نقابة الصحفيين البريطانيين: الإعلام استُخدم كسلاح في حرب غزة

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

لندن- مع تزايد أعداد الشهداء في قطاع غزة وتعالي الأصوات الدولية بارتكاب إسرائيل جرائم إبادة وعقاب جماعي وجرائم ضد الإنسانية، بدأت بعض النقابات والمنظمات الأهلية والقانونية في بريطانيا بتسليط الضوء على ما تشاهده من جرائم قد ترتقي لجرائم حرب بحسب محكمة العدل الدولية.

وتقدم بعض الأطباء بأدلة تفيد استخدام الاحتلال القنابل الفسفورية وقدم الصحفيون عريضة من نقابة الصحفيين البريطانية فرع لندن للصحفيين المستقلين، والتي تطالب مجلس الأخلاق بالنقابة بالبدء في جمع الأدلة والتحقيقات المتعلقة بالإعلام والصحفيين بهذا الخصوص.

الجزيرة نت حاورت نقيب فرع لندن تيم جوبسيل لمعرفة تفاصيل العريضة التي قُدمت لإدانة استخدام الإعلام كذراع من أذرع الحرب، ودعت إلى حماية الصحفيين في غرف الأخبار، وإلى تقديم الأدلة على أي ضغوطات تواجههم في غرف التحرير تثنيهم عن التغطية العادلة والدقيقة.

أخبار مضللة

وأكد جوبسيل -للجزيرة نت- أن الصحفيين في فرع لندن للصحفيين المستقلين يشعرون بالقلق تجاه هذه الحرب، خصوصا مع زيادة أعداد الضحايا من الصحفيين الذي لم تشهده أي حرب أخرى.

وقال “هناك معدل غير مسبوق من الأخبار المضللة مما يجعل التغطية صعبة، وهناك مثل دارج بين الصحفيين البريطانيين وهو أن أول ضحية للحرب هي الحقيقة، وهذا لا يعني أن الضحايا المدنيين أقل أهمية، ولكن هي فقط دعوى للصحفيين أن يأخذوا حذرهم أكثر من أي وقت مضى لتغطية الحقيقة، وألا تُمنح الثقة في أي حكومة أثناء الحروب”.

وأدان جوبسيل ومكتب الصحفيين المستقلين في لندن استخدامات الإعلام للمعلومات المضللة والأخبار الكاذبة في وقت الحرب، ورغم توضيحه خطورتها بأي وقت، لكنه أكد أن زمن الحرب يجعلها شديدة الخطورة لأن الكلمة قادرة على تهديد الحياة.

وقال إن قصة غير موثقة من أي جانبين يتم تداولها بشكل واسع، قد تدفع حكومات إلى اتخاذ قرارات بناء عليها وقد تودي هذه القرارات بحياة الناس.

وأشار نقيب فرع لندن للصحفيين إلى الرواية الإسرائيلية حول “رؤوس الرضع المقطوعة”، وقال إنه تم تداولها بشكل واسع وسحبتها عديد من الأجهزة الإعلامية الأميركية باعتبارها ادعاءات مزيفة، إضافة إلى ادعاءات مثيلة عن مقتل بعض الضحايا في الكيبوتس.

وأضاف أنه تم بدء التحقق في مثل هذه القصص وغيرها، ولكن المشكلة تكمن، حسب قوله، في أنه لم يكن هناك مصدر معلومات غير الحكومة الإسرائيلية لأن الحكومات، وفي زمن الحرب، تشن الحرب مستخدمة القصص والمعلومات كما تستخدم الرصاص.

وشدد جوبسيل على أن هذه المهمة ليست سهلة، “ولكن مجلس الأخلاق التابع للنقابة هو الجهة المسؤولة عن ضمان المبدئية الأخلاقية في الإعلام، وهم مجموعة منتخبة من الخبراء، ولكنهم سيواجهون تحديا لاختيار القضايا وسيكون من الصعب على المجلس تغطية كل ما حدث في هذه الحرب”.

أنصار فلسطين يتظاهرون خارج مقر هيئة الإذاعة البريطانية في أسكتلندا لإدانة العدوان على غزة (غيتي)

نشر الوعي

وبرأي جوبسيل، فليس المهم أن يُدان أحد بعينه في هذه القضية المعقدة، ولكن النقاش نفسه والتحقيق سيفتح بابا لنشر الوعي والحرص على مستقبل أفضل، كما سيفتح بابا لحماية الصحفيين في غرف الأخبار الذين يريدون التقدم للشهادة للكشف عن أي ضغوط مورست في هذه الغرف.

وقد حذرت العريضة من تداول المعلومات بشكل سريع، ودعت الصحفيين إلى عدم التنافس على السبق الصحفي على حساب دقة الأخبار والتحقق، كما حذرت من القصص الصحفية التي تضمنت تضليلا وأخبارا مزيفة في حرب إسرائيل على غزة.

وأوضح جوبسيل أن هذه هي ليست المرة الأولى التي يذهب فيها الصحفيون إلى محكمة العدل الدولية، حيث قادوا حملات إبان حرب البلقان سنة 1999 وقت محاكمة جرائم حرب حكام يوغسلافيا، وقدموا مشاهد وأدلة ووقائع على فظائع.

وأكد ضرورة أن يُسمح للصحفيين بقول الحقيقة، لأن هناك ضغوطا عديدة تُمارس عليهم في غرف الأخبار من قبل من يمتلك صناعة الإعلام. كما أضاف أنه يجب أن يتم تناول ذلك الموضوع الحساس، وأن “تهم التواطؤ في جرائم حرب ستوجه لمن يمتلكون صناعة الإعلام من الحكومات ثبت استخدامهم الإعلام كذراع للحرب وهو أمر خطير”.

وقال إن الإعلام البريطاني دعم إسرائيل بقوة، وإنه كان هناك ضغط مبالغ فيه على الإعلام البريطاني لإدانة من يدعم فلسطين.

“تواطؤ حكومي”

واستنكر جوبسيل اضطرار الصحفيين لمواجهة الحكومة ومقاومة ضغوط على غرف التحرير، وقال إنه لم يختبر هذا الموقف على مدار حياته، ويرى الحكومة والمعارضة ضد الرأي العام بهذا الشكل.

وتابع أنه دائما ما يكون هناك تحيز زمن الحرب، لكنه لم يعاصر معارضة صلبة للرأي العام بهذه البشاعة، رغم وضوح موقف الرأي العام بدعم وقف الحرب من خلال المسيرات والاستطلاعات.

وأردف “ما حدث في هذه الحرب خصوصا ممارسة الحكومة البريطانية ضغطا على هيئة الإذاعة البريطانية بوصم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) كونها منظمة “إرهابية”، هو أمر لا يمكن للهيئة فعله إلا من باب الانحياز ويجب عليها أن ترفض هذا الضغط وألا تضلل العامة”.

وشدد جوبسيل على أن تهمة التواطؤ في جرائم حرب، إن تحققت أركانها، ستدين الحكومة وإن لم يرتق الضغط الحكومي على الصحفيين في غرف الأخبار إلى وصفه كجريمة حرب، فسيظل ضغطا غير مشروع.

وأكد أن انتهاكات عدة لحرية الإعلام والصحافة، وإن لم ترتق إلى جرائم حرب، تظل انتهاكات ومن حق أي شخص في أي مقاطعة الحصول على أخبار عادلة ودقيقة.

وشدد على أن وقف المساعدات الصحفية في معبر رفح، من مولدات كهربائية للطاقة الشمسية وأدرع وقاية للصحفيين، انتهاك مؤكد لكل الحقوق المدنية والقانونية.

وأضاف أن الأمر نفسه يعود على قطع الاتصالات عندما حدث في غزة مع غلق المعبر الذي شهد مثالا صارخا على “التضليل الإعلامي”، حيث غطت وسائل الإعلام المسألة قائلة “غلق معبر رفح” و”قطع الاتصالات في غزة” كما لو كانت هذه أحداثا طبيعية.

وأوضح جوبسيل أنه كان يُفترض أن تشمل التغطية المتسبب وهو إسرائيل، لأن عدم إدراج المتسبب يعني أنه على المتلقي التخمين ربما تكون هي وربما لا، “فاجتزاء المتسبب من السياق خطأ فادح، لأن قطع المعلومات والمياه والطعام جريمة حرب لا تحدث من تلقاء نفسها، ولكن ترتكبها حكومات، وكان لزاما على الإعلام إخبار المتلقين من ارتكب الجريمة”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *