قالت صحيفة نيويورك تايمز إن رئيس الوزراء الإسرائيلي السباق إيهود باراك حذر عام 2011، من “تسونامي دبلوماسي سياسي” من الانتقادات قد يواجه إسرائيل إذا لم يتم حل صراعها مع الفلسطينيين، واليوم يرى محللو السياسة الخارجية الإسرائيلية، أن هذا التسونامي يبدو أقرب من أي وقت مضى.
وأوضحت الصحيفة في تقرير كتبه مراسلها باتريك كينغسلي من القدس أن أمر محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة إسرائيل بتعليق حملتها العسكرية في رفح، يضاف إلى قائمة متزايدة من التحركات الدبلوماسية والقانونية التي تقوض مكانة إسرائيل الدولية.
وجاء هذا الحكم بعد أيام قليلة من دعوة المدعين العامين في المحكمة الجنائية الدولية، وهي محكمة دولية أخرى، إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، في خطوة حظيت بدعم بعض شركاء إسرائيل القدماء مثل فرنسا.
ويأتي هذا الأمر أيضا في نفس الأسبوع الذي اتخذت فيه 3 دول أوروبية خطوة منسقة للاعتراف بفلسطين كدولة، وعقب احتجاجات واسعة النطاق في الحرم الجامعي في الولايات المتحدة ضد الحملة الإسرائيلية في غزة، وبعد القرارات التي اتخذتها تركيا بتعليق التجارة مع إسرائيل، وقرارات بيليز وبوليفيا وكولومبيا بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.
ضغط هائل
وقال ألون بينكاس، القنصل العام الإسرائيلي السابق في نيويورك إن “هذه ليست مستويات العزلة في كوريا الشمالية ولا بيلاروسيا وميانمار ولكنها عزلة. إنها تخلق شعورا هائلا بالضغط”.
ومع أن الخطوة الأخيرة التي اتخذتها محكمة العدل الدولية قد لا تكون لها آثار عملية فورية، فإن هذه التحركات ضد إسرائيل مجتمعة، لا تظهر فقط-انحسار سمعة إسرائيل الدولية، بل أيضا تضاؤل النفوذ الأميركي -كما يقول سفير إسرائيل السابق في واشنطن إيتامار رابينوفيتش.
وقال رابينوفيتش إن “هناك تغييرا في قواعد السياسة الدولية. إن بقية العالم في طريقها نحو تجاوز الولايات المتحدة. وكأنها تقول لواشنطن لا يمكننا أن نهزمكم في الأمم المتحدة ولكن لدينا الآن محكمتان دوليتان وسنتحول إلى هذين المكانين اللذين لا سيطرة لكم عليهما”.
أكثر انتقادا
وعلى هذه الخلفية -كما يقول الكاتب- تبنت الولايات المتحدة وغيرها من حلفاء إسرائيل مثل ألمانيا، لهجة أكثر انتقادا للحكومة الإسرائيلية، حتى وهم يحاولون الدفاع عنها ضد الإدانات الأجنبية.
وقد أعرب الرئيس الأميركي جو بايدن في الأشهر الأخيرة عن قلقه المتزايد بشأن الهجوم المضاد الذي تشنه إسرائيل على غزة، واصفا إستراتيجيتها “بالخطأ” وبعض تصرفاتها “بالفاحشة”، وأوقف شحنة من القنابل كانت موجهة إليها.
كما تغير موقف ألمانيا بشكل طفيف أيضا، ولكن إسرائيل تشعر مع ذلك، بأنها قادرة على مواصلة الحرب ما دامت الولايات المتحدة تقدم معظم مساعداتها المالية والعسكرية، بعد أن صوت الكونغرس لصالح تزويدها بمساعدات عسكرية جديدة بقيمة 15 مليار دولار.
عزلة متزايدة
أما داخل إسرائيل، فيقول المحللون إن هذه التحركات يمكن أن تعزز موقف نتنياهو، إذ دفعت قرارات المحكمة وزراء منتقدين لقيادته إلى توحيد الصفوف من جديد، وقال بينكاس إن توبيخ الحكومات والمؤسسات الأجنبية يوفر لنتنياهو فرصة لتقديم نفسه كمدافع عن إسرائيل وتعزز دعمه المحلي المتراجع.
وانتقد زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد حكم المحكمة وقال إن “إسرائيل هي التي تعرضت لهجوم وحشي واضطرت للدفاع عن نفسها ضد منظمة إرهابية مروعة”، لكنه قال أيضا إنه كان من الممكن تجنب الحكم لو أن “حكومة عاقلة ومهنية منعت تصريحات الوزراء المجنونة، وأوقفت المجرمين الذين أحرقوا شاحنات المساعدات، وقامت بعمل سياسي هادئ وفعال”.
وعرج باتريك كينغسلي قبل ختام تقريره على عزلة إسرائيل المتزايدة في العالمين الثقافي والأكاديمي، ففي الأشهر الأخيرة أعلنت جامعات في دول من بينها أيرلندا وهولندا والنرويج وسلوفينيا وإسبانيا أنها قطعت علاقاتها مع نظيراتها الإسرائيلية أو تفكر في القيام بذلك.
ووقع آلاف الفنانين رسالة مفتوحة في شهر فبراير/شباط يطالبون فيها منظمي بينالي البندقية، أحد أهم المهرجانات الفنية في العالم، بمنع إسرائيل من المشاركة في تجمع هذا العام.