أفاد تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية بأن العاملين في شركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل) يخاطرون بحياتهم لإعادة تشغيل شبكة الهاتف التي تعرضت بنيتها التحتية للدمار جراء القصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة.
ونقلت عن أحد الفنيين في الشركة ويدعى محمد السويركي (50 عاما)، أن عائلته في شمال غزة كانت تشعر بالقلق على حياته عندما غادر المنزل في يناير/كانون الثاني الماضي لإصلاح عطل في البنية التحتية لشبكة الاتصالات، بسبب القصف الإسرائيلي المستمر.
غير أنه لم يكن يرى أمامه أي خيار آخر سوى الذهاب للعمل لأن سكان غزة في “حاجة ماسة لاستعادة خدمات الهاتف الخاصة بهم”.
وداع مؤلم
يقول السويركي، الذي فر من مدينة غزة في بداية الحرب ويعيش الآن هو وأفراد أسرته الستة في مرآب للسيارات بمدينة رفح جنوب القطاع، إن “الوداع كان مؤلما، فقد كانوا يبكون، لكنني لم أستطع التخلي عن واجبي”.
ووفقا للصحيفة، فقد أصبح عمل السويركي منذ اندلاع الحرب أحد أخطر الوظائف في غزة، وأهمها أيضا، بعد أن تسبب القصف الإسرائيلي المتواصل في تدمير البنية التحتية للاتصالات في القطاع الفلسطيني وتدمير كابلات الألياف الضوئية تحت الأرض، وإتلاف مراكز البيانات، وتفجير أبراج الهواتف المحمولة.
ولطالما ظل 50 مهندسا وفنيا في شركة “بالتل” منذ بدء الحرب، يتنقلون في القطاع طولا وعرضا لإعادة الاتصالات إلى الأحياء السكنية التي تنقطع عنها الخدمة لأيام وحتى أسابيع.
وتشير الصحيفة -في تقريرها- إلى أن محاولة فنيي شركة “بالتل” إصلاح الأعطال في البنية التحتية تسببت لهم في مخاطر جمة، لأنهم يضطرون في كثير من الأحيان للعمل في أماكن قريبة من القصف، وهو ما جعلهم عرضة للنيران، كما يقولون.
واستشهد ما لا يقل عن موظفَين من موظفي “بالتل” أثناء أدائهم عملهم، بحسب الشركة ووزارة الاتصالات التابعة للسلطة الفلسطينية. وقالت بالتل إن 16 من موظفيها استشهدوا منذ بداية الحرب.
وأوضحت نيويورك تايمز أن انقطاع خدمة الاتصالات في كافة أرجاء قطاع غزة، أعاق إلى حد كبير قدرة الفلسطينيين على طلب النجدة والإبلاغ عما يحدث، وتنسيق توصيل المساعدات والتواصل مع الأصدقاء والعائلات.
حلول
غير أن بعض الفلسطينيين اكتشفوا طرقا لتجاوز تلك الانقطاعات، وذلك باستخدام بطاقات متوافقة مع شبكات الهاتف الإسرائيلية أو المصرية، ومن خلال الربط بالبنية التحتية الاحتياطية المعروفة باسم وصلات المايكروويف.
ونقل تقرير الصحيفة عن أحد كوادر خدمات الطوارئ الطبية واسمه طارق بخيت (33 عاما)، قوله إن “الفرق بين الحياة والموت في أي حرب قد يتوقف على مكالمة هاتفية واحدة”، مضيفا أنهم بالكاد يستطيعون العمل بدون القدرة على التواصل.
وكشف المسؤول التنفيذي ورئيس لجنة طوارئ بالتل في غزة، مأمون فارس للصحيفة الأميركية بأن عشرات الأميال من كابلات “بالت” الضوئية تعرضت للتلف، وانقطعت خدمة الإنترنت عن اثنين من مراكز البيانات الأربعة التابعة للشركة، في حين تحطم أكثر من 100 من أبراج “بالتل” للاتصالات الخلوية أثناء القتال.
وزاد بأن 80% من شبكة “بالتل” انقطع اتصالها بالإنترنت، وأصبح جزء كبير منها بحاجة إلى استبدال، متوقعا أن يستغرق إصلاح الشبكة سنوات حتى تعود إلى العمل بكامل طاقتها.
ويستدرك فارس قائلا إن ثمة تحديا كبيرا يواجه عملية إعادة بناء الشبكة، يتمثل في منع إسرائيل دخول المعدات إلى غزة، مثل الهوائيات والكابلات الضوئية وأطباق المايكروويف.