القدس المحتلة- في بيان صدر عن مكتبه أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن دخول المصلين إلى المسجد الأقصى المبارك سيكون متاحا خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان، كما كان الحال عليه في السنوات الماضية.
وجاء هذا البيان بعد اجتماع نتنياهو بكافة القوى الأمنية الإسرائيلية، وورد فيه أن أعداد المصلين ستكون “كما كانت في السنوات الماضية”، مضيفا أن تقييم الوضع سيجري أسبوعيا من حيث جوانب الأمن والسلامة، وأن القرارات ستتخذ وفقا لذلك.
ولم يوضح نتنياهو المقصود بالحال الذي كان عليه الأقصى خلال السنوات السابقة أو الأعداد المسموح بدخولها، كما لم يوضح وضع فلسطينيي الضفة الغربية وهل سيسمح لهم بدخول القدس والصلاة في الأقصى؟
وفي العموم، فإن دخول المصلين إلى المسجد لم يكن في السنوات السابقة سلسا، وتخللته إجراءات وقيود على دخول المصلين واقتحام المسجد من قبل المستوطنين وقوات الاحتلال، فهل يتكرر المشهد هذا العام؟
قيود واشتراطات
بالعودة إلى ما كان الحال عليه في شهر رمضان العام الماضي (2023) فإن سلطات الاحتلال أصدرت قبيل حلوله بأيام قرارا بشأن دخول سكان الضفة الغربية إلى القدس لأداء صلاة الجمعة.
وجاء في القرار حينها أنه سيسمح للنساء من كافة الأعمار باجتياز الحواجز العسكرية دون الحصول على تصاريح دخول خاصة، كما سيسمح للأطفال الذكور دون سن الـ12 باجتياز هذه الحواجز، وللرجال الذين تجاوزوا سن الـ55.
فيما اشترط الاحتلال على الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و55 عاما الحصول على تصاريح للصلاة، ومنع دخول من هم دون ذلك.
وفي أيام الجمعة من رمضان مُنع المئات من الفلسطينيين القادمين من مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية من اجتياز الحواجز العسكرية المؤدية إلى القدس بادعاء وجود “منع أمني”.
أما أعداد المصلين في أيام الجمعة في شهر رمضان من العام الماضي وفقا لمعطيات دائرة الأوقاف الإسلامية فكانت كالآتي: الجمعة الأولى: 100 ألف مصلّ. الجمعة الثانية: 250 ألف مصلّ. الجمعة الثالثة: 130 ألف مصلّ. الجمعة الرابعة: 250 ألف مصلّ.
اعتقالات وإبعادات
وتضاف إلى التضييقات على المصلين قبيل حلول شهر رمضان، تنفيذ حملة من الاعتقالات والاستدعاءات لمقدسيين وأهالٍ من الداخل الفلسطيني من أجل تسليمهم أوامر بالإبعاد عن المسجد الأقصى بادعاء أنهم “يشكلون خطرا، ويخلّون بالنظام العام”.
ورغم الانتهاكات ومحاولات منع الفلسطينيين من الوصول إلى المسجد، فإن المصلين نجحوا العام الماضي في فتح باب الاعتكاف في الأقصى منذ ليلة رمضان الأولى، ونجحوا في الاعتكاف لليلتين متتاليتين، لكن شرطة الاحتلال اقتحمت المصلى القبلي، وأجبرت جميع المعتكفين على الخروج من المسجد.
ثم نجح المصلون في تثبيت هذه العبادة مرة أخرى قبل العشر الأواخر، وقوبلوا بالطرد السلس والترهيب، ثم اقتُحم المصلى القبلي ليلة 14 و15 رمضان، وقُمع كل من وُجد فيه بعد الاستهداف المباشر للمعتكفين بالرصاص المغلف بالمطاط والقنابل الغازية والصوتية والهراوات، واعتقل 450 معتكفا مصابا دفعة واحدة.
وجدد الاحتلال خلال الشهر الفضيل أيضا معركة التقسيم المكاني باستهداف مصلى باب الرحمة من خلال اقتحام شرطة الاحتلال له على مدار يومين وتخريب تمديدات الكهرباء، ودفع ذلك بمجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في القدس لإصدار بيان حول الاعتداء على هذا المصلى ندد فيه بالانتهاكات والتصرفات العدوانية والتدخلات السافرة المستمرة من قبل شرطة الاحتلال وعرقلتها لأعمال إعمار المسجد الأقصى المبارك، وتعمد تخريب ما تقوم به دائرة الأوقاف الإسلامية من أعمال صيانة وترميم.
وبعد قمع المعتكفين بشكل وحشي مهدت شرطة الاحتلال لاقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى بمناسبة عيد الفصح اليهودي، وبلغ عددهم خلال 5 أيام من الاحتفالات 3430 مقتحما، ردّ المعتكفون على اقتحامهم بفعاليات الإرباك الصوتي والتكبيرات وأداء صلاة الضحى جماعة وبتغيير مسار المتطرفين بشكل جزئي.
رمضان فرصتنا نكسر الأبواب اللي سكّرناها ع حالنا وننزل على الأقصى نعمّره ونحتشد فيه.. ليش؟ لإنه الاحتشاد في الأقصى برمضان مش بس عبادة.. إنما:#فلنكسر_حصار_أقصانا #صلاتي_في_الأقصى pic.twitter.com/LwQUOOPyjW
— متراس – Metras (@MetrasWebsite) March 5, 2024
“شيطنة” رمضان!
قال الصحفي المقدسي المختص في شؤون المسجد الأقصى فراس الدبس للجزيرة نت إن تصريحات وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وتهويل الإعلام العبري والمحاولات المستمرة لـ”شيطنة” شهر رمضان هي التي تؤجج الوضع في القدس والمسجد الأقصى.
وأضاف أن المسلمين يتفرغون خلال هذا الشهر للعبادة، ويصلون إلى المسجد الأقصى فرادى وجماعات من أجل الصلاة والدعاء وقراءة القرآن والاعتكاف لا لممارسة أعمال عنف كما يدّعي بن غفير والإعلام الإسرائيلي.
وأشار الدبس إلى أن بيان مكتب نتنياهو جاء بعد ضغط أميركي وعربي كبير من أجل منع تأجيج الأوضاع وفتح جبهة جديدة بعرقلة وصول المصلين خلال شهر رمضان إلى المسجد الأقصى، مؤكدا أهمية عدم إغفال أن الاحتلال أحكم قبضته على هذا المقدس منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول المنصرم بشكل كبير.
ومنذ بدء العدوان على غزة في 7 أكتوبر الماضي يفرض الاحتلال إجراءات مشددة، خفت حدتها قليلا في الأيام الأخيرة، تضمنت منع دخول البلدة القديمة لغير سكانها ومنع دخول المسجد الأقصى للفئات العمرية الشابة.
وأضاف الدبس “تقلص عدد المصلين في أيام الجمع من 50 ألفا إلى 5 آلاف، وأصبح الدخول إلى الأقصى يخضع لأهواء الضباط والجنود المتمركزين على الأبواب، وذلك إذا نجح المصلون في الوصول إلى أبواب المسجد بعد اجتياز الحواجز التي تنصب على أبواب البلدة القديمة”.
ولم يمر رمضان عام 2022 بشكل أكثر سلاسة، إذ اقتحمت قوات الاحتلال المسجد الأقصى بعد صلاة فجر أحد أيام الجمعة، واعتدت على 30 ألف مصلّ، مما أسفر عن وقوع 158 إصابة واعتقال 476 من المعتكفين داخل المصلى القبلي.
كما شددت شرطة الاحتلال طيلة الشهر من إجراءاتها على أبواب البلدة القديمة وأولى القبلتين، ومنعت في معظم الأيام دخول من هم دون 40 عاما من الرجال، وتعمدت عقاب المصلين بشكل جماعي من خلال إلقاء الغاز المسيل للدموع باستخدام طائرة بدون طيّار، ونشرت فرق القنّاصة مرارا أعلى المصلى القبلي، وعلى الأسطح المحيطة بالمسجد الأقصى خلال الشهر الفضيل.