هل ينجح إضراب قيادات معارضة عن الطعام في تحريك ملف المعتقلين بتونس؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

قال سمير ديلو، عضو اللجنة التنفيذية لجبهة الخلاص الوطني التونسية وعضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين، إنه في ظل رفض مطالب الإفراج عن قيادات معارضة للرئيس قيس سعيد، لم يعد هناك مجال سوى الدخول في معركة الأمعاء الخاوية عبر الإضراب عن الطعام.

ولفت إلى أن مجموعة من القادة السياسيين، اعتقلوا منذ أكثر من 7 أشهر، وتم تمديد إيقافهم منذ شهر دون مبرر واقعي ولا قانوني، مع توجيه تهم التآمر على الدولة دون أي شهادات ولا قرائن، وتهم التخابر مع دبلوماسيين غربيين رغم تبرئة الأخيرين، وهو أمر لا يمكن وصفه إلا بالفضيحة القضائية.

جاء حديث ديلو خلال الحلقة التي خصصها برنامج “ما وراء الخبر” بتاريخ (2023/9/29) لاتهام هيئة الدفاع عن السجناء السياسيين في تونس قاضي التحقيق في قطب الإرهاب، بارتكاب “فضيحة قضائية”، على خلفية دخول رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في إضراب عن الطعام تضامنا مع خطوة مماثلة لعضو جبهة الخلاص جوهر بن مبارك.

وتشير الهيئة بذلك إلى ما تعتبرها “خروقات قضائية صارخة وغير مسبوقة” في التعاطي مع ملفات تتضمن تهما لمعارضين بالتآمر على أمن الدولة والتخابر مع دبلوماسيين غربيين والفساد المالي، مؤكدة أن تلك الملفات “قائمة على محتوى فارغ لا يستند إلى أدنى حجة أو دليل فضلا عن محجوزات تدين المعتقلين”.

وتساءلت الحلقة عن وجاهة وصف تعامل قاضي التحقيق مع ملفات المعتقلين السياسيين بالفضيحة القضائية، ودلالات ذلك في ظل ما آل إليه المشهد التونسي سياسيا وحقوقيا، ومدى فاعلية خطوة الإضراب عن الطعام في تحريك ملف المعتقلين السياسيين.

استغلال القانون

وفي حديثه لـ”ما وراء الخبر”، أضاف ديلو أن هيئة الدفاع، اضطرت في ظل هذا التعنت إلى طلب الاستماع للدبلوماسيين الأجانب الذين اتهمت قيادات المعارضة بالتخابر معهم، للوقوف على حقيقة هذه التهم، مستنكرا استغلال قانون مكافحة الإرهاب الصادر لمواجهة من رفع السلاح ضد الدولة، في معركة النظام مع معارضيه السياسيين.

ويرى عضو اللجنة التنفيذية لجبهة الخلاص أن تعامل النظام مع المعارضة “يفتقد المروءة”، حيث دفع أحد رموزها (الغنوشي) للإضراب عن الطعام وقد تجاوز الثمانين من عمره، إضافة لأستاذ قانون دستوري (بن مبارك)، وهو ما يعني فقدانا كاملا للثقة في النظام ومنظومته القضائية.

وسخر ديلو من حديث سعيد عن استقلالية القضاء متسائلا “من الذي ألغى استقلالية القضاء ورفض الانصياع لأحكام المحكمة الإدارية بإرجاع قضاة، واعتبار من برأهم شريكا لهم”، وأضاف، كيف سيمتلك قاضي التحقيق الشجاعة أمام سلطة يمكن أن تعزله في أي وقت.

وفيما تمر تونس بأزمة سياسية وأخرى اقتصادية خانقة، يتمسك الرئيس سعيد بأنه يسعى لتصحيح أهداف الثورة ومحاربة الفساد، نافيا أن يكون قد هيمن على كل السلطات ووظف القضاء لقمع معارضيه، وفق ما يتهمه به المعارضون.

في المقابل، يرى الكاتب والمحلل السياسي التونسي محمد ذويب، أن بلاده لم تعد دولة تحكمها جهات خارجية كما كانت في السابق، سواء الاتحاد الأوروبي أو فرنسا أو تركيا أو غيرها، على حد تعبيره.

مصادم للواقع

واعتبر في حديثه لما وراء الخبر، اتهام القضاء بأنه مسيس يصطدم بالواقع، حيث لم ينحصر التوقيف على قيادات حزب النهضة أو غيرهم من المعارضين، وإنما طال رجال أعمال فاسدين كانوا مقربين من نظام الرئيس المخلوع، زين العابدين بن علي.

واعتبر توقيت الإضراب الحالي “ليس بريئا” لتزامنه مع إحالة ملف الجهاز السري إلى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، مشيرا إلى أن عقد عشرات المعارضين ندوات صحفية في حرية كاملة يتعارض مع اتهام النظام بإرهاب معارضيه، لكنه شدد على أن أي حوار لا يمكن أن يشارك فيه “المتآمرون على أمن الدولة” على حد تعبيره.

بدوره، يرى فرانسوا دوروش، رئيس جمعية “عدالة وحقوق بلا حدود” أن العالم الحر وكل المنظمات الدولية تشعر بدهشة لما يحدث في تونس، حيث لم يعد أحد يثق بنظامها بعد التغييرات الأخيرة التي أجراها سعيد، وجعل من تونس بلدا مفتقرا للحريات المختلفة.

وأضاف أن الكل يرى أن المعتقلين في السجون الذي يقول النظام إنهم مجرمون، هم رجال سياسة معارضون، وأنهم في السجن لسبب واحد، هو عدم وجود حرية للتعبير والرأي، عازيا اعتقالهم إلى حرص النظام على تغييب أي شخصيات مؤثرة قبل انتخابات 2024.

واعتبر دوروش ما يحدث للمعارضة التونسية “أمرا مخجلا”، حيث لم يعد أمامهم إلا الإضراب عن الطعام، في ظل إغلاق دول أوروبا أعينها عن هذه الانتهاكات، لأنها -حسب قوله- لا تريد ديمقراطية في هذا البلد بدعوى أنها ستأتي بحزب إسلامي، بينما المناسب لها أن يكون النظام رئاسيا دكتاتوريا.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *