إسرائيليون على حدود لبنان: الحكومة أرسلتنا للموت وفشلت أمام حزب الله

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

القدس المحتلة– عاد التوتر الأمني المتصاعد على الجبهة الشمالية بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله إلى واجهة السجال في تل أبيب، حيث وُجهت انتقادات شديدة اللهجة إلى الحكومة الإسرائيلية حمّلتها مسؤولية الإخفاق في استعادة الأمن والأمان، وذلك في ظل استمرار نزوح عشرات آلاف الإسرائيليين من البلدات الحدودية بالجليل الأعلى.

وفي محاولة من المؤسسة العسكرية للتخفيف من حدة انتقادات والاتهامات بالفشل العسكري على الجبهة الشمالية قبالة حزب الله، أنهى الجيش الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، مناورة تحاكي شن هجوم واسع على لبنان.

وبموجب المناورة التي استمرت عدة أيام، أجرى جنود الاحتياط من “الكتيبة 5030” في “اللواء 228” -بحضور المراسلين العسكريين من مختلف وسائل الإعلام الإسرائيلية- تمرينا يحاكي هجوما في لبنان. ويرى المراسلون أن المناورة تحمل في طياتها رسالة مزدوجة للجمهور الإسرائيلي، وكذلك إلى حزب الله.

وقال قائد القيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي اللواء أوري غوردين للجنود في أثناء توجيه رسالة إلى حزب الله إن “التمرين جزء من أهمية زيادة جهوزيتنا واستعدادنا لتوسيع القتال والهجوم على لبنان، نحن أكثر استعدادا لهذا مما كنا عليه في أي وقت مضى، وعلى استعداد للهجوم إذا اضطررنا لذلك”.

وأشار غوردين إلى أنه “في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، خضنا الحرب دفاعا عن البيت والوطن، لقد تجند مئات الآلاف من شعب إسرائيل للقيام بهذه المهمة الدفاعية، وحتى الآن، يتم نشر عشرات الآلاف من الجنود للدفاع عن الحدود الشمالية لبلادنا”، حسب ما نقلت عنه صحيفة إسرائيل اليوم.

وفي رسالة وجهها إلى الإسرائيليين، خاصة سكان البلدات الشمالية الذين ينتقدون أداء الجيش ويتهمون الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو بالفشل، قال غوردين إنه “لا يزال هناك كثير مما يجب التعامل معه، من أجل النجاح في تحقيق النتيجة المرجوة المتمثلة في إبعاد حزب الله عن الحدود وتحسين الوضع الأمني، حتى نتمكن من إعادة سكان الشمال إلى منازلهم”.

تبادل القصف بين حزب الله وإسرائيل أجبر معظم المزارعين الإسرائيليين في الشمال على مغادرة مزارعهم (الجزيرة)

تصعيد أمني

لكن على أرض الواقع، وخلافا للمناورات وتصريحات العسكريين، فعندما ظهرت تقارير على وسائل التواصل الاجتماعي عن إطلاق حزب الله قذائف صاروخية على منزل في مستوطنة “كفار يوفال” الحدودية، كاد هاتف أمنون أفراهام أن يتعطل من كثرة الاتصالات، وقال أفراهام (صاحب مزرعة دجاج) “تلقيت مئات المكالمات الهاتفية والرسائل من العائلة والأصدقاء، الذين كانوا قلقين على سلامتي، وكانوا متأكدين من إصابتي”.

وسرد أفراهام -في حديثه لصحيفة يديعوت أحرونوت- الأسباب التي دفعته للبقاء في مزرعته رغم تصاعد التوتر الأمني وخطر الإصابة بالصواريخ التي تطلق من لبنان، قائلا: “يريدون مني أن أغادر، ولكن إذا غادرت، من أين سأغطي 200 ألف شيكل (55 ألف دولار) تكلفة الدواجن والطعام الذي اشتريته لهم؟”.

وفي ظل التصعيد الأمني على الحدود مع لبنان وتبادل القصف بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، فإن أفراهام يغادر باب منزله مرتين في اليوم فقط، وينظر بقلق إلى القرية اللبنانية المطلة عليه، ويركض إلى مزرعة الدجاج القريبة ليجمع البيض.

يربي أفراهام 5 آلاف دجاجة، ويوميا يجمع البيض ليغطي تكلفة الموسم الزراعي وديونه، لافتا إلى أن هناك 30 مزارعا اضطروا للبقاء في المزارع المجاورة للحدود من أصل المئات من المزارعين الذين فضلوا النزوح، قائلا إن “جاره إلياهو أيالون الذي اضطر للبقاء بالمزرعة، أصيب هذا الأسبوع منزله بقذيفة مضادة، وقتلت زوجته ميرا وابنه باراك”.

حياة الموت

ووفقا لأفراهام، “لقد فرضت إسرائيل عليّ وعلى الجميع هذا الوضع. الحكومة ترسلنا لنموت، إذ لم تعِد بأي حلول، كما أنها لم تتعهد بدفع كامل التعويضات عن الخسائر للمزارعين جراء التصعيد الأمني على الحدود الشمالية المتواصل منذ أكثر من 3 أشهر”.

تجلى هذا الواقع الذي سرده أفراهام خلال جنازة ميرا وابنها باراك -اللذين قتلا بقذيفة صاروخية مضادة للدبابات أطلقت من الجنوب اللبناني- وتم دفنهما في جنازة صغيرة في كفار يوفال، وأقيمت مراسم التشييع في مكان بعيد عن الحدود اللبنانية، حتى يتمكن أقاربهما من توديعهما من دون خوف.

في البلدات الإسرائيلية الواقعة على الحدود اللبنانية، تقول مراسلة صحيفة هآرتس في الشمال عدي هاشموني، “يشعر السكان بالمناطق الحدودية والجليل الأعلى أن حسن نصر الله هو الذي يحدد متى وأين يمكنهم دفن أحبائهم، وعدد المشاركين بالجنازة وموعد الدفن”.

جنازة سريالية

مع حلول المساء، انتهت مراسم التشييع بعيدا عن الحدود والتوتر الأمني. ومن جهته، يقول يورام مخلوف (ضابط الأمن في كفار يوفال) وهو يشعر بالإحباط: “لقد انتظرت العائلة المكلومة إذن الجيش بالذهاب إلى المقبرة لدفن أحبائها تحت جنح الظلام، وسمح فقط لـ10 أشخاص مع سترات واقية وخوذ بالدفن”.

ونقلت صحيفة هآرتس عن ضابط الأمن قوله إنه “أمر غير مقبول، حتى لا يتخيله العقل، لا يمكننا حتى إقامة جنازة بشكل صحيح. من المحزن أن تضطر عائلة إلى دفن الأم والابن في مراسم محدودة يحددها لنا نصر الله”.

كانت هذه الجنازة السريالية، يقول ضابط الأمن، “كأنها تذكير بالواقع الذي لا يمكن تصوره للعائلات المكلومة في المستوطنات الحدودية. ففي أصعب أوقاتهم، يُطلب منهم تجميع قواهم واحتواء المخاطر والاصطفاف، وفقا للقيود الأمنية التي أبعدتهم بالفعل عن منازلهم منذ أشهر”.

اتخذ الجيش الاسرائيلي تدابير احترازية على طول الحدود مع لبنان
مراسلون عسكريون يحذرون من أن مزيد من التصعيد في الشمال قد يقود لحرب حقيقية (الجزيرة)

تهديد أمني

وهذا الواقع الذي يعيشه عشرات الآلاف من سكان المستوطنات الإسرائيلية الحدودية يدلل على أن حزب الله يريد الإبقاء على القطاع الشمالي منطقة قتال نشطة، حسب قراءة المراسل العسكري لصحيفة “معاريف” طال ليف رام، وذلك رغم أن الجيش الإسرائيلي رفع مستوى العمليات العسكرية ضد حزب الله.

وأوضح المراسل العسكري أن إسرائيل استهدفت من تصعيد القصف والغارات على الجنوب اللبناني الإشارة إلى أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله، بأنها تأخذ في الاعتبار أيضا إمكانية حدوث مزيد من التصعيد على الساحة اللبنانية قد يؤدي إلى حرب حقيقية على الساحة الشمالية.

وتحت الضغط الشعبي، وفي ظل تشكيك الجمهور الإسرائيلي في تصريحات المستوى السياسي بأن حزب الله بات مردوعا، لا يستبعد المراسل العسكري أن يوسع الجيش الإسرائيلي عملياته وغاراته بالعمق اللبناني، لافتا إلى أن إسرائيل لا تستطيع أن تسمح لنفسها بوضع يعيش فيه سكان الحدود الشمالية والجليل الغربي تحت التهديد الأمني المستمر من لبنان. 

ويعتقد أن حزب الله يسعى إلى تسجيل إنجازات عسكرية في منطقة مزارع شبعا ضد الجيش الإسرائيلي، وذلك في ظل تعثر الوساطة الدبلوماسية للتوصل إلى تسوية على الحدود في الشمال. ويتوقع المراسل أن ترد إسرائيل وربما بتصعيد مستوى آخر من الهجمات ضد أهداف حزب الله لمنعه من تحقيق أي إنجازات في مزارع شبعا.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *