلطة القضاء الإسرائيلي، خاصة محكمته العليا، ويبدو أن طموحات التحالف الحاكم تقوض التزام إسرائيل بالديمقراطية.

ثانيا، لا يزال دعم الحزبين في أميركا الذي استمر لعقود قويا، لكن الجمهوريين والديمقراطيين منقسمون الآن أكثر من أي وقت مضى حول نوع إسرائيل التي يجب أن يدعموها، كما أصبح الديمقراطيون منقسمين بشكل متزايد، مع عدد صغير ولكن متزايد من التقدميين الذين يريدون فرض قيود وتكاليف على حكومة نتنياهو لمعاملتها للفلسطينيين.

ثالثا، على عكس أي حرب عربية إسرائيلية سابقة، وبشكل غير متوقع، فقد أدى الطابع الفريد للحرب الحالية في غزة إلى تعميق الانقسام الداخلي في أميركا، ويبدو الأمر كما لو أن المتظاهرين نسوا هجوم طوفان الأقصى القاتل على إسرائيل.

3 قضايا

واستمر الباحثان في القول إن هناك 3 قضايا قسّمت إسرائيل وإدارة بايدن نتيجة للسياسات والإجراءات الإسرائيلية، وهي: كيفية القيام بحملة عسكرية تقلل الخسائر في صفوف المدنيين، كيفية ضمان تقديم مساعدات كافية لمنع وقوع كارثة إنسانية، وماذا يحدث في اليوم التالي لانتهاء القتال؟

وأوضحا أنه على الأرجح، سيجد (نظام التشغيل الأميركي الإسرائيلي) طريقة لإدارة هذه القضايا -خاصة في عام الانتخابات- دون انقطاع مستمر أو كسر في العلاقة، ولكن ما مسارات توجهات الرأي العام داخل أميركا وخارجها؟ وإلى أي مدى تضررت صورة إسرائيل وسمعتها نتيجة للطريقة التي تنفذ بها الحرب في غزة؟ وهل ستتطور البيئة السياسية في الولايات المتحدة إلى النقطة التي يتساءل فيها عدد متزايد من الأميركيين الأصغر سنا عما إذا كانت إسرائيل تشكّل عبئا أكثر من كونها نافعة لمصالح الولايات المتحدة؟

وختم الكاتبان تحليلهما بالقول إن الإجابة على هذه الأسئلة أمر صعب، ولا توجد طريقة للتنبؤ بأي قدر من اليقين أو الدقة بمسار العلاقات الأميركية الإسرائيلية، ولا يمكن لأي عنصر واحد أن يكون حاسما، ولكن هناك شيء واحد يبدو واضحا تماما: تغيير القيادة في إسرائيل ستكون نقطة جيدة للبدء، وعلى الإسرائيليين أن يكفوا عن الاعتقاد بأن بإمكانهم الحصول على السلام والأمن دون مواجهة تداعيات الاحتلال، وعلى الفلسطينيين أن يكفوا عن الاعتقاد بأن إلحاق الألم بإسرائيل سيحقق بطريقة ما تقرير المصير والاستقلال الذي يستحقونه.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *