الرباط- منذ أن استيقظ المغاربة على أهوال زلزال الحوز في الثامن من سبتمبر/أيلول الحالي، لم ينم المهاجر المغربي في إسبانيا إسماعيل شكير وهو يجهز قافلة إنسانية لدعم المتضررين من تبعات الزلزال.
يوم الجمعة، عبر إسماعيل البحر الأبيض المتوسط من الجزيرة الخضراء في اتجاه ميناء طنجة برفقة 9 آخرين لنقل مساعدات إنسانية على متن 6 سيارات نقل وسيارة وشاحنة.
الجزيرة نت التقت إسماعيل ورفاقه في طريقهم إلى إقليم تارودانت المنكوب في أثناء استراحتهم في إحدى الباحات على بعد 11 كيلومترا شرق الرباط، وعاينت مراسلة الموقع حماس ثلة من الشباب -الذين يجمع بعضهم بين الجنسية المغربية والإسبانية- لتقديم يد العون لمنكوبي الزلزال.
يقول إسماعيل شكير -للجزيرة نت- إنهم اتصلوا قبل الخروج إلى الطريق، بناشطين مدنيين في المناطق المنكوبة لجرد المواد التي هم بحاجة لها، ويضيف، “أردنا أن تكون لمساعداتنا قيمة مضافة وأن يكون المنكوبون فعلا بحاجة إليها”.
وأحضر هؤلاء المهاجرون معهم مصابيح تعمل بالطاقة الشمسية وخياما وحفاضات الأطفال وفوطا صحية للنساء وبطانيات وأفرشة ووسائد ولوازم النظافة.
حماس كبير
ويؤكد إسماعيل تلقيه اتصالات من مهاجرين مغاربة من مختلف جهات إسبانيا يستفسرون عن السبل الكفيلة بنقل تبرعاتهم لبلدهم المنكوب، إلى جانب منظمات أهلية إسبانية وحكومية عرضت المساعدة.
بعد دقائق من وصول فوج المهاجرين إلى محطة الاستراحة، انضم رئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني إليهم.
ويوضح إسماعيل، “عندما علم الرئيس بعزمنا التوجه نحو المغرب لنقل مساعدات الجالية المغربية في إسبانيا، أصر على لقائنا لتقديم الدعم لنا”.
وفي جلسة حول إفطار مغربي أصيل، يتبادل الشباب أحاديث مع العثماني عن الحماس -المنقطع النظير- ورغبة المهاجرين في تقديم ما يستطيعون لنجدة إخوانهم المتضررين من الزلزال، وحالة التضامن غير المسبوق بين أفراد الجالية في كل المدن الإسبانية.
وخلال رحلتهم الطويلة والشاقة نحو المناطق المتضررة، ينقل هؤلاء المتضامنون ما جمعوه من مساعدات من 3 مدن أندلسية، هي غرناطة وملقا وألميرية، وهي -كما يقولون- الرحلة الأولى وستليها أخرى.
كما تهدف هذه الزيارة إلى تقييم الوضع في الميدان وتحديد حاجات المتضررين والمواد التي توجد حاجة إليها داخل المملكة، ثم العودة إلى إسبانيا لتنظيم قوافل أخرى بالتنسيق مع عدد من الشركاء هناك.
رحلة طويلة
ويعمل إسماعيل رئيسا لجمعية أصدقاء المغرب في إسبانيا وينسق مع جمعية أصدقاء المغرب في تزنيت وناشطين مدنيين في مختلف المدن، من أجل توجيه مساهمات المهاجرين نحو مستحقيها.
وتستهدف هذه القافلة الإنسانية في نسختها الأولى 8 دواوير (قرى) في تارودانت و3 في مراكش.
بعد الاستراحة القصيرة، بدأت الرحلة الطويلة التي ستتوقف لفترة في تزنيت، قبل أن تستأنف الطريق إلى تارودانت المنكوبة.
بمبادرة شخصية منه، قرر المغربي حسن العبدلاوي المقيم في إقليم جيرونا الإسباني -تبعد عن مدينة برشلونة نحو 100 كيلومتر- جمع مساعدات ونقلها بنفسه إلى المناطق المنكوبة.
يقول للجزيرة نت، إن أصدقاء له في مراكش ومدن شمال المغرب أخبروه بالنقص الكبير في الخيام والأغطية والأفرشة.
ويضيف، “اتصلت بـ5 من أصدقائي في جيرونا وأخبرتهم بالحاجيات فاستجابوا جميعهم للنداء، ذهبنا إلى محل خاص واشترينا اللازم من الخيام والأفرشة والأغطية وبدأت الاستعداد للسفر نحو المغرب”.
ويتابع، “بعض المهاجرين تبرعوا بالمال وطلبوا إيصاله مباشرة لبعض الأسر ليستعينوا به على قضاء حوائجهم في هذا الظرف الصعب”.
خلال مراحل هذه العملية، نسّق حسن مع جمعيات في المدن المستهدفة “معروفة بعملها الاجتماعي والتضامني في المنطقة قبل فترة الزلزال”، يؤكد للجزيرة نت.
كانت القرى في ضواحي مراكش أول وجهة للعبدلاوي، حيث وقف على حجم الأضرار والمنازل المهدمة.
يقول بأسف شديد، “كانت المشاهد أفظع من الصور في الإعلام، ورغم ذلك كان الناس يقفون في صلابة واستقبلونا بكرم لا مثيل له”.
وإلى جانب قرى مراكش، استهدفت قافلة حسن القادمة من جيرونا قرى في شيشاوة وأخرى في تارودانت.
هبّة جماعية
طيلة الرحلة التي نقل بعض أجزائها على مواقع التواصل الاجتماعي، لم تتوقف الاتصالات بحسن وهو في طريقه إلى شيشاوة، وكان معظمها من مهاجرين مغاربة في إسبانيا علموا برحلته ورغبوا في تقديم الدعم لأبناء بلدهم، يؤكد للجزيرة نت.
ويقول، “جميع أفراد الجالية يريدون تقديم المساعدة، لذلك ينبغي تنظيم الجهود وتوزيعها بشكل يجعل جميع المتضررين يستفيدون”، ويأمل ألا تتوقف هذه المبادرات ويستمر العمل بالتنسيق مع الجهات الموثوقة لكي تصل المساعدات إلى الأطراف التي تستحقها.
ويحضر المهاجرون المغاربة بقوة وبفعالية في هذه الأزمة التي يعيشها بلدهم الأم، إذ شهد ميناء طنجة المتوسط توافد عربات نقل وشاحنات تنقل مساعدات إنسانية قادمة من أوروبا.
وأطلق أفراد الجالية في دول أوروبية مثل فرنسا وإيطاليا وبلجيكا وغيرها حملات لجمع المساهمات العينية وتشجيع المهاجرين المغاربة على المساهمة ماديا في الصندوق الذي أحدثته المملكة لإعادة إيواء الناجين من الزلزال.
وتم إحداث هذا الصندوق الخاص بهدف تلقي المساهمات التطوعية التضامنية للمواطنين والهيئات الخاصة والحكومية، ومساهمات الدول الصديقة والشقيقة الراغبة في ذلك.