جاكرتا– أكد نائب الرئيس الإندونيسي معروف أمين في تصريحات له خلال زيارته لنيوزيلندا، أن بلاده “لن تؤسس أي علاقة دبلوماسية مع إسرائيل قبل تحقيق أي تسوية شاملة، تضمن للفلسطينيين دولة مستقلة”، وهو ما ستظل إندونيسيا تدعم كفاح الشعب الفلسطيني لتحقيقه، في المحافل الدولية السياسية والإقليمية والقضائية.
وأكد أمين، وهو الرئيس السابق لمجلس العلماء الإندونيسي، أن بلاده ستظل “جزءًا من الحل لا مصدرا لأي مشكلة”، داعيا الحكومة النيوزيلندية إلى “العمل معا على إنجاح الجهود الدولية الساعية لوقف إطلاق النار، وإيصال المساعدات للفلسطينيين، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي”.
ووصف أمين إسرائيل بأنها “أكبر سجن في العالم للشعب الفلسطيني”، مستنكرا الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، مذكرا بأن بلاده لم تغير موقفها من القضية الفلسطينية منذ مؤتمر آسيا وأفريقيا المنعقد في إندونيسيا عام 1955، وقال بأن هناك دولا طبعت علاقاتها مع إسرائيل و تريد التأثير على موقف إندونيسيا لتتخذ الموقف نفسه، لكنه قال بأن “إندونيسيا ثابتة على موقفها الرافض لذلك”.
تطبيع إندونيسي
تأتي تصريحات أمين بعد أيام من نشر موقع “جويش إنسايدر” اليهودي الأميركي تقريرا مطولا، أشار إلى أن إندونيسيا كانت في طريقها إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأن الترتيبات لذلك كانت ستتم في نفس الشهر الذي انطلقت فيه معركة طوفان الأقصى، واعتبر التقرير أن هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول أخرت تحقق ذلك، بحسب مصادر كانت مشاركة في المحادثات بين البلدين، وذكرت ذلك للموقع.
كما ذكر التقرير أنه تم الاتفاق على مسودة بين مسؤولين إسرائيليين وإندونيسيين، لتبادل افتتاح مكاتب تجارية أو مكاتب اتصال تقدم خدمات قنصلية أيضا، بالتزامن مع افتتاح مكتب تجاري في رام الله، كخطوة تمهيدية لتطبيع العلاقات الدبلوماسية، وكان من المفترض حسب الموقع اليهودي الأميركي أن يكون الإعلان عن ذلك في أكتوبر/تشرين الأول أو نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، مع افتراض أن ردة الفعل ستكون أقل لو اتخذ القرار في فترة متقاربة مع إقدام دول عربية أخرى على التطبيع.
ويزعم التقرير أن أندي ويجايانتو، وهو الذي كان يترأس الهيئة الوطنية الإندونيسية للدفاع حتى 16 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قد التقى بمسؤولين إسرائيليين ومسؤول في الخارجية الأميركية في القدس في سبتمبر/أيلول الماضي، وأنهم كانوا يعملون على مسودة مذكرة تفاهم بين البلدين، كما نشر الموقع صورة لمن حضروا أحد تلك اللقاءات.
وكان ويجايانتو قد ترك في الشهور الأخيرة دوائر الرئيس جوكو ويدودو، وانضم للحملة الرئاسية لحزب النضال من أجل الديمقراطية، الذي رشح غانجار برانوو، وهو مرشح مختلف عن الذي أيده الرئيس الحالي جوكو ويدودو، وقد حاولت الجزيرة نت الوصول إلى ويجايانتو لكن لم يأتنا رد منه حتى كتابة هذا التقرير.
ويشير التقرير إلى أن ما وصفها بـ”مسودة مذكرة التفاهم بين البلدين” أشارت إلى جوانب من مجالات التعاون الاقتصادية والتجارية والتقنية، وتحسين الحياة اليومية للفلسطينيين، والعمل على تسوية سلمية للصراع، وتحدث التقرير عن وثيقة أخرى تشير إلى تبادل الخدمات القنصلية، لتسهيل منح تأشيرات تجارية للمواطنين من البلدين.
كما أشار إلى أن مسارات اتصال أخرى كانت قائمة قبل شهور من الانتخابات الإندونيسية التي جرت منتصف الشهر الماضي، وذكر أن المفاوضات بين البلدين استغرقت 4 أشهر، وأن مسارات تجارة بينية قائمة في مجال التقنيات الزراعية، وأن اليهود الأميركيين المقيمين في جاكرتا أسهموا في تأسيس تلك العلاقات، وختم بالقول بأن الدبلوماسيين المتابعين لهذا الملف يقرون بأن عليهم الانتظار بعد حرب غرة، “لأن التوقيت يمثل إشكالية حاليا”، وأنه لابد من انتظار الوقت المناسب.
نفي رسمي
وبعد أن نقلت وسائل إعلام إندونيسية عديدة التقرير المذكور، جاء الرد من القصر الرئاسي الإندونيسي بنفي سعي إندونيسيا إلى تأسيس علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وقال منسق موظفي مكتب الرئاسة آري دوي بايانا إن “كل القصة التي أوردها التقرير المذكور آنفا غير صحيحة”.
ونفى المسؤول في القصر الرئاسي بشدة الخبر بأن الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، الذي تنتهي ولايته الثانية في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، قد أرسل مبعوثا خاصا لمناقشة إنشاء قنوات تواصل مع إسرائيل، بهدف تطبيع العلاقات معها.
وأضاف آري في تصريحات للصحفيين بأن “الرئيس أوكل لوزيرة الخارجية ريتنو مرسودي إيصال موقف الحكومة، أو بالتنسيق معها”، وأن الموقف الرسمي للرئيس الإندونيسي بما يخص علاقات الدولة الخارجية يأتي على لسان وزيرة الخارجية.
وفي تواصل للجزيرة نت مع الخارجية الإندونيسية، قال لالو محمد إقبال أحد المتحدثين باسم الوزارة بأن “الخارجية الإندونيسية ليس لديها أي علم بشأن اللقاء المذكور في التقرير المنشور”، وأشارت الخارجية إلى أن ما تقوم به وزيرتها يأتي تنفيذا لتوجيهات الرئيس جوكوي، وأن ما تقدم عليه الوزيرة يُرفع في تقاريرها للرئاسة، وأن الرئيس ووزيرة الخارجية هما من يمثلان الدبلوماسية الإندونيسية.
يشار إلى أن الخارجية الإندونيسية وفي آخر تصريحات لها السبت، استنكرت مجددا إطلاق النار من قبل الإسرائيليين واعتداءاتهم على المدنيين في غزة، الذين كانوا يسعون للحصول على بعض المساعدات، وتساءلت الخارجية في بيانها “ألا تكفي هذه المأساة الإنسانية لإقناع مجلس الأمن في الأمم المتحدة للاتفاق على قرار بوقف إطلاق النار؟”.
وذكّرت الخارجية الإندونيسية مجلس الأمن بأنه “ليست هناك دولة فوق القانون”، ودعت إندونيسيا جميع الدول إلى وقف توفير السلاح لإسرائيل، من أجل العدالة والإنسانية.