لبنان- لم تتأخر سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في المشاركة في عملية “طوفان الأقصى” إلى جانب كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس وباقي فصائل المقاومة الفلسطينية، سواء في غزة أو في جبهة جنوب لبنان التي فتحت أبوابها للمرة الأولى للعمل الفلسطيني المقاوم بالتنسيق مع حزب الله.
وقدمت “السرايا” تضحيات كثيرة أثناء التصدي للعدوان الإسرائيلي على غزة، كما سقط لها 4 شهداء في جنوب لبنان في عمليتين تخللهما “تسلل خلف خطوط العدو” في جبهة الشمال.
وفي مقابلة خاصة مع الجزيرة نت أكد الدكتور محمد الهندي نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي على أن إسرائيل “ستكون مرغمة على إجراء عملية تبادل الأسرى مهما طالت أيام العدوان”.
وتحدث الهندي عن “النصر المتوقع رغم الألم الفلسطيني”، وعن المعادلة السياسية والعسكرية الجديدة التي فرضتها عملية “طوفان الأقصى”، بالإضافة إلى تقييم شامل لاستعدادات سرايا القدس على الصعيدين العسكري والميداني، والتفاعل العربي والدولي الرسمي والشعبي مع العدوان على غزة.
-
باعتبار “طوفان الأقصى” أكبر عملية للمقاومة ضد إسرائيل فرضت معادلة سياسية وعسكرية جديدة، ما هي وجهة نظر حركة الجهاد الإسلامي بشأن هذه العملية والرسالة التي نقلتها في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي؟
إنجاز المقاومة في 7 أكتوبر/تشرين الأول وانهيار وحدات النخبة في الجيش الصهيوني أمام المجاهدين كان لهما وقع الصاعقة على العدو وداعميه في الغرب والإقليم، ورغم الوجع الكبير من عمليات الانتقام ضد المدنيين من أهل غزة فإن هذا الانتقام أظهر صورا غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية.
ورغم ذلك فإن لهذه العملية أثرا إستراتيجيا بعيد المدى، خاصة إذا فشل العدو في ترحيل أهل غزة، وهو فاشل بإذن الله.
هذه العملية أعادت طرح القضية الفلسطينية على رأس سلّم أولويات العالم بعد أن كاد يطويها النسيان وبعد أن تُركت الضفة الغربية والقدس والأقصى تحت قبضة العدو الصهيوني لتصفية ما تبقى من فلسطين.
في الضفة، ومنذ عامين تقريبا أطلقت إسرائيل عملية “كاسر الأمواج” لالتهام ما تبقى من أراضٍ، وفي القدس تم الاستيلاء على بيوت المدينة وتقسيم الأقصى زمانيا في ظل حكومة فاشية يمينية متطرفة.
جاء هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول ليؤكد أنه لا سلام ولا أمن في المنطقة دون أن يأخذ الشعب الفلسطيني حقوقه كاملة، لا قوة إسرائيل ولا اتفاقات السلام والتطبيع مع الأنظمة العربية أو أي تواطؤ غربي يمكن أن يحقق أمن واستقرار الشرق الأوسط.
-
ما شروطكم على طاولة التفاوض في عملية تبادل الأسرى الإسرائيليين لديكم؟
عملية تبادل الأسرى لا تخص حركة الجهاد الإسلامي أو حركة حماس وحدها، بل هي عملية تخص كل الشعب الفلسطيني حيث يقبع في سجون العدو أكثر من 6 آلاف أسير فلسطيني، هم قادة هذا الشعب ومناضلوه.
تحاول إسرائيل أن تتهرب من هذه العملية ولو بتصفية جميع أسراها في قطاع غزة حسب قانون “هانيبال” الذي ينص على أن جنديا قتيلا أفضل من جندي أسير، ولكنها في النهاية وأمام هذا العدد الكبير من الأسرى وأمام الرأي العام الإسرائيلي الذي يتفاعل بقوة مع أهالي الأسرى الصهاينة ستجد نفسها ومهما ارتكبت من مجازر مرغمة على عملية تبادل تُدخل الفرحة إلى كل بيت فلسطيني.
أما الآن ونحن ما زلنا في منتصف المعركة فإن الحديث لا يدور عن صفقة تبادل أسرى، بل عن هدن متكررة يتم فيها إطلاق سراح بعض المدنيين، خاصة من حملة الجنسيات الأجنبية مقابل إطلاق سراح بعض الأسرى الأطفال والأسيرات والمرضى من سجون العدو وإدخال الوقود والمساعدات الطبية.
-
كيف تقيّمون وضع حركة الجهاد الإسلامي من الناحيتين العسكرية والميدانية، خاصة مع تصاعد التوتر واستمرار الاحتلال في ارتكاب مجازر تحت مسمى القضاء على المقاومة في غزة؟
عسكريا، “سرايا القدس” بخير، وميدانيا تواصل تصديها لقوات العدو المقتحمة لغزة بقذائف الهاون والقذائف الصاروخية الأخرى، كما تواصل إطلاق الصواريخ في العمق الصهيوني وفي مدن الغلاف، وتتمتع السرايا بمعنويات عالية، وهي مستعدة لمواصلة القتال لفترة طويلة.
العدو لم ينجح إلا في قصف المدنيين في بيوتهم ومساجدهم وكنائسهم ومشافيهم، وهذا هو النجاح الوحيد الذي يمكن أن تتحدث عنه إسرائيل، وهو في المقابل هزيمة جديدة لهذا العدو الذي لا يجيد المواجهة في الميدان فيقصف وينتقم من المدنيين في بيوتهم.
-
نفّذت حركة الجهاد الإسلامي عمليات عبر الجبهة الجنوبية للبنان، ما الرسالة التي أردتم إيصالها؟
الرسالة من تنفيذ عمليات من ساحة لبنان هي التأكيد على أننا شعب واحد وقضية واحدة ونواجه عدوا واحدا، وهو لا يستهدف فلسطين فقط، بل كل الأمة.
والفلسطينيون في الشتات يشكلون أكثر من نصف الشعب الفلسطيني، وسكان المخيمات في لبنان يتشوقون للمشاركة في تحرير وطنهم والعودة إليه، و”السرايا” في لبنان جزء من سكان مخيمات اللجوء.
-
ما التوقعات بشأن نتائج تعاون وتنسيق تركيا وإيران في دعوتهما لعقد مؤتمر إقليمي يهدف إلى منع تصعيد الحرب؟
التنسيق بين الدول الإسلامية -خاصة ذات الوزن والحضور مثل إيران وتركيا- مهم ويحسب له حساب، خاصة أنها تمتلك وسائل ضغط يمكن تفعيلها.
لكن حتى الآن واضح أن إسرائيل مستعدة لمواصلة جرائمها، ولا تقيم اعتبارا لأحد سوى الإدارة الأميركية التي تشارك في هذا العدوان بأشكال متعددة.
-
كيف تقيّم “الجهاد الإسلامي” التفاعل العربي والدولي مع العدوان الإسرائيلي على غزة رسميا وشعبيا؟
تفاعل الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم لم ينقطع منذ اليوم الأول لعدوان العدو وجرائمه ضد المدنيين، فعواصم عالمية مثل لندن وباريس وواشنطن شهدت أكبر مسيرات تهتف لحرية فلسطين، لكن الضغوط الشعبية على الإدارة الأميركية هي الأهم في سنة الانتخابات التي تبدأ للتو.
أما على المستوى الرسمي فالحكومات الغربية تدافع عن ذراعها في المنطقة وعن مشروعها للهيمنة على الإقليم الذي استثمرت فيه سنوات طويلة مئات مليارات الدولارات وجهودا كبيرة حتى تزرع إسرائيل في قلب أمتنا.
أما النظام العربي -الذي فشل في لقاء القاهرة من إدخال قطرة ماء واحدة إلى غزة- فلا قيمة له ولا وزن لا عند إسرائيل ولا عند الأميركيين.