لندن- يحاول حزب العمال وزعيمه كير ستارمر إصلاح ما يمكن إصلاحه في علاقة الحزب مع الكتلة الناخبة الغاضبة من موقف الحزب من الحرب على قطاع غزة، ومن الدعم الذي أظهرته قيادة الحزب لإسرائيل وجرائمها في حق أهالي القطاع، وذلك من خلال التنصيص في البرنامج الانتخابي للحزب -الذي سيعلن عنه نهاية هذا الأسبوع- على الاعتراف بدولة فلسطين.
وبقراءة الفقرة الخاصة بموقف الحزب من القضية الفلسطينية، يظهر أن هناك تلاعبا بالكلمات في محاولة لإرضاء أنصار فلسطين، وفي الوقت نفسه عدم إغضاب اللوبي الإسرائيلي في بريطانيا، مما جعل ردود الفعل متباينة حول التزام حزب العمال بالاعتراف بفلسطين.
نصف وعد
جاء في برنامج حزب العمال أن الاعتراف بالدولة هو حق لا محيد عنه بالنسبة للفلسطينيين، وأن الحزب يتعهد بالاعتراف بدولة فلسطين بالتنسيق مع الشركاء الدوليين، وذلك خلال مسار مفاوضات يقود إلى حل الدولتين وإحلال السلام، إضافة للسعي إلى إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة وإطلاق سراح المحتجزين والعمل على وقف إطلاق النار.
هذا الالتزام يعتبر حسب مراقبين، تراجعا عن الالتزام الذي سبق لحزب العمال أن أقره في عهد زعيمه السابق جيرمي كوربن، إذ وعد بالاعتراف الفوري بدولة فلسطين في حال فوز العمال في انتخابات عام 2019.
واختار ستارمر أن يتقاطع مع ما أعلنه وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون الذي قال -بداية هذا العام- إن بريطانيا تدرس الوقت المناسب لإعلان الاعتراف بدولة فلسطين، مما يعني أن حزب العمال لم يقدم الشيء الكثير مقارنة مع حكومة حزب المحافظين، إذ ترك الباب مفتوحا أمام التوقيت المناسب لهذا الاعتراف الذي سيبقى رهينا بالموقف الأميركي من الموضوع.
بين الترحيب والرفض
تباينت ردود الفعل من موقف حزب العمال بالاعتراف بدولة فلسطين بين مرحب ومعارض، واستبق اللوبي الإسرائيلي الإعلان الرسمي عن التزام حزب العمال بالاعتراف بدولة فلسطين بموجة هجوم على زعيم الحزب ستارمر، وتزعم هذه الحملة ما يعرف بمجلس القيادة اليهودي (جي إل سي) الذي يضم منظمات مؤيدة لإسرائيل.
وقال المجلس في بيان له إن ستارمر تسرع في قراره، وإن إعلان التزامه بالاعتراف بدولة فلسطين هو في نهاية الأمر “مكافأة لحركة حماس”.
وقال المجلس إن ما يجب على حزب العمال القيام به هو أن يقول صراحة إنه لن يعترف بدولة فلسطين إلا بعد انتهاء “مفاوضات السلام بين الطرفين وليس قبل ذلك”.
وكالعادة لعب المجلس -الذي يعتبر من أذرع اللوبي الإسرائيلي في بريطانيا- على وتر أن هذه الخطوة “هي تشجيع لحركة حماس للقيام بأفظع الأفعال مقابل الحصول على ما تريد”.
في المقابل كان دال فانسي -وهو أحد أكبر المانحين لحزب العمال وأحد أكبر الداعمين لفلسطين والمنتقدين لإسرائيل- من أشد المرحبين بالقرار، وكان من أكثر الشخصيات البريطانية المعروفة التي ضغطت على قيادة حزب العمال من أجل القيام بهذه الخطوة.
وفي تغريدة له على موقع إكس قال رجل الأعمال البريطاني إن إعلان كير ستارمر التزامه بالاعتراف بدولة فلسطين هي خطوة في الاتجاه الصحيح وإن “هناك ضغطا يتزايد من أجل إنهاء هذه الحرب المروعة وكذلك إنهاء أكثر من الاستعمار غير القانوني الذي عمر لأكثر من 50 سنة وجعل حل الدولتين هو الحل الوحيد الواقعي”.
شبكة المسلمين في حزب العمال (تضم البرلمانيين وأعضاء الحزب من المسلمين)، لم ترحب بموقف الحزب، وعلقت على حسابها في موقع إكس “نريد اعترافا فوريا بفلسطين”.
وقال عضو في الشبكة -فضل عدم الكشف عن هويته- للجزيرة نت إن “ما قام به كير ستارمر أضعف موقف حزب العمال من القضية الفلسطينية، ولهذا لا ينبغي الاحتفاء به. توقعنا أن يحافظ ستارمر على الموقف نفسه وهو الاعتراف الفوري بدولة فلسطين في حال فوز حزبه بالانتخابات، لكن ما تم الإعلان عنه لا يرقى لمستوى الحدث”.