قال أكاديمي فرنسي إن جو بايدن، أول رئيس للولايات المتحدة يعلن نفسه صهيونيا، ما زال مصمما على البقاء مخلصا لالتزام دام أكثر من نصف قرن لصالح إسرائيل، وهو الآن رغم كونه “أقوى رجل في العالم” لم يتمكن من منع العملية العسكرية الإسرائيلية الجارية في رفح.
وتساءل أستاذ العلوم السياسية جان بيير فيليو -في عموده بصحيفة لوموند- عن سبب اختيار الديمقراطيين الأميركيين لجو بايدن الثمانيني لمواجهة الرئيس السابق دونالد ترامب الذي يصغره بـ4 سنوات، مبرزا أن سن بايدن ليست محل جدل أكثر من زلاته المتكررة والمثيرة للحرج، مثل خلطه بين حيفا ورفح عند حثه على عدم مهاجمة الأخيرة.
واستعرض فيليو سيرة بايدن (المولود عام 1942) الذي أصبح عضوا ديمقراطيا في مجلس الشيوخ في سن الـ30، ليقوم بأول زيارة إلى الخارج إلى مصر وإسرائيل عام 1973، فلم يستقبل في مصر إلا من قبل مسؤولين من الدرجة الثانية، وبدلا من ذلك كان لقاؤه في إسرائيل مع رئيسة الحكومة غولدا مائير “أحد أهم اللقاءات” في حياته، حسب رأيه.
وكثيرا ما يروي بايدن كيف كشفت له رئيسة الوزراء عن “سلاح إسرائيل السري”، قائلة “ليس لدينا مكان آخر نذهب إليه”، وكانت تكرر في وسائل الإعلام الأميركية أن “الأمة الفلسطينية” لا وجود لها وكذا “الشعب الفلسطيني”، وكانت تقول أيضا إنها “لا تستطيع أن تسامح الفلسطينيين على إجبارها على قتل أطفالهم”، وهو اقتباس يستخدم على نطاق واسع اليوم في إسرائيل، حسب الكاتب.
وعاد السيناتور الشاب بايدن متحمسا للغاية من إسرائيل لدرجة أنه أعلن نفسه “صهيونيا”، وظل يكرر ذلك علنا، موضحا في كل مرة أنه “ليس من الضروري أن تكون يهوديا لكي تكون صهيونيا”.
دعم بايدن حكومة مناحيم بيغن في غزوها لبنان عام 1982، رغم سقوط عديد من المدنيين، ووصل به الحماس لدرجة أن بيغن هو الذي اضطر أن يخفف من غلوه، مذكرا بايدن بأن أي طرف محارب مطالب بالحفاظ على النساء والأطفال.
لو لم تكن إسرائيل لاخترعناها
ودافع بايدن بحماس عن المساعدات العسكرية الهائلة لإسرائيل في الكونغرس، قائلا “إنه أفضل استثمار قمنا به على الإطلاق بقيمة 3 مليارات دولار. لو لم تكن هناك إسرائيل، لكان على الولايات المتحدة أن تخترع إسرائيل لحماية مصالحها في المنطقة”.
وصوت بايدن لصالح قرار الكونغرس بنقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس، وهي مبادرة من شأنها أن تنسف عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية الجارية آنذاك، قام بها اليمين الجمهوري لإحراج كل من الرئيس الأميركي بيل كلينتون ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين، الذي اغتيل بعد ذلك على يد متطرف يهودي.
وكرس الرئيس الأميركي الحالي أغلب طاقته الدبلوماسية في الشرق الأوسط لتحقيق التطبيع بين إسرائيل ودول عربية، بدلا من إعادة إطلاق عملية سلام إسرائيلية فلسطينية تستحق هذا الاسم.
وبذلك تنازل بايدن عن دور الولايات المتحدة بوصفها وسيطا تاريخيا، وفقا للكاتب، ولم يغير هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 شيئا في انحيازه، ليؤكد معه عدم قدرة بلاده على وقف المأساة المستمرة، والأسوأ أنه صدق كذبة “الإرهابيين الذين يقطعون رؤوس الأطفال”، قبل أن تنفيها أجهزته.
واعتبر فيليو أن قرار بايدن الأخير بتعليق شحنة عسكرية واحدة إلى إسرائيل بعد جسر جوي حقيقي يرقى إلى حد الاعتراف بشكل من أشكال القتال المشترك، إذ إن البيت الأبيض يدعي قدرته على ضبط نطاق وشدة الحرب التي تشنها حليفته في غزة.