رام الله- تبدي منظمات حقوقية فلسطينية عدم رضاها عن أداء اللجنة الدولية للصليب الأحمر خلال الشهرين الأخيرين تجاه الأسرى الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية، إذ تقول اللجنة إنها لا تستطيع زيارة السجون منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في وقت يتواصل فيه أيضا منع المحامين وذوي الأسرى من زيارتهم.
ومؤخرا، اجتمع مسؤولون بمنظمات فلسطينية مع ممثلين عن اللجنة الدولية لإيصال موقفهم، وطالبوهم بالتحرك للكشف عن ظروف الأسرى، وتحديدا أسرى قطاع غزة، أو إصدار بيان من اللجنة تعلن فيه صراحة أن سلطات الاحتلال تمنعها من الزيارات، لكنها تمتنع.
ومنذ نحو شهرين، يعيش الأسرى الفلسطينيون ظروفا هي الأصعب على الإطلاق وسط انتهاكات أدت إلى استشهاد 6 منهم، وغموض وتكتم إسرائيلي حول أسرى غزة من حيث العدد وظروف الاعتقال، وفق تلك المنظمات.
رفض الطلب
يعرب رئيس الهيئة العليا لشؤون الأسرى (غير حكومية) في مدينة رام الله، أمين شومان عن أسفه لكون كافة المؤسسات الحقوقية العاملة في الأراضي الفلسطينية لم تتحمل مسؤولياتها كاملة إزاء ما يجري من انتهاكات بحق الأسرى.
وقال في حديثه للجزيرة نت إن اللجنة الدولية للصليب الأحمر لم تتمكن من زيارة أي من الأسرى الذين اعتقلوا بعد 7 أكتوبر، كما لم تتمكن من زيارة الأسرى القدامى قبل ذلك التاريخ، بمبرر أن هناك منعا للجنة الدولية من الزيارة.
وكشف شومان عن جلسة عقدت مؤخرا ضمت ممثلي مؤسسات الأسرى وممثلي اللجنة الدولية للصليب الأحمر الذي حضر من تل أبيب إلى رام الله “طالبنا اللجنة بضرورة إصدار بيان يوجه للرأي العام يؤكدون فيه منعهم من قبل السلطات الإسرائيلية من زيارة أسرانا وأسيراتنا”.
وقال إن الزيارة ضرورية وملحة في ظل ما يجري من اعتداء على أبسط حقوقهم الإنسانية وتعرضهم للضرب والتكسير وحرمانهم من الزيارات، وسحب كل مقتنياتهم وإتلافها، وفي ظل معاناتهم من أوضاع كارثية وإعادتهم للعصر الحجري داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية.
وحمّل شومان المؤسسات الحقوقية العاملة وعلى رأسها اللجنة الدولية “جزءا كبيرا من المسؤولية إزاء ما يجري من انتهاكات متواصلة داخل السجون”.
وتابع أن ممثلي المؤسسات الفلسطينية عبروا في الاجتماع الذي عقد بمقر اللجنة الدولية في رام الله عن قلق كبير على المعتقلين، لكن إجابة ممثل اللجنة كانت أنهم ممنوعون من الزيارات، وعند مطالبته بإصدار بيان عن هذا المنع رفض وقال إن ذلك من اختصاص اللجنة في جنيف.
اعتقلتني إسرائيل عندما كنت طفلا:
أكتوبر 2002
و يناير 2004
وفبراير 2006
وحزيران 2006
وتموز 2007
وآب 2009
دوما زارني الصليب الأحمر على انفراد.
في حياتي كلها لم يقم أحد منهم بمعانقتي!
لم تتجاوز تحياتهم المصافحة.
هنا نشاهد أحضانا جماعية من الصليب للإسرائيليات المفرج عنهن من غزة. pic.twitter.com/0ouJnvWl2k— Muath Hamed 🔻 (@MuathHamed) November 29, 2023
مطالب بتحرك فوري
بدوره، قال مدير نادي الأسير الفلسطيني عبد الله الزغاري “بالتأكيد لا يوجد هناك أي رضى عن ما يقوم به الصليب الأحمر تحديدا فيما يتعلق بالأسرى داخل السجون، حيث لم يتمكن من بداية العدوان من زيارة السجون على الإطلاق”.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت “طالبنا الصليب الأحمر منذ بداية العدوان بالتحرك الفوري وقمنا بتسليمه رسالة مفصلة بحجم الاعتداءات وقطع المياه والكهرباء وتجريد الأسرى من أغراضهم الشخصية”.
وقال المتحدث نفسه إن اللجنة -كمنظمة دولية حقوقية- يستند وجودها في الأراضي الفلسطينية إلى معايير، ولها صلاحية أكثر من أي مؤسسات أخرى “ويجب أن يكون لها ضغوطات كبرى لتتمكن من القيام بدورها وكشف ما يتعرض له الأسرى”.
وتابع “يجب على الصليب الأحمر أن يصدر بيانا صحفيا ويقوم بمؤتمر إعلامي يوضح من الجهة التي تقف وراء منعه، وألا يبقى صامتا أمام ما يتعرض له الأسرى داخل السجون، الذين يعيشون كارثة وفق ما يصلنا من شهادات”.
وفي ظل شح المعلومات، يتوقع مدير نادي الأسير أن تقوم اللجنة الدولية بدورها لكشف ما يتعرض له الأسرى، معربا عن خشية أن تُمارَس اعتداءات قد تؤدي لاستشهاد أسرى آخرين إضافة إلى 6 استشهدوا منذ بداية هذا العدوان داخل السجون.
وأشار، في السياق ذاته، إلى استمرار منع المحامين من زيارة الأسرى إلا في حالات قليلة وبإجراءات قضائية، وقال “هناك قيود وعراقيل كبيرة بحق المحامين أثناء الزيارة حيث يحضر الأسرى مكبلي الأيدي والأرجل”.
وطالب الزغاري الصليب الأحمر بـ”سرعة زيارة الأسرى داخل السجون، وكشف مصير أسرى قطاع غزة الذين لم يفصح الاحتلال عن أي معلومات عنهم على الإطلاق”.
تغطية صحفية: أهالي الأســرى يعتصمون أمام مقر الصليب الأحمر في البيرة؛ تنديداً بـ”تواطؤ الصليب مع الاحـــتـلال وصمته في ظل تصاعد قمع الاحـــتـلال بحق الأســرى”. pic.twitter.com/GZ6mHaUuru
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) December 5, 2023
حراك الشارع
في ظل ما تعتبره مؤسسات فلسطينية “تقصيرا” من الصليب الأحمر، بدأ حراك الشارع ضد المنظمة، وانتظم نشطاء فلسطينيون، الثلاثاء في اعتصام أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمدينة البيرة وسط الضفة، قالوا إنه يقام بالتزامن مع وقفات مماثلة في عدة عواصم عنوانها “الصليب الأحمر شريك للعدو الصهيوني في الإبادة الجماعية”.
وفي تغريدات، قارن نشطاء بين تعامل بعض موظفي اللجنة مع الأسرى الفلسطينيين، وتعاملهم مع المحتجزين الإسرائيليين الذين أفرج عنهم في غزة ضمن صفقة تبادل.
ونشر الإعلامي الفلسطيني معاذ حامد مقطع فيديو تظهر فيه موظفة الصليب الأحمر تعانق إحدى المحتجزات الإسرائيليات المفرج عنهن في غزة قبل أيام، وأشار إلى اعتقاله 6 مرات، أولاهن كان طفلا. وقال “دوما زارني الصليب الأحمر على انفراد. في حياتي كلها لم يقم أحد منهم بمعانقتي! لم تتجاوز تحياتهم المصافحة، هنا نشاهد أحضانا جماعية من الصليب للإسرائيليات المفرج عنهن من غزة”.
وحاولت الجزيرة نت التواصل مع مسؤولي الاتصال لدى اللجنة للحصول على تعقيب منها على الاتهامات الموجهة لها بالتقصير، ولم تتلق أي رد.
وكانت اللجنة قد عبرت، في بيان يتيم، صدر أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن “قلق عميق” إزاء عدم قدرتها على تقييم ظروف المعتقلين الفلسطينيين والمعاملة التي يتلقّونها.
وأضافت، حسب البيان ذاته، “يجب استئناف الزيارات العائلية. نحن على اتصال مع عائلات المعتقلين، ونتواصل مع السلطات (الإسرائيلية) بهذا الشأن من خلال حوارنا الثنائي غير العلني، وسنواصل تذكير السلطات بالتزاماتها”.