هل تحد لقاءات آبي أحمد من تصاعد المواجهات والعنف بإثيوبيا؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

أديس أبابا – تجري الحكومة الإثيوبية منذ مطلع فبراير/شباط الماضي لقاءات مع حكام وقادة المجتمع بأقاليم البلاد، حول الواقع الأمني والسياسي، فضلا عن مناقشات حول الحوار الوطني المرتقب، وسط تصاعد المواجهات شمالا، وتزايد أعمال العنف غربا.

تأتي اللقاءات في وقت تحاصر فيه البلاد أزمات أمنية وتحديات سياسية، جراء تصاعد المواجهات بين الحكومة ومليشيات فانو المسلحة بإقليم أمهرة منذ أشهر، وتزايد العنف بسبب تحركات أونق شني المسلحة في إقليم أوروميا منذ سنوات، التي تصنفها أديس أبابا إرهابية.

وفي أحدث خطاب له أمام البرلمان، قال رئيس الوزراء آبي أحمد، إن الفشل في التعبير عن المصالح السياسية بالوسائل السلمية يعد تحديا أمام جهود السلام، مؤكدا أن حكومته تعطي الأولوية للمفاوضات والحوار، والتزامها بمواصلة التفاوض مع الجماعات المسلحة واستعدادها للتعامل مع جميع الأطراف المستعدة لإلقاء سلاحها والمشاركة السياسية.

أجندة اللقاءات

والتقى آبي أحمد حكام وقادة المجتمع في أقاليم تيغراي وأوروميا وأمهرة قبل أن يبحث في خطوة مماثلة، الأربعاء، مع ممثلي أقاليم الصومال وعفار وهرر وغامبيلا وبني شنقول. وتتركز المباحثات في قضايا التنمية والسلام والأمن وتهيئة الظروف للحوار المرتقب، وكيفية إيجاد حلول للتحديات الراهنة في كل إقليم.

واعتبر الباحث السوداني بالشؤون الأفريقية عباس محمد صالح انخراط الحكومة في سلسلة لقاءات محاولة لتعبئة الدعم المحلي لإنجاح الحوار الوطني. وفي حديث للجزيرة نت، قال صالح “يبدو أن إستراتيجية الحكومة لفرض حلول معينة عبر الرهان على القوة قد فشلت إلى حد كبير، بالتالي أصبح البحث عن تسوية سياسية من خلال الحوار أكثر أهمية في هذه المرحلة”.

وتأسست فكرة الحوار الوطني الإثيوبي قبل عامين، بهدف معالجة الخلافات “العميقة العالقة” في الآراء والقضايا الوطنية الأساسية بين مختلف مكونات المجتمع على المستويين السياسي والشعبي.

وشكلت لجنة مستقلة مختصة ضمت 11 شخصية وطنية بموافقة ومصادقة البرلمان الإثيوبي الذي يشرف على الحوار المرتقب، والذي تعود فكرته لمطالبات قديمة من تيارات المعارضة، فور وصول آبي أحمد إلى السلطة عام 2018، بضرورة إجراء حوار شامل.

وكان رئيس اللجنة، مسفن أريا، قال إن موعد انعقاد المشاورات في جميع أنحاء البلاد ستتم العام الحالي، مؤكدا مشاركة نحو 700 ألف إثيوبي في الحوار الوطني، تم تحديدهم من قبل ممثلي مجلس المجتمعات المدنية، ومجلس الأحزاب السياسية، ونقابة المعلمين، وائتلاف الجمعيات الوطنية، ومجلس الأديان، وقضاة محاكم المناطق وممثليها.

وعبر الصحفي الإثيوبي زاهد زيدان عن تفاؤله بجهود الحكومة، وقال للجزيرة نت إن تحديات إثيوبيا اليوم تكمن في المحورين الأمني والسياسي جراء الصراعات، موضحا أن الحوارات التي تمت مع قادة المجتمع ورجال الدين يتمتعون بتأثير قوي على المجتمع تؤكد أن الحزب الحاكم استطاع تكوين قاعدة جماهيرية حول مشروع الحوار الوطني ما يعطي الأمل في نجاحه.

وأضاف “اللقاءات التي بدأتها الحكومة الفدرالية مع الحكام وقادة المجتمع في كل الأقاليم خطوة مهمة وتعزز من تحقيق أهداف الحوار”.

آبي أحمد ومسؤولون حكوميون خلال محادثات سابقة مع وفد جبهة تحرير تيغراي بشأن التقدم في عملية السلام (مواقع التواصل)

التحديات

لا يزال المشهد الأمني في إثيوبيا يتسم بالمزيد من الاضطراب والتعقيد نتيجة حالة الانفلات الأمني، في ضوء استمرار الاشتباكات المسلحة، مما يزيد من أهمية الحوار الوطني والتفاوض السياسي لإنهاء الصراعات وفق محللين وأكاديميين.

وعد الكاتب الإثيوبي والمحلل السياسي عبد الشكور عبد الصمد، الأزمات الحالية في إثيوبيا ضمن الأزمات التي تشهدها المنطقة، وقال إن منطقة القرن الأفريقي تعاني من الفشل السياسي وغياب الرؤية المشتركة وأزمات داخلية متراكمة لكل دولة.

وأضاف للجزيرة نت أن القوى الوطنية اليوم تعاني من غياب الرؤية السياسية لخدمة المصلحة الوطنية، وبالتالي تستفيد الأيادي الخارجية من غياب القوى الوطنية الفاعلة.

في حين حذر صالح من أن تصاعد وتيرة الصراع في إثيوبيا ينطوي على مخاطر كبيرة على أمن واستقرار البلاد وصورتها في الخارج كبلد موبوء بالاضطرابات. وأضاف أن نمط الصراع الدائر في إقليم أمهرة لا تقتصر تداعياته على حدود الإقليم في ضوء التداخل الديموغرافي لشعب إقليم أمهرة مع عدد من المناطق، علاوة على التفاعلات الإقليمية ومخاوف وصوله إلى المناطق الحدودية مع السودان.

وأشار صالح إلى الضغوط التي يمارسها الشركاء الدوليون على أديس أبابا لوضع حد للصراعات المتطاولة في بعض أجزاء البلاد، خاصة بعد حصولها على عضوية منظمة “البريكس”، بالتالي حاجتها أكثر من أي وقت مضى لعكس صورة مغايرة عن الاستقرار والسلام الدائمين.

وكانت مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية مولي في، كشفت أنها أثارت في مناقشتها مع مسؤولين إثيوبيين الصراعات المسلحة المستمرة في إقليمي أوروميا وأمهرة.

وأوائل فبراير/شباط الماضي، قُتل نحو 50 مدنيا في بلدة ميراوي بإقليم أمهرة شمال إثيوبيا، ونددت اللجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان (هيئة مستقلة) بالحادثة، وقالت إنها شرعت بالتحقيق في الضحايا المدنيين في أعقاب القتال، وتمكنت من التأكد من هوية ما لا يقل عن 45 مدنيا أعدمتهم قوات الأمن الحكومية.

وأعربت الولايات المتحدة عن قلقها الشديد إزاء تقارير تتحدث عن “عمليات قتل تستهدف مدنيين” شمال إثيوبيا، وحثّت السلطات على السماح لمراقبي حقوق الإنسان بدخول المنطقة.

الحوار وفرص الحل

وتعول إثيوبيا على الحوار الشامل في حل النزاعات والصراعات ضمن القضايا الكلية التي سيناقشها، واعتبره صالح فرصة نادرة لحل مشكلات البلاد المتوارثة، لكن نجاحه يتطلب تحقيق إجماع وتوافق وطني، مستدركا بالقول “يبدو بعيد المنال حاليا في ضوء تعقيدات الوضع السياسي في البلاد”.

في حين ربط زيدان نجاح الحوار باستجابة الجماعات المسلحة للدعوة التي أطلقها رئيس الوزراء للتفاوض وحل الخلافات بعيدا عن البندقية، قائلا “إذا استجابت الجماعات المسلحة لدعوة آبي أحمد، فهذا سيساعد في إحلال السلام وإنجاح الحوار”.

أما عبد الصمد، فقد استبعد أن يحدث الحوار الوطني أي تقدم في ظل الصراعات، قائلا “الوصول إلى تحقيق إجماع وطني من الحوار كما هو مأمول يبدو بعيدا في ظل الأعمال العدائية وحرب العصابات التي تمارسها المليشيات”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *