نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا عن التعاطف العميق الذي يكنه الرئيس الأميركي جو بايدن لإسرائيل وافتقاره إلى هذا التعاطف مع الفلسطينيين.
وأوردت الصحيفة ردود الفعل الغاضبة للأميركيين العرب والمسلمين وغيرهم على تصريحاته بشأن الحرب في غزة.
وأشار التقرير -الذي كتبه جون هدسون وياسمين أبو طالب- إلى أنه رغم أن البيت الأبيض يقول إن بايدن غالبا ما يدعو إلى حماية المدنيين الفلسطينيين فإن النقاد يرون خللا في لهجته، وإن الأميركيين العرب والمسلمين الذين صوتوا له في 2020 أكدوا أنهم يشعرون بالخيانة ولن يصوتوا له العام المقبل.
وأورد التقرير أحاديث بايدن في مناسبات مختلفة عن “فظائع” ارتكبتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضد الإسرائيليين خلال هجومها في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خاصة تلك التي يورد فيها تفاصيل تثير الخوف.
تباين صارخ في تعاطفه
وقال التقرير إن بايدن أعرب مرارا وتكرارا عن تعاطفه وحزنه لمعاناة الإسرائيليين، ومخاوف اليهود في جميع أنحاء العالم بعد هجوم حماس، وكسب تقديرا عميقا بين أنصار إسرائيل، لكن العديد من الأميركيين العرب والمسلمين بالإضافة إلى الناخبين الشباب والليبراليين المناهضين للحرب يقولون إن نفس التعاطف والقناعة غالبا ما كانا مفقودين في خطاب بايدن بشأن معاناة الفلسطينيين في غزة حتى مع ارتفاع عدد القتلى هناك إلى أكثر من 17 ألفا، بمن في ذلك آلاف الأطفال.
ونقل التقرير عن شبلي تلحمي الباحث في الشرق الأوسط بجامعة ميريلاند قوله إن بايدن بخلاف وصفه الواضح للهجوم المروع الذي شنته حماس على إسرائيل والضحايا الإسرائيليين نادرا ما تحدث عن الأطفال الفلسطينيين الذين مزقوا إلى أشلاء أو عن مئات الآلاف من الناس بدون ماء أو طعام، مضيفا أنه “يتحدث عن الفلسطينيين وكأنهم ضحايا لزلزال أو كارثة طبيعية، دون ربط ما جرى لهم بأفعال الحكومة الإسرائيلية وبدعمه”.
وذكرت واشنطن بوست أن مسؤولي البيت الأبيض يدافعون عن بايدن ويقولون إنه دعا إسرائيل مرارا وتكرارا إلى تجنب وقوع إصابات بين المدنيين، ودعا لزيادة المساعدات إلى غزة لتخفيف معاناة الفلسطينيين الأبرياء.
لكن العديد من القادة الأميركيين المسلمين والعرب يشعرون أن تعبير بايدن العاطفي وتعاطفه يختلفان اختلافا صارخا عندما يتحدث عن الإسرائيليين والفلسطينيين، خاصة مع تدهور الوضع الإنساني في غزة، فقد نزح نحو 80% من سكان غزة، ويفتقر عدد متزايد منهم إلى الضروريات الأساسية، وانتقد البعض بشكل خاص نفي بايدن الشهير أرقام الضحايا من وزارة الصحة في غزة.
نبرته محبطة للعرب والمسلمين
وأشار التقرير إلى أنه بالنسبة لبعض الأميركيين العرب والمسلمين تبدو نبرة بايدن الواقعية محبطة بشكل خاص من شخصية معروفة بقدرته على الارتباط بالمعاناة، حيث فقد زوجته وابنته الرضيعة في حادث سيارة في عام 1972، وتوفي ابنه بو بسبب سرطان الدماغ في عام 2015، مما مكنه في كثير من الأحيان من التحدث عن الحزن بتعاطف حقيقي.
لكن بايدن عندما يتحدث عن المعاناة والموت في غزة يحجم عن انتقاد إسرائيل بشكل مباشر، مما خلق تباينا متزايدا مع بعض موظفيه، وأصبح العديد من كبار المسؤولين في إدارته أكثر استعدادا للإشارة إلى المسؤولية الإسرائيلية والتحدث بشكل مثير للذكريات عن الحزن الفلسطيني منذ أن استأنفت حملتها العسكرية في غزة بضرب الجنوب بالضراوة نفسها التي ضُرب بها الشمال في وقت سابق.
وأشار التقرير إلى تصريح كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي خلال زيارة لها مؤخرا إلى الشرق الأوسط، إذ قالت “إن الكثير من الفلسطينيين الأبرياء قتلوا، بصراحة، حجم معاناة المدنيين والصور ومقاطع الفيديو القادمة من غزة مروع”.
كما أشار التقرير إلى تصريحات لوزير الدفاع لويد أوستن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن أظهرا فيها تعاطفا واضحا مع الفلسطينيين.
لا شروط على إسرائيل
ونقل التقرير أيضا اعترافات من مسؤولين أميركيين آخرين بأن التحذيرات الأميركية لإسرائيل بشأن الضحايا في جنوب غزة لم يتم الالتفات إليها، وأن إدارة بايدن لا تفرض شروطا على المساعدات الأميركية لإسرائيل والتي يمكن أن تزيد الضغط على تل أبيب.
وقال مساعدو بايدن لواشنطن بوست إن لدى الرئيس الأميركي ارتباطا عاطفيا مع إسرائيل وإيمانا بدورها كملاذ حيوي للشعب اليهودي، وهو شعور تطور على مدى عقود في الحياة العامة، بما في ذلك كرئيس للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ.
ويضيفون أن هجوم حماس على إسرائيل أثر على بايدن بشكل عميق، ففي خطاب ألقاه بعد 3 أيام استند بايدن إلى سطر يستخدمه كثيرا للتحدث عن الحزن، وقال “إنه يترك ثقبا أسود في صدرك عندما تفقد عائلتك، وتشعر وكأنك تغرق في الغضب والألم والشعور باليأس”.
وقد نالت هذه اللغة إشادة من العديد من القادة اليهود حتى في الوقت الذي ينتقد فيه نشطاء يهود أكثر ليبرالية الهجوم العسكري الإسرائيلي ويحثون بايدن على الضغط من أجل وقف إطلاق النار.
شعور بالجرح والخيانة
وأورد التقرير أن العديد من الناخبين العرب والمسلمين الأميركيين قالوا إن جرحهم الحالي وغضبهم ينبعان جزئيا من حقيقة أنهم دعموا بايدن في 2020 اعتقادا منهم أنهم كانوا ينتخبون شخصا ملتزما بحقوق الإنسان يمكنه التعاطف مع الحزن العميق الذي يشعرون به الآن.
وقال إمام المركز الإسلامي في ديترويت عمران صالحة إن العديد من المسلمين والعرب -بمن فيهم المسيحيون العرب والفلسطينيون- يشعرون بالخيانة.
وروى صالحة أن أحد الناشطين المسلمين -الذي كان نشطا جدا بترشيح الرئيس في عام 2020- كتب اسم بايدن على كعكة عيد ميلاده أثناء قيامه بحملة من أجله.