واشنطن- أدت جلسة استماع استغرقت 4 ساعات قدم خلالها رئيسات 3 من أفضل الجامعات الأميركية والعالمية شهاداتهن في الكونغرس -حول التوتر الذي تشهده ساحات الحرم الجامعي على خلفية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة– إلى غضب كبير بين المانحين والخريجين والطلاب والسياسيين، وأبرزت التوترات المتأججة بين الطلاب اليهود والمسلمين.
وتم استجواب رئيسة جامعة هارفارد كلودين جاي، ورئيسة جامعة بنسلفانيا ليز ماجيل، ورئيسة معهد ماساشوستس للتكنولوجيا سالي كورنبلوث، من قبل لجنة التعليم بمجلس النواب في وقت سابق، على خلفية تصاعد “العداء للسامية” في الحرم الجامعي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتتعرض رئيسات الجامعات الثلاث لانتقادات حادة، بسبب إجاباتهن، التي اعتبرها البعض غامضة وغير حاسمة، عندما سئلن عما إذا كانت الدعوة إلى الإبادة الجماعية لليهود تنتهك مدونة قواعد السلوك الخاصة بجامعاتهن. وطالب العديد من المعلقين السياسيين والمانحين الماليين باستقالة رئيسات الجامعات، بسبب ما قلنه في جلسة الاستجواب.
يذكر أن معهد ماساشوستس للتكنولوجيا جاء بالمركز الثاني طبقا لتصنيف “يو إس نيوز آند وورد ريبورت” لأفضل الجامعات العالمية لعام 2023، في حين حلت جامعة هارفارد ثالثة، وجاءت جامعة بنسلفانيا في المركز السادس.
الكونغرس يفتح النار
بدأت الجلسة بدقيقة صمت على الإسرائيليين الذين قتلوا وجرحوا واحتجزتهم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالإضافة إلى مونتاج فيديو قصير لمتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين بالجامعات الثلاث يدعون إلى “الانتفاضة” وقالت النائبة الجمهورية من ولاية نيويورك إليز ستيفانيك (خريجة جامعة هارفارد) إنه يمكن تفسير ذلك على أنه “دعوة إلى العنف ضد إسرائيل وأولئك الذين يدعمونها”.
وأدانت رئيسات الجامعات الثلاث هجوم حماس وما سمي الحوادث المعادية للسامية بالحرم الجامعي، وناقشن سياسات حرية التعبير (والتحديات التي يمثلنها) وتعهدن بالعمل فورا، وعلى المدى الطويل لمكافحة “الكراهية” بجميع أشكالها.
وسألت النائبة ستيفانيك عن موقف الجامعات من هتافات تدعم الانتفاضة الفلسطينية، وقالت “ألا يدعو هذا الخطاب إلى إبادة جماعية لليهود والقضاء على إسرائيل؟ هل هذا الخطاب متوافق مع مدونة وقواعد السلوك في جامعاتكم أم لا؟”.
ورفضت رئيسات الجامعات الثلاث إعطاء إجابة بسيطة بـ”نعم” أو “لا” وبدلا من ذلك، قدمن ردودا مصاغة بعناية تتطرق إلى القضية الشائكة المتمثلة بحرية التعبير. واتفقن في الرد على احترام مبدأ الالتزام بحرية التعبير، ومنح مساحة واسعة للآراء المختلفة، حتى الآراء المرفوضة.
وتعهدهن بمعالجة التصاعد في جرائم “معاداة السامية والإسلاموفوبيا” وغيرها من أشكال “الكراهية” أيضا، واتفقن على أن الهدف بالجامعة هو الحفاظ على سلامة الطلاب الجسدية، وليس تأمين الطلاب فكريا أو إجبارهم على عدم مواجهة الأفكار التي لا توافقهم.
توتر في الجامعات
وصل التوتر بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة إلى الجامعات الأميركية، في وقت تركت فيه الجامعات لمواجهة ارتفاع ظواهر “معاداة السامية والإسلاموفوبيا” حيث يشعر الطلاب من كلا الجانبين بالضيق وعدم الرضاء من استجابة مسؤولي الجامعات.
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول ومع بدء عملية طوفان الأقصى، أصبحت أغلب الجامعات الأميركية مركزا للنقاشات والمظاهرات والاحتجاجات حول القتال بين إسرائيل وحماس، وهو ما جلب التوتر وعدم الراحة للكثير من الطلاب اليهود والمسلمين. وأجمع الطلاب على أنهم لا يشعرون على نطاق واسع بدعم إدارات جامعاتهم، وهو أمر أكدته جلسة الاستماع.
ويتهم الطلاب المسلمون إدارات الجامعات بالتركيز على معالجة مخاوف “معاداة السامية” بصورة أكبر من المخاوف المتعلقة بانتشار “الإسلاموفوبيا” وسط تزايد مخاوفهم خاصة بعد إطلاق النار على 3 طلاب جامعيين من أصل فلسطيني وإصابتهم بجروح خطيرة في ولاية فيرمونت الشهر الماضي.
كما يرى الطلاب العرب والمسلمون أن هناك خلطا متعمدا “بين الاحتجاجات من أجل الحرية لفلسطين، وبين معاداة السامية”.
وأظهر عدة حوارات أجرتها الجزيرة نت مع طلاب يهود ومسلمين بالجامعة الأميركية في واشنطن وجامعة جورج واشنطن، أن أغلب الطلاب اليهود وأغلب الطلاب المسلمين، ليسوا سعداء بكيفية تعاطي إدارة الجامعتين مع تبعات ما يشهده قطاع غزة.
بين حرية التعبير وسلامة الطلاب
سلطت جلسة الاستماع الضوء على مشكلة التوازن بين حماية حرية التعبير والحفاظ على سلامة الطلاب. وتحدث الشهود الثلاثة عن هذا التحدي.
وقالت كورنبلوث من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا إنها تعتقد أنه يجب “حماية حرية التعبير طالما لم يمتد ذلك إلى المضايقة أو التحريض على العنف”.
في حين قال مدير برامج حرية التعبير والتعليم في نادي القلم الأميركي جوناثان فريدمان للإذاعة الوطنية إنه “في حين أن التوترات الوقت الحالي تتطلب اتخاذ إجراء، يجب على الجامعات أن تحاول الدفاع عن شيء أكبر من اللحظة الحالية، وهو التزامها الأعمق بحرية التعبير ودعم جميع الطلاب”.
وأثارت ردود رئيسات الجامعات إدانات واسعة من المانحين الماليين، ومجالس إدارة الجامعات، وأعضاء الكونغرس، وسط انتشار دعوات لتنحي أو إقالة رؤساء الجامعات الثلاث، واعتُبرت ردود رئيسات الجامعات تأكيدا للفشل في سياسة حماية الطلاب، خاصة اليهود منهم.
واضطرت رئيستا جامعتي هارفارد وبنسلفانيا إلى إصدار بيانات منفصلة لتوضيح شهاداتهما والتراجع عنها.
وأنهى العديد من المانحين المؤثرين دعمهم المالي لجامعة بنسلفانيا، ودعوا رئيستها إلى الاستقالة، بحجة أن الإدارة لم تذهب بعيدا بما فيه الكفاية في إدانة مهرجان الأدب الفلسطيني الذي أقيم بالحرم الجامعي في سبتمبر/أيلول الماضي، وضم متحدثين سبق أن أدلوا بتصريحات معادية للسامية.