القدس المحتلة- أعاد إدراج أسيرات ومعتقلات من فلسطيني 48 اعتقلن بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ضمن مراحل صفقة التبادل بين حركة حماس وإسرائيل إلى الواجهة، المطلب بتحرير الأسرى القدامى من الداخل الفلسطيني ضمن الصفقة الشاملة.
ويأتي هذا وسط سجال وتحذيرات بأوساط الفعاليات السياسية والحزبية والحقوقية لفلسطينيي 48، خشية من التداعيات القضائية والقانونية التي قد تفضي إلى إسقاط الجنسية وسحب المواطنة عن المعتقلات بحال شملتهن الصفقة، علما أنه لم تتم إدانتهن في المحكمة أو تقديم لوائح اتهام ضدهن.
وتعتقل إسرائيل في سجونها 46 فتاة من فلسطينيي 48 يحملن الجنسية الإسرائيلية، حيث اعتقلن بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول بزعم التماهي مع حماس والتحريض على “الإرهاب” على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث حث رئيس لجنة المتابعة العربية العليا، محمد بركة، في بيان له عائلات المعتقلات الحصول على استشارة قانونية لفهم التداعيات القانونية والشخصية في حال تم شمل المعتقلات ضمن صفقة التبادل.
وفي السياق القضائي، حذر مدير المركز الحقوقي “عدالة” المحامي حسن جبارين، من خطر وتداعيات إدراج المعتقلات من البلدات العربية بالداخل اللواتي لم يقدم ضدهن لوائح اتهام، ضمن صفقة التبادل، لافتا إلى أن قانون المواطنة يمنح وزارة الداخلية الإسرائيلية إمكانية لسحب المواطنة وإسقاط الجنسية عن المعتقلات، أو الملاحقة والمنع من التعليم والسفر وفرض الإقامة الجبرية عليهن مستقبلا.
معايير أخلاقية وإنسانية
وتعليقا على شمل صفقة التبادل أسيرات ومعتقلات من فلسطينيي 48، قالت سناء سلامة زوجة الأسير وليد دقة (62 عاما) من بلدة باقة الغربية بالداخل الفلسطيني إن “أي صفقة تبادل يجب أن تعتمد على معايير قانونية وأخلاقية وإنسانية، فهناك بالأسر والسجون الإسرائيلية أشبال ونساء وأسرى مرضى وكبار بالسن، وكذلك القدامى من الأسرى الذين قضوا عقودا بالأسر، والصفقات يجب أن تشملهم جميعا”.
وأوضحت سلامة في حديثها للجزيرة نت أنه من دون هذه المعايير لا يوجد قيمة ومعنى لأي صفقة، مشيرة إلى أن الظروف والأوضاع التي نشأت بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول تؤكد أنه حان الوقت لصفقة شاملة لتحرير جميع الأسرى القدامى وأصحاب المحكوميات العالية من الداخل الفلسطيني والقدس والضفة الغربية وقطاع غزة.
وتعتقد المتحدثة ذاتها أن على الفصائل الفلسطينية وحماس والوسيط القطري أن يأخذوا بعين الاعتبار هذه المعايير والتوصل إلى صفقات تبادل شاملة، حتى وإن كانت على مراحل تفضي في نهاية المطاف إلى تبييض السجون الإسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين والعرب.
وطالبت زوجة الأسير وليد دقة -المعتقل بالسجون الإسرائيلية منذ أكثر من 38 عاما ويعيش الموت البطيء بسبب سياسات الإهمال الطبي المتعمد- المفاوض الفلسطيني والوسيط القطري لشمل أسرى الداخل الفلسطيني والأسرى القدامى والمرضى والكبار بالسن ضمن صفقة التبادل، على أن يكونوا على رأس قائمة المفرج عنهم بعد تبييض السجون الإسرائيلية من الأسيرات والأشبال.
وأدانت سلامة ممارسات التنكيل الإسرائيلية بالأسرى والتصعيد ضدهم في غياهب السجون منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وعزلهم عن العالم الخارجي وحرمانهم العلاج الطبي والزيارات العائلية والطعام وسحب منجزاتهم ومنعهم لقاء المحامين، مشيرة إلى أن هذه الممارسات بمثابة إعدام بطيء للأسرى، وبالتالي صفقة التبادل هي تحريرهم وإعادتهم إلى الحياة.
صفقة تشمل الجغرافيا الفلسطينية
الطرح ذاته تبناه الكاتب والمحلل السياسي أمير مخول، الذي يعتقد أن الظروف التي حصلت والتطورات بعد السابع من أكتوبر/تشرين الاول، توحي بأن صفقات التبادل يجب أن تشمل كافة الجغرافيا الفلسطينية، لافتا إلى أن إدراج أسيرات ومعتقلات من فلسطينيي 48 ضمن مراحل صفقة التبادل مؤشر إلى ذلك.
وأبدى مخول، وهو أسير محرر، في حديثه للجزيرة نت، تفهمه للتخوفات التي أبدتها عائلات الأسيرات والمعتقلات من الداخل الفلسطيني والتحذيرات للجنة المتابعة العليا والجمعيات والمؤسسات الحقوقية من إدراج معتقلات ضمن الصفقة، من منظور المفهوم القانوني والمواطنة، وإمكانية سحب الجنسية الإسرائيلية ممن تشملهن الصفقة.
ولفت إلى أنه على مدار تاريخ حركة الأسرى، كانت الصفقات تشمل كل الجغرافيا الفلسطينية، وكانت تنجز بحسب معايير الأقدمية ومدى سنوات الحكم، وكل ما عدا ذلك يخضع للمستوى والقرار الشخصي لعائلات الأسرى والأسيرات.
لكن في ظل التطورات والمستجدات والظروف التي نشأت، يقول مخول إن “المؤشرات توحي بإمكانية التوصل إلى صفقة شاملة، تعطي الأولوية للأسرى المرضى وكبار السن وأسرى الداخل الموجودين بالأسر ما قبل اتفاقية أوسلو، والأسرى القدامى وأصحاب الأحكام العالية حتى تبيض السجون، وهذا يعود إلى المفاوض الفلسطيني”.
وفي حالة السجال بالداخل الفلسطيني حيال إدراج معتقلات من فلسطيني 48 ضمن مراحل صفقة التبادل، أشار مخول إلى أن التخوفات تنبع بالأساس من النية الإسرائيلية المبيتة، المتمثلة في الملاحقة ومنع التعليم وإمكانية سحب إسرائيل المواطنة والجنسية والتحريض من اليمين وتصاعد العداء ومحاولة الزج بفلسطينيي 48 في خندق التماهي مع حماس واتهامهم بدعم الإرهاب.
ملاحقات مستقبلية
من جانبه، استعرض المحامي عبد جابر الذي يمثل 15 معتقلا ومعتقلة من فلسطينيي 48، اعتقلوا بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول بزعم التماهي مع حماس والتحريض على “الإرهاب” عبر شبكات التواصل الاجتماعي، الجانب القضائي من وجهة نظر القانون الإسرائيلي والتداعيات القانونية التي يمكن أن تؤثر في من يتحرر من المعتقلين والمعتقلات بموجب صفقة التبادل مع حماس.
وأوضح جابر للجزيرة نت أن عائلات الفتيات المعتقلات تجد نفسها بين نيران الأسر بالسجون الإسرائيلية بالذات بظروف الحرب وحالة الطوارئ، ومخاوف التحرر بموجب الصفقة مع حماس، فالغالبية العظمى من العائلات تريد أن تعود إليها بناتها، وتتحرر من السجون رغم المخاوف من التداعيات والملاحقات المستقبلية.
ويتفهم المحامي جابر هذه التخوفات للعائلات والتحذيرات للحقوقيين ولجنة المتابعة والفعاليات السياسية والحزبية من الملاحقة التي قد تتعرض لها المشمولات بالصفقة، حيث لا يستبعد مسار سحب الجنسية والمواطنة حتى من بقي رهن الاعتقال والمحاكمة قبالة القضاء الإسرائيلي.
وعزا المحامي جابر هذه التقديرات إلى إمعان السلطات الإسرائيلية وتماديها بعد أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول إلى توظيف واستعمال قانون “مكافحة الإرهاب” المعمول به منذ العام 2016، لافتا إلى أن التلويح الإسرائيلي بسحب الجنسية والمواطنة من فلسطينيي 48 تصاعد حتى قبل الحديث عن أي صفقة، وقبل أن تشمل الصفقة أي معتقلة عربية تحمل الجنسية الإسرائيلية.
وأوضح المحامي جابر أن السلطات الإسرائيلية تكيل بمكيالين عندما تستخدم قانون “مكافحة الإرهاب”، حيث تستخدمه فقط ضد المواطنين العرب، بينما امتنعت من سريانه على الكثير من اليهود الذين نفذوا اعتداءات على المواطنين العرب حملة الجنسية الإسرائيلية، وتمادوا بالتحريض الدموي عليهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي لدرجة أن بعضهم طالب بطردهم وتهجيرهم.