أحمد مسعود في موسكو.. هل تدعم روسيا “جبهة المقاومة” وتدير ظهرها لطالبان؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

موسكو- زار زعيم جبهة المقاومة الشعبية الأفغانية أحمد مسعود العاصمة الروسية، والتقى بزعيم حزب العدالة ونائب رئيس البرلمان الروسي “الدوما” سيرجي ميرونوف. وحسب بيان للجبهة، ناقش الطرفان الأوضاع الأمنية والسياسية في أفغانستان، وتشكيل حكومة شاملة.

وقال ميرونوف بالمناسبة إن البرلمان الروسي سيعقد اجتماعا حول أفغانستان وسيلقي أحمد مسعود كلمة أمام النواب ومسؤولين روس.

وهذه هي المرة الأولى التي تستضيف فيها موسكو شخصية أفغانية معارضة لطالبان، فهل يكون ذلك ردًّا على الانتقادات التي توجه لدول مثل روسيا والهند وإيران، واتباع نصيحة عدم وضع كل البيض في سلة طالبان؟.

هل تدعم روسيا جبهة المقاومة؟

يقول الخبير في الشؤون الأمنية سنجر غفاري، للجزيرة نت، إن أحمد مسعود يحاول سلوك طريق والده الراحل أحمد شاه مسعود، ويسعى في بناء العلاقات مع حلفاء والده التقليديين مثل روسيا وإيران والهند وفرنسا، على أمل كسب دعمها في الوقوف أمام حركة طالبان.

ولكن الكاتب والباحث السياسي رجب كمال، قال إنه لا يعتقد أن زيارة واحدة معناها أن موسكو تدعم جبهة المقاومة، “فمجلس “الدوما” ليس لديه صلاحيات تنفيذية”.

ويضيف كمال للجزيرة نت “روسيا دولة مهمة، وربما حاولت أن تسمع من أحمد مسعود تقييمه للوضع الميداني والأمني في أفغانستان، وتنوي القول إن الروس يسمعون منكم فقط، ولا تريد أن تخسر طالبان على حساب شخصيات سابقة خرجت من المشهد الأفغاني بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان”.

من جهة أخرى يصف أمر الله صالح نائب الرئيس الأفغاني المنصرف أشرف غني (ويُعتبر من أشد معارضي الحكومة الحالية) زيارة أحمد مسعود إلى موسكو بـ”الخطوة المهمة والتطور السياسي والإستراتيجي”. وقال للجزيرة نت، إن بداية “العلاقات الرسمية” بين جبهة المقاومة وروسيا أمر لافت للغاية.

وأضاف صالح أن وجود زعيم الجبهة في البرلمان الروسي بدعوة من حزب العدالة يُعد علامة جيدة، وأن البرلمان الروسي له مواقف تتفق مع سياسات الكرملين، ووجود أحمد مسعود لم يكن ليحدث لولا التنسيق داخل الحكومة وهيئة صنع القرار في روسيا.

وعن رأي جبهة المقاومة في ذلك، قال مصدر فيها للجزيرة نت إن روسيا قوة لا يمكن تجاهلها ولها دور بارز في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولا يمكنها دعم جبهة المقاومة بسبب انشغالها في الحرب الأوكرانية، ويبدو أنها لا ترغب بفتح جبهة جديدة ضد طالبان قرب حدودها شمالي أفغانستان.

يقول خبراء إن أحمد مسعود يحاول بناء العلاقات مع حلفاء والده التقليديين مثل روسيا وإيران والهند وفرنسا (الفرنسية)

تأثير طالبان

يقول مصدر في الحكومة الأفغانية الجديدة، للجزيرة نت، إن استيعاب روسيا للنظام السياسي الجديد في أفغانستان يعكس تأثير ما يزيد عن عقد من الدبلوماسية السرية مع طالبان، ومع ذلك هناك تحفّظات روسية بشأن بناء العلاقات الدبلوماسية مع الحركة.

ويضيف المصدر ذاته أن الإستراتيجية الروسية في التعامل مع النظام الجديد في كابُل يجمع بين “الدبلوماسية والردع”، مما يسمح بالحفاظ على علاقات ودية مع طالبان، في حين تعمل على تهدئة المخاوف الأمنية لشركائها في آسيا الوسطى.

و يرى مراقبون أن زيارة مسعود تعد مؤشرا على أن طالبان في حد ذاتها لم تعد شريكًا مهمًا بالنسبة لروسيا، لذا أرادت موسكو إرسال الرسائل إلى الولايات المتحدة وطالبان على السواء. يقول الكاتب والباحث السياسي المقرب من جبهة المقاومة رزاق مأمون إن  الزيارة جاءت وفق خطة مدروسة وبالتنسيق مع الكرملين، وهي تفتح صفحة جديدة في العلاقات الأفغانية الروسية مفادها أن روسيا اعترفت بعد عامين من الصمت تجاه القضية الأفغانية بالمقاومة ضد حركة طالبان في أفغانستان.

علاقة تاريخية بين روسيا وطالبان

وقفت روسيا خلال حكم طالبان الأول لأفغانستان من 1996 إلى 2001 إلى جانب جبهة تحالف الشمال السابقة، ولعبت موسكو حينئذ دورًا محوريًا في اقناع دول آسيا الوسطى وإيران والهند بالوقوف مع الجبهة، وفعلا فتحت طاجيكستان أبوابها في تلك الفترة كما هي اليوم لجبهة المقاومة.

وفي عام 2003 صنفت موسكو طالبان على أنها جماعة إرهابية، إلا أنها حافظت على علاقات دبلوماسية غير رسمية طويلة الأمد مع الحركة. وفي عام 2007 أجرت روسيا محادثات سرية معها حول منع تهريب المخدرات من أفغانستان إلى آسيا الوسطى.

وتطورت العلاقات الروسية مع طالبان وظهرت إلى العلن عام 2015، حيث أنشأت موسكو قنوات اتصال مع طالبان لتبادل المعلومات في مجال مكافحة المخدرات ومحاربة تنظيم الدولة الذي ظهر في نفس العام شرقي أفغانستان.

وبعد أن أصبحت حركة طالبان هي السلطة الحاكمة في أفغانستان، تأمل روسيا في إقامة علاقات اقتصادية وأمنية، وتستبعد التعاون العسكري رغم رغبة الجانب الأفغاني في ذلك. كما تنظر موسكو إلى الحكومة الأفغانية الجديدة بزعامة طالبان على أنها شريك أساسي في مكافحة تنظيم الدولة.

وتؤكد موسكو على تشكيل حكومة شاملة في أفغانستان، حيث سيكون من الصعب عليها الاعتراف بالحكومة الأفغانية بقيادة طالبان، ويهمها وجود حلفائها التقليديين في السلطة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *