حذرت مجلة “ناشونال إنترست” في مقال من أن هناك مؤشرات تدل على أن إثيوبيا وإريتريا تستعدان لحرب بين الدولتين الجارتين الواقعتين في منطقة القرن الأفريقي.
وجاء في المقال الذي كتبه الباحث في برنامج دراسات الأمن الدولي بجامعة ييل الأميركية، غويتوم جبريلويل، أن من بين تلك المؤشرات تدفق شحنات الأسلحة من الإمارات والطائرات المسيرة من تركيا على إثيوبيا، كما أن هناك تقارير تفيد بأن إثيوبيا وإريتريا كلتيهما تعملان على زيادة حشد قواتهما على جانبي الحدود.
واعتبر الكاتب أن أي تصعيد متبادل بين الدولتين ووجود ثقافة “إستراتيجية” تنطوي على ارتياب عميق قد تدفع أحد الطرفين إلى توجيه ضربة استباقية تتحول إلى حرب شاملة.
اتفاق السلام مع التيغراي
واستعرضت ناشونال إنترست -وهي مجلة أميركية نصف شهرية متخصصة في الشؤون الخارجية- الأوضاع في إثيوبيا عقب توقيع الحكومة الفدرالية في أديس أبابا وجبهة تيغراي على اتفاق للسلام العام الماضي في بريتوريا بجنوب أفريقيا أدى إلى توقف القتال في شمال إثيوبيا.
وكانت الوظيفة الأساسية لذلك الاتفاق -برأي جبريلوتيل- تتمثل في تغيير نمط التحالفات الإستراتيجية في القرن الأفريقي، وتمهيد الطريق لحرب جديدة. وقد لعبت تلك التحالفات دورا محوريا في الإعداد للحرب الأهلية الإثيوبية منذ البداية.
وقال الباحث في مجال الأمن الدولي إن إحدى المهام الأولى التي اضطلع بها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد عندما تسنم السلطة في عام 2018 هي تحقيق السلام مع إريتريا والعديد من جماعات المعارضة المحلية.
تحالف إقليمي
لكن آبي أحمد كان منشغلا في واقع الأمر بإقامة تحالف إقليمي لترسيخ نموذج قومي استبدادي في جميع أنحاء منطقة القرن الأفريقي، فكان أن تحالف محليا مع القوميين الإثيوبيين ونظرائهم من عرقية الأمهرا، وعلى المستوى الإقليمي مع الرئيسين الصومالي محمد عبد الله فرماجو والإريتري أسياس أفورقي، وبلغت ذروة محاولاته بتوقيع الاتفاق الثلاثي في سبتمبر/أيلول 2018.
وزعم جبريلوتيل في مقاله أن الهدف الأساسي لتلك التحالفات هو التعاون في شن حرب ضد القوميات العرقية الأخرى في المنطقة، مثل الأورومو ومن بعدها ضد إقليم تيغراي حيث لعب إقليم أمهرة الإثيوبي ودولة إريتريا دورا حاسما في المجهود الحربي.
وبعد 4 سنوات -من الحرب في أقاليم أوروميا وبني شنقول وتيغراي، بات واضحا أن محاولات آبي أحمد للقضاء على القومية العرقية في بلاده قد باءت بالفشل، وأوشك اقتصادها على الانهيار.
وإزاء ذلك، عقد آبي أحمد سلاما -وصفه مقال ناشونال إنترست بأنه كان تكتيكيا- مع جماعات المعارضة الأورومية وجبهة تحرير تيغراي.
تراجع عن كل الوعود
وعلى الرغم من أن تلك المصالحات لم تكن صادقة -حسب المقال- فإنها انطوت على تراجع رئيس الوزراء الإثيوبي عن جميع الوعود التي قدمها لإريتريا والأمهرة والقوميين من أبناء وطنه.
ويمضي جبريلوتيل إلى القول إن الرئيس الإريتري أسياس أفورقي لم يصرح علنا بمعارضته لاتفاق بريتوريا، إلا أنه سعى إلى تقويضه وإضعاف حكومة آبي أحمد من خلال مواصلة احتلاله لجزء كبير من إقليم تيغراي في شمال إثيوبيا.
ويضيف في مقاله أن آبي أحمد لم يرد حتى وقت قريب علنا على تدخلات إريتريا في الشؤون الداخلية لإثيوبيا وانتهاكه لسيادتها.
منفذ على البحر الأحمر
غير أن الحكومة الإثيوبية أقدمت في الآونة الأخيرة على تحريض شعبها لاستعادة ما يسميه آبي أحمد “حق إثيوبيا التاريخي والطبيعي” في منفذ على البحر الأحمر.
وبالإضافة إلى الأفلام الوثائقية والبيانات العامة التي تروج لرسالة مفادها أن إثيوبيا محرومة من حقها غير القابل للتصرف في منفذ بحري، فقد أقيم عرض عسكري في أديس أبابا مؤخرا حيث كان الجنود يهتفون “البحر لنا، والسفينة لنا”.
ويعتقد جبريلوتيل أن خطاب آبي أحمد “الوحدوي” ليس مجرد رد على “استفزازات أفورقي الأخيرة، بل يعد جزءا من حنين إلى ماضي الإمبراطورية الإثيوبية البعيد”، الذي يراه نموذجا يجب الاقتداء به في الوقت الحاضر.
ومع ذلك، فإن الكاتب يرى أن هناك عدة عوامل قد تمنع إثيوبيا وإريتريا من تصعيد الصراع بينهما إلى حرب واسعة النطاق، من بينها أن الجيش الإثيوبي غارق في وحل إقليم أوروميا، ولا يزال يتعافى من حربه في تيغراي.
كما أن الجيش الإريتري فقد الكثير من جنوده في الحرب الأخيرة مع إثيوبيا، ومن غير المرجح أنه يرغب في مواجهة جيش إثيوبي يتمتع بموارد جيدة تحت إمرة قادة متمرسين من تيغراي.