أجرت صحيفة هآرتس مقابلة مع الصحفي البريطاني الأميركي مهدي حسن، الذي أصبحت الجماعات المؤيدة لإسرائيل تستهدفه بشكل متكرر بسبب هجومه “العنيف” على تصرفات الاحتلال والصهيونية والإدارة الأميركية في قطاع غزة.
وفي بداية حديثه مع الصحيفة الإسرائيلية، اعترف حسن أن أحد الأشخاص ممن أجرى حوارا معه في برنامجه “مهدي أنفيلترد” -الذي يقدمه في موقع “زيتيو” الرقمي التابع لشركة إعلامية جديدة يملكها وتحمل نفس الاسم- انتقده لأنه يغطي الأحداث في غزة كثيرا.
اقرأ أيضا
list of 2 items
مؤرخ فرنسي: الديمقراطية الأميركية تعيش حالة انهيارمؤرخ فرنسي: الديمقراطية الأميركية تعيش …
هل تضغط استقالة غانتس وآيزنكوت على نتنياهو لإنهاء الحرب؟هل تضغط استقالة غانتس وآيزنكوت على …
end of list
فرد عليه “كيف تكون تغطية الإبادة الجماعية المستمرة في حياتنا أكثر مما ينبغي؟”.
وأشارت هآرتس إلى أن مهدي حسن انتقل من العمل في قناة “إم إس إن بي سي” الإخبارية الأميركية ليؤسس شركة “زيتيو” الإعلامية الخاصة به والتي انطلقت في فبراير/شباط من هذا العام. و”زيتيو” هي كلمة يونانية تعني “البحث عن الحقيقة من أجل الوصول إليها”.
حركة للمساءلة الإعلامية
وتصف الشركة نفسها على موقعها الإلكتروني بأنها ليست منصة إخبارية فحسب بل هي “حركة للمساءلة الإعلامية”، تبث خدمة إعلامية تجمع بين مقاطع الفيديو والنشرات الإخبارية وبرامج البودكاست الصوتية، يقول مؤسسها ورئيس تحريرها مهدي حسن إنها ستقدم -من مقرها في الولايات المتحدة – “مقابلات قوية وتحليلات لاذعة لن تجدها في أي مكان آخر”.
وذكر الصحفي الإسرائيلي إيتان نيشين، أنه أجرى المقابلة مع حسن في منتصف مايو/أيار الماضي في مقر شركته الجديدة.
ووفق هآرتس، فقد أثار رحيل حسن عن قناة “إم إس إن بي سي” في يناير/كانون الثاني تكهنات بأن إلغاء برنامجه كان رد فعل على تركيزه على حرب غزة، وبسبب “طريقته الصدامية” في إجراء المقابلات.
وكان عضو مجلس النواب الأميركي عن الحزب الديمقراطي رو خانا، قد وصف في تغريدة إلغاء البرنامج بأنه “تصرف سيئ” من قبل قناة “إم إس إن بي سي”، في الوقت الذي كان يدافع فيه صراحة عن حقوق الإنسان بقطاع غزة في ظل احتدام الحرب هناك.
أما الآن، وبعد أن تحرر الصحفي البريطاني الأميركي من قيود المؤسسات الإعلامية، فقد بات كثير الظهور من أي وقت مضى.
وقال حسن للصحيفة الإسرائيلية: “لا ينفك الناس يحذرونني من أن أحرق نفسي مهنيا، وآمل ألا أفعل ذلك. ولكنني الآن أغتنم هذه اللحظة لأستخدم المنصات التي أملكها لأقول الحقيقة للسلطة”.
مُناظر بارع
ووصفت هآرتس، حسن، بأنه “مناظر بارع يتحرى بدقة عن الحقائق” التي يقدمها لضيوفه على الهواء، وهو “معروف بانتقاداته الحادة لإسرائيل”.
وذكرت أن الكثير من مقابلاته ذاع صيتها، خاصة بعد اندلاع الحرب على غزة، لا سيما المقابلة التي أجراها مع السفير الإسرائيلي السابق مارك ريجيف.
وأضافت أن مواقفه الصريحة جعلته هدفا متكررا لهجمات الجماعات والنشطاء المؤيدين لإسرائيل على الإنترنت.
وقد خالف موقع زيتيو كل التوقعات المبكرة، فمنذ إطلاقه في نهاية فبراير/شباط، حقق الموقع عائدات تقدر بمليوني دولار من 25 ألف اشتراك مدفوع الأجر، وفقا لمجلة “نيو ستيتسمان” البريطانية.
وقال حسن إنه ظل يعمل دائما صحفيا موظفا لدى المؤسسات الإعلامية الدولية، مثل (بي بي سي)، والقناة التلفزيونية البريطانية المستقلة (آي تي في)، وقناة الجزيرة الإنجليزية، وشبكة (إن بي سي) الأميركية، وسكاي نيوز البريطانية.
وتابع بأنه لم يسبق له أن عمل صحفيا مستقلا سوى لفترة 9 أشهر فقط، واصفا نفسه بأنه بات الآن “وحشا مختلفا”.
وفي مقابلته مع هآرتس، وجّه حسن سهام نقده لإسرائيل واصفا الاحتلال بأنه نظام فصل عنصري، وأفعاله خلال حربه في غزة بأنها “إبادة جماعية حقيقية”، مؤكدا، في الوقت نفسه، أن معاداة الصهيونية لا تعادل معاداة السامية.
ازدواجية معايير
كما أدان أيضا ازدواجية المعايير في وسائل الإعلام الغربية فيما يتعلق بإسكات الانتقادات الموجهة لإسرائيل. ووفق هآرتس، فقد أضحت انتقاداته أكثر حدة منذ بداية الحرب.
وبعد اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، ضغطت قناة (إم إس إن بي سي)، وشبكة (إن بي سي) على كل من مهدي حسن، واثنين آخرين من المراسلين المسلمين هما علي فيلشي وأيمن محيي الدين، على التوالي، لتغيير طريقة تغطيتهم للحرب في غزة.
وهو توجيه رأى البعض أنه استفراد بالصحفيين المؤيدين للفلسطينيين بينما تركوا الصحفيين الآخرين -مثل جو سكاربورو- يبدون آراءهم بحرية، حسب تأكيد الصحيفة الإسرائيلية.
واتهم حسن القنوات الفضائية قائلا إن أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول “أوضحت بجلاء تام أن هناك استبعادا لفلسطين، وفضحت نفاق أولئك الذين يدّعون الاهتمام بحرية التعبير”.
يساري التوجه
وزاد أن نفس أنصار الحزب الجمهوري الأميركي الذين دافعوا عن حرية التعبير في الجامعات هم أنفسهم الذين يتوقون الآن إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد احتجاجات الطلاب ورؤساء الجامعات وحتى زملائهم من أعضاء الكونغرس، ضد الحرب في غزة.
وبحسب هآرتس، يصر مهدي حسن على أنه يساري التوجه، وهو يفرِّق بين استهداف المدنيين والعسكريين، وهو ما جعله لا يؤيد “أي شخص يقول إن هجوم حماس كان مبررا”.
لكنه مع ذلك، يرفض انتقاد الحركة المؤيدة للفلسطينيين بأكملها، فـ”هناك أشخاص سيئو النية يريدون التركيز على ما يقوله شاب عشوائي في 19 من عمره في الحرم الجامعي، بينما يتجاهلون تصريحات قادة إسرائيليين مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي يتحدث عن إعادة توطين سكان غزة، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي يدعو إلى إبادة غزة بالكامل”.
العداء للسامية ومناهضة الصهيونية
وفيما يتعلق بالاتهامات بأن الحرب على غزة أدت إلى زيادة معاداة السامية، يوافق حسن على ذلك. ويقول في هذا الصدد “إنني لا أنكر أن الكثير من المناهضين للصهيونية هم معادون للسامية، والعكس صحيح: الكثير من المعادين للسامية يختبئون وراء معاداة الصهيونية. لا يمكنك التظاهر بعدم وجود تداخل”.
ومع ذلك، يؤكد حسن أن تصرفات إسرائيل والحكومات الغربية مثل ألمانيا والولايات المتحدة، قد طمست الخطوط الفاصلة، وجعلت أي نقد ضد إسرائيل موضع شبهة.
وحول هيمنة الحرب في غزة والاحتجاجات المناهضة لإسرائيل على العناوين الرئيسية في حملات انتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة، بشكل غير مسبوق، أعرب مهدي حسن عن اعتقاده بأن المرشح الجمهوري المفترض دونالد ترامب سيكون أسوأ من خصمه الديمقراطي جو بايدن فيما يتعلق بهذه المسألة.
فترامب -يقول الصحفي البريطاني الأميركي- لديه مستوطنة في مرتفعات الجولان تحمل اسمه، كما أنه يحظى بدعم علني من شخصيات يمينية إسرائيلية متطرفة.
وقد أعلنت شخصيات إسرائيلية بارزة أنها تفضل ترامب على بايدن، لأن انتخابه سيحفز “العناصر المتطرفة في السياسة الإسرائيلية”.