هل تنجح قوة الساحل الجديدة في محاربة المجموعات المسلحة بأفريقيا؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 8 دقيقة للقراءة

النيجر، مالي، وبوركينا فاسو، يحكمها 3 شبان عسكريين، تمردوا على النخب الحاكمة وخرجوا من عباءة فرنسا والغرب عموما، ولكنهم يواجهون حركات ومجموعات مسلحة تتحرك في مساحات شاسعة، فهل يتمكنون من دحرها وتحقيق الاستقرار لبلدانهم؟.

في السادس من مارس/آذار الجاري، وقع العسكريون الـ3 اتفاقا يقضي بإنشاء قوة دفاعية مشتركة لمحاربة “الجماعات الإرهابية والحركات المسلحة التي تنشط في الصحراء، وتقوض جهود الاستقرار والسلام في المنطقة”.

وكانت الدول الـ3 قد دخلت في سبتمبر/أيلول عام 2023 في تحالف عسكري من أهدافه الرئيسية الوقوف في وجه التهديدات المشتركة والتي يعتبر الإرهاب والحركات الانفصالية من أخطرها.

أرقام عالمية

وتصنف منطقة الصحراء والساحل كبؤرة للعنف والتطرف، فمنذ عام 2017 تضاعفت الأحداث المرتبطة بالحركات المسلّحة في مالي وبوركينا فاسو وغرب النيجر إلى 7 أضعاف.

ووفقا لبيان “مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2023″، فإن “بوركينا فاسو تحتل المرتبة الثانية بعد أفغانستان، بينما تأتي مالي والنيجر في قائمة الدول الـ10 الأكثر سوءا في العالم من حيث الإرهاب والعنف والتطرف”.

واستنادا لتصريحات سابقة للرئيس التنفيذي لمعهد الاقتصاد والسلام ستيف كيليليان، “فإن المنطقة عرفت سنة 2023 قفزة بنسبة 8% في مجموع قتلى الإرهاب، ووفقا للمصدر ذاته فإن نسبة 52% من ضحايا الإرهاب عالميا، تقع في مالي وبوركينا فاسو.

وتنشط في منطقة الساحل جماعات مسلحة متعددة تتباين خلفياتها ومنطلقاتها، فمنها الحركات ذات البعد الأيديولوجي مثل بوكو حرام وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة الجهاد والتوحيد في غرب أفريقيا، ومنها تلك التي يمكن تصنيفها من خلال أهدافها وانتمائها الجيوسياسي مثل الحركات الانفصالية في مالي والنيجر، ومجموعات الدفاع عن النفس في بوركينا فاسو ونيجيريا.

وبعد موجة الانقلابات في عام 2020 في منطقة الساحل وخروج القوات الفرنسية والأممية من مالي والنيجر، زادت الجماعات المسلحة من نشاطاتها مستغلة الفراغ الذي أحدثه خروج القوات الغربية التي كانت تعمل من أجل بسط السلام في المنطقة.

جنود من القوات المسلحة المالية في منطقة ديابالي بوسط البلاد (رويترز)

قوة مشتركة

وفي محاولة لسد الفراغ الذي أحدثه خروج القوات الفرنسية والأممية من مالي، وقعت مالي والنيجر وبوركينا فاسو ميثاق ليبتاكو غورما في 16 سبتمبر/أيلول 2023 والقاضي بإنشاء تحالف دول الساحل، والذي من ضمن أهدافه “محاربة الجماعات الإرهابية التي تنشط في المنطقة الحدودية المشتركة بين الدول الـ3”.

وتعتبر منطقة ليبتاكو غورما (حيث تتلاقى حدود الدول الـ3) مرتعا للجماعات المسلّحة التي تتهم بالتسبب في عدم الاستقرار طيلة السنوات الماضية، حيث “شنت هجمات واسعة ضد المدنيين والعسكريين على حد السواء، كما أنها اتخذت من تلك الحدود نقطة عبور نشطة لتجارة المخدرات وتهريبها إلى أوروبا”، وفق بيانات حكومية.

وقد نص ميثاق ليبتاكو غورما على تضامن الدول الـ3 في توحيد جهودها ضد المخاطر التي تتعرض لها بشكل أحادي أو جماعي، إذ جاء في بنوده مجموعة من النقاط أهمها:

  • مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة في المنطقة المشتركة للحلف.
  •  الوقوف في وجه التمرد والعنف المسلح في الدول الـ3 والتصدي له بالقوة المسلحة إذا اقتضى الأمر.
  •  الاندماج العسكري والعمل على خلق جيش مشترك.

وبعد هجمات مشتركة نفذتها قوات الدول الـ3 ضد المجموعات المسلحة في المناطق الحدودية المشتركة، وزيارات ميدانية للقادة العسكريين في مناطق التماس مع المجموعات الانفصالية، اجتمع قادة الأركان في العاصمة نيامي يوم 6 مارس/آذار الجاري وأعلنوا تشكيل قوة عسكرية لمحاربة ما يسمونها التحديات الإرهابية المشتركة بين بلدانهم.

قدرات

ورغم أن البيان الختامي لقادة الأركان لم يتحدث عن حجم التشكيل الدفاعي ولم يقدم حوله أي تفاصيل فإن قائد القوات المسلّحة في النيجر الجنرال موسى بارمو قال إن القوة ستكون جاهزة للعمل في وقت قريب.

وتمتلك الدول الـ3 قدرات عسكرية تتراوح بين المتوسطة والضعيفة من حيث التسليح والإمكانات اللوجيستية والبشرية.

ووفقا لترتيب موقع غلوبال فاير لتصنيف الجيوش عام 2023، فإن مالي تحتل المرتبة الثالثة على مستوى دول منطقة غرب أفريقيا، والـ21 على مستوى الدول الأفريقية، وتقع في الرتبة 110 على مستوى العالم، ويبلغ حجم الإنفاق العسكري على القوات المسلحة المالية 591 مليون دولار أميركي.

ويقع جيش بوركينا فاسو في الرتبة الخامسة في دول منطقة غرب أفريقيا، والـ26 على المستوى الأفريقي، وفي الرقم 121 على المستوى العالمي، ويبلغ الإنفاق عليه قرابة 440 مليون دولار.

أما جيش النيجر فهو أضعف الدول الـ3 تسليحا، وقد بدأت وزارة الدفاع خطة لتطويره وزيادة أفراده منذ عام 2020.

وتمتلك مالي وبوركينا فاسو 59 طائرة حربية، و2300 مدرعة ومركبة عسكرية، و27 مدفعا مقصورا، و50 من راجمات الصواريخ، ويبلغ عدد الجنود في الدولتين 37 ألف عسكري.

أما النيجر فوفقا لخطتها عام 2020 سينتقل عدد أفراد القوات المسلحة من 25 ألف جندي إلى 50 ألفا.

ومؤخرا قامت الدول الـ3 بتعاون عسكري مع موسكو شمل شراء العديد من الأسلحة، وزيادة قدرات الجيوش من خلال التدريب ودعم القدرات القتالية.

ووفقا لبيانات الحكومة المالية فقد اشترت باماكو نهاية العام المنصرم عددا من طائرات بيرقدار المسيرة من تركيا.

كما قام رئيس وزراء النيجر علي محمد الأمين الزين بزيارة لأنقرة، كان من ضمن أجنداتها التعاون العسكري والأمني بين الجانبين.

خارطة تضم مالي وبوركينافاسو والنيجر

قواسم مشتركة

وتجمع بين رؤساء الدول الـ3 قواسم مشتركة متعددة أهمها العقيدة العسكرية، والوصول للسلطة عن طريق الانقلاب، والمعرفة بالجماعات المسلحة ومساحات تحركها، إذ كل واحد منهم سبق وأن عمل على محاربتها في الصحراء الشاسعة.

ومنذ وصولهم للسلطة قطعوا علاقات بلدانهم مع فرنسا وتوجهوا نحو موسكو التي أصبحت حاضرة في المشهد الأفريقي.

وعندما أعلن رئيس المجلس العسكري في مالي العقيد آسيمي غويتا عزمه استعادة مدينة كيدال كانت قوات فاغنر الروسية حليفا له في استعادة المدينة.

وفي سبتمبر/أيلول 2023 قام وفد عسكري روسي برئاسة يونس بك يفكروف نائب وزير الدفاع بزيارة لواغادوغو من أجل متابعة المحادثات التي جرت بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والنقيب إبراهيم تراوري في القمة الروسية الأفريقية المنعقدة في سان بطرسبورغ يوليو/تموز 2023.

وتعليقا على نتائج الزيارة قالت الرئاسة البوركينابية في بيان لها إن الوفد جاء من أجل التعاون العسكري بين البلدين.

وفي يناير/كانون الثاني 2024 أعلنت روسيا تشكيل قوة أفريقية يتراوح عددها بين 40 و50 ألف جندي ستتواجد في دول أفريقية من ضمنها مالي وبوركينا فاسو.

وستعمل هذه القوة على تعزيز التواجد الروسي في المنطقة وسد الفراغ الذي خلفه رحيل القوات الفرنسية.

وفي دراسة أعدها مركز الجزيرة للدراسات حول المصالح الروسية في أفريقيا، فإن الدول الضعيفة وغير المستقرة تستعين بقوات مجموعة فاغنر الروسية لمحاربة المتمردين والمعارضين المسلحين والجماعات الإرهابية.

صعوبات وتحديات

وتواجه قوة تحالف دول الساحل المشتركة لمحاربة الإرهاب تحديات تتمثل في تنامي الحركات المسلحة، واستعادتها لأماكن انتشارها بعد خروج القوات الأممية والفرنسية من الشمال المالي، كما أن توقيف التعاون العسكري مع الأوروبيين سيترك آثارا سلبية على أداء القوات المسلحة في تحالف ليبتاكو غورما.

ومنذ بداية العام الجاري، تصاعدت الهجمات في الشمال المالي بين الحركات الأزوادية وجماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” من جهة، والقوات المسلحة في مالي من جهة أخرى.

وفي تصريح للجزيرة نت، قال الكاتب والإعلامي الحافظ الغابد إن تكتل دول الساحل الجديد تقوده دول فاشلة وحكومات محاصرة بأزمات صعبة وليست أمامهم خيارات ناجحة.

وأضاف الغابد أن هذه الدول لا تسيطر إلا على جزء يسير من الأراضي التابعة لها، وبالتالي لا يمكنها أن تحقق ما عجزت القوات الدولية عن تحقيقه.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *