دير الزور- مع سقوط حكم الرئيس السوري بشار الأسد وتحرير معظم المناطق السورية، بقيت محافظة دير الزور استثناء، حيث شهدت ترتيبات معقدة أدت إلى انتقال السيطرة إلى قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، نتيجة اتفاقية مع النظام السابق برعاية روسية، وهذا أسفر عن مشهد يطغى عليه الاضطراب الأمني والإنساني.
ووفقا للاتفاقية التي تمت في منطقة الصالحية، تسلّمت “قسد” المنشآت الحكومية والمربع الأمني ومطار دير الزور العسكري ومستودعات عياش، ورغم ذلك، شهدت هذه المؤسسات عمليات سلب ونهب قام بها عناصر من “مليشيات الدفاع الوطني” وبعض عناصر “قسد” أنفسهم.
ولاحقا، قامت قسد بنقل الأسلحة والذخائر إلى منطقة المعامل في ريف دير الزور الشمالي، وفرضت سيطرتها على المدينة وأجزاء من الريف المحيط.
الوضع الأمني
عانت المناطق الخاضعة لسيطرة “قسد” من فوضى أمنية شديدة، حيث تكررت حالات حرق المنشآت الحكومية وسلبها، كما شهد ريف دير الزور حالات من السرقة والنهب والحرق، مثل ما تعرضت له محكمة السرايا في منطقة الميادين، ودائرة النفوس في منطقة العشارة، بحسب ما أفاد الصحفي رامي الأحمد للجزيرة نت.
كما شهدت المدينة انتشارا لقناصين تابعين لـ”قسد”، مع فرض حظر تجوال في مركزها، في حين بقي الريف الشرقي شبه خالٍ من وجود القوات، وهذا أتاح حدوث خروقات أمنية متكررة.
ومن اللافت أن قوات سوريا الديمقراطية قامت بتفجير جسر يربط بين طرفي نهر الفرات من دون إعلان واضح للأسباب، وهذا أثار تكهنات بأنها تهدف لمنع استخدامه مستقبلا عند أي انسحاب محتمل، حسب الأحمد.
في المقابل، ذكر عضو مجلس العشائر التابع للمعارضة السورية سعود النجرس في حديثه للجزيرة نت أنه تم إرسال أرتال من الثوار إلى مناطق الريف الشرقي لضبط الأمن، ويجري العمل على استعادة السيطرة والحفاظ على باقي المؤسسات الحكومية.
تحركات المعارضة
قبل سقوط النظام، حاولت أرتال من قوات الفصائل المسلحة التوجه عبر البادية السورية إلى دير الزور، بهدف السيطرة على المناطق التي كانت تحت حكم النظام غرب نهر الفرات، إلا أن الاتفاق بين “قسد” والنظام حال دون ذلك من جهة، إضافة للعامل الجغرافي والبعد المكاني من جهة أخرى، وفقا للقيادي العسكري في غرفة عمليات “ردع العدوان” أسامة المخلف.
وأضاف المخلف أن القوات المهاجمة لا تزال تتمركز عند مداخل المحافظة، في حين دخلت بعض مجموعاتها إلى المناطق الريفية الخالية من وجود قوات “قسد”، وذلك بهدف ضبط الأمن.
كما أفاد مصدر خاص من قسد للجزيرة نت، طلب عدم الكشف عن هويته، أن التحالف الدولي حال دون دخول هذه القوات إلى دير الزور، واشترط إشراك المجلس العسكري التابع لـ”قسد” في إدارة المنطقة، وعدم اقتراب الثوار من الحدود السورية العراقية بناءً على طلب حكومة بغداد.
الوضع الإنساني
وتواجه محافظة دير الزور أزمة إنسانية خانقة في ظل نقص حاد في المواد الغذائية والمياه، إضافة إلى غياب الخبز والخدمات الأساسية وانقطاع الكهرباء، بحسب حديث أحمد الخلف للجزيرة نت.
وعبّر السكان عن استيائهم من حملات النهب التي طالت ممتلكاتهم، وهذا دفعهم لتنظيم مظاهرات في أحياء عدة مثل دوار المدلجي وحي الجورة، مطالبين بخروج “قسد” من المحافظة وتسليمها لقوات المعارضة السورية.
من جهتها ردت “قسد” على الاحتجاجات بإطلاق النار على المتظاهرين، وهذا أسفر عن مقتل 4 مدنيين وإصابة آخرين، وفقا للصحفي وسام العرب الذي تحدث للجزيرة نت، ثم تصاعدت التوترات مع محاولة الأهالي سحب جثث الضحايا والجرحى، وهذا دفع بعض المدنيين للرد باستخدام السلاح.