تباينت آراء المحللين والخبراء حول إمكانية التوصل قريبا إلى صفقة تبادل أسرى جديدة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل تفضي لوقف الحرب على قطاع غزة، بعد مفاوضات باريس الرباعية بمشاركة الدوحة والقاهرة وواشنطن وتل أبيب.
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الفلسطينية الدكتور رائد نعيرات إن هناك مناخا وتصورا جديدا قد يتطلب بعض الوقت للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مشيرا إلى وجود إرادة لدى واشنطن في ظل وجود ضغوط من دول المنطقة.
وأضاف أن الولايات المتحدة متخوفة من اندلاع حرب إقليمية بعد انخراطها بضربات جوية في اليمن، فضلا عن زيادة أعداد الشهداء والمصابين الفلسطينيين، معتقدا أن الإخفاق بإتمام الصفقة لن يقود سوى لاستمرار حرب الإبادة والدمار.
واعتبر نعيرات -أثناء حديثه لبرنامج “غزة.. ماذا بعد؟”- أن شروط نتنياهو لوقف الحرب لا يمكن أن تكون منطقية، وخطابه شعبوي يعبر عن ائتلافه اليميني، معرجا على اقتراح زعيم المعارضة يائير لبيد بتوسعة الائتلاف الحكومي لكي يمضي قدما بصفقة إعادة الأسرى.
وأضاف أن لبيد يريد انتزاع ورقة قوية من نتنياهو الذي يخشى أن يفقد ائتلافه الحكومي إذا ذهب لاتفاق، مؤكدا أن هذا المقترح يمثل طوق نجاة، وورقة ضغط، وخيارا بديلا لنتنياهو.
“هدن مستمرة”
من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، لديها عدة اعتبارات من المقترحات الجارية لإتمام صفقة تبادل أهمها إدراكها نوايا الاحتلال بتجريدها أهم ورقة لديها، مستدلا بتجارب سابقة تؤكد ذلك.
ويضيف عرابي أن حماس تدرك أهمية هذه الورقة، وتصلبها بالملف التفاوضي هو من يحسن المقترحات التي تقدم إليها، ويدفع الاحتلال لتقديم تنازلات متتالية، كما أنها تدرك أيضا الكارثة الإنسانية وضرورة تخفيفها عبر وقف العدوان وانسحاب الاحتلال من غزة.
أما بشأن وصف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن المقترحات المقدمة بالقوية والمقنعة، يعتقد عرابي أنه ربما هناك تصورات وضعت لإنزال نتنياهو عن الشجرة، مشددا على ضرورة عدم الثقة بتصريحات واشنطن “لأنها قد تريد تخليص الاحتلال من عبء وثقل ملف الأسرى”.
وأشار إلى أن حماس قد تقتنع إذا وجدت بالمقترحات “أسسا ومرتكزات تقضي بتحول الهدن المستمرة إلى وقف نهائي لإطلاق النار”، كاشفا أن الأمر منوط بتقديراتها.
وأضاف عرابي أن الاحتلال وصف حربه الحالية بأنها حرب وجودية، وحاول طمس ملف الأسرى ولكن صمود غزة ومقاومتها وإدراكها حيل نتنياهو هو من يحسن الشروط والمقترحات المقدمة.
ولفت إلى أن المواقف المتباعدة تلقي عبئا على الوسطاء العرب والدوليين لإنزال نتنياهو عن الشجرة بعدما تحولت الحرب إلى عبثية، مؤكدا أنه يصعب الجزم أن الطرفين قد اقتربا من نقطة مشتركة.
وأعرب عرابي عن قناعته بأنه ليس من السهل أن يكون هناك وقف إطلاق نار معلن، لأن هذا يعني هزيمة وانكفاء وخسارة إستراتيجية للاحتلال، مرجحا التوصل لهدنة طويلة الأمد قد تنتهي بوقف إطلاق النار وانسحاب الاحتلال من غزة.
“قناعة مطلقة”
بدوره، قال الخبير العسكري والإستراتيجي الدويري إن الوضع الميداني يؤكد أن نتنياهو يعلم الحقيقة ولا ينطق بها، ويعلم أنه لن يستطيع هزيمة حماس وجناحها العسكري، لكنه يريد إطالة الحرب لأطول فترة ممكن أملا بمفاجأة قد تحدث.
وأشار الدويري إلى أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قال إنه لا يمكن القضاء على حماس كليا، ورئيس الأركان هرتسي هاليفي قال أيضا إن غياب رؤية واضحة تؤدي إلى تآكل إنجازات الجيش.
وخلص الدويري إلى أن هناك قناعة مطلقة أنهم لن يستطيعوا تحقيق ذلك، واستدل بإطلاق الصواريخ نحو تل أبيب في اليوم الـ115 للحرب، حيث انطلقت من جنوب غرب مدينة غزة.
وشدد على أن حماس تعلم يقينا أهمية ورقة الأسرى الإسرائيليين، مبينا أنه بعد انهيار الهدنة الإنسانية جرى التوسع بالمعركة في غزة برا وجوا، قبل أن يشير إلى أن الاحتلال فشل بإطلاق الأسرى عسكريا، وإنما عبر مسار تفاوضي فيما نجح بتدمير مقومات الحياة بغزة فقط.