طولكرم– عملية سريعة ومهمة فاشلة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، هكذا وصفت مصادر محلية فلسطينية ما جرى بمخيم طولكرم للاجئين قرب مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية، صباح الخميس. ومقابل تمكّنه من اغتيال شابين من المنطقة، لاقى الاحتلال مقاومة شديدة أوقعت خسائر في صفوفه.
وكانت وزارة الصحة الفلسطينية أعلنت صباح الخميس تلقيها بلاغا باستشهاد الشابين: عبد الرحمن فارس عطا (23 عاما) وحذيفة عدنان فارس (27 عاما). وقال بيان لجيش الاحتلال إن الشابين قُتلا بعدما أطلقا النار على مركبة للمستوطنين ثم على حاجز إسرائيلي قرب قرية شوفة بمنطقة طولكرم.
وعقب نشر الفلسطينيين مقطع فيديو يظهر إصابة صعبة لأحد جنوده في مخيم طولكرم فجرا، اعترف جيش الاحتلال بإصابة 5 من جنود “وحدة حرس الحدود” الخاصة، في انفجار عبوة ناسفة بالمخيم، وقال إن 3 من المصابين بحالة خطرة.
وحاول جيش الاحتلال وعبر قواته الخاصة اقتحام مخيم طولكرم بُعيد الخامسة من فجر اليوم، ليكشف أمره منذ اللحظات الأولى مقاومون أعدّوا لهذه المواجهة، وباغتوا الجنود بوابل كثيف من الرصاص أدى إلى إصابة أحدهم بجروح في رأسه، وفق ما أكده مواطنون وشهود عيان، ونشرته مجموعات المقاومة المسلحة عبر وسائل الإعلام.
وبشأن ما جرى، يقول بشار فوازعة شاهد العيان وأحد سكان حارة “البلاونة” التي وقع فيها الحدث، إن المقاومين رصدوا اقتحام شاحنة لنقل المواد التموينية منذ بدء توغلها بمحيط المخيم، وقاموا بمتابعتها إلى أن وصلت لأطرافه الشمالية حيث حي “البلاونة”.
فشل المهمة وصمود للمقاومة
وأضاف فوازعة في حديث للجزيرة نت، أن الشاحنة التي كانت تقل عددا كبيرا من القوات الخاصة الإسرائيلية فوجئت بإغلاق مدخل الحي المؤدي للمخيم، فسلكت طريقا آخر قريبا وترجل منها الجنود.
“وعندئذ، تم اكتشافهم من المقاومين الذين اشتبكوا مع الجنود من نقطة صفر لأكثر من 15 دقيقة تخللها عمليات إطلاق نار كثيفة وإلقاء قنابل متفجرة، وأصابوا أحد الجنود في رأسه” حسب شاهد العيان.
وقال فوازعة إن جنود الاحتلال الذين ساندتهم آليات عسكرية أخرى اقتحمت المخيم، أخذوا يطلقون النار عشوائيا تجاه المواطنين ومنازلهم، كما أطلقوا قنابل متفجرة أدت إلى أضرار بالمنازل، في حين فجر المقاومون قنابل وعبوات محلية الصنع بجنود الاحتلال وآلياته التي توغلت للمخيم.
وبيّن فوازعة أن اكتشاف أمر القوات الخاصة عطل مهمتها التي يتوقع أن تكون “اغتيال مقاومين” بالمخيم، لافتا إلى أنه ومنذ اللحظة الأولى لدخول الشاحنة التي تقل تلك القوات عمَّم المقاومون عبر وسائل الاتصال المختلفة الخبر، وأكدوا أنهم يقومون برصدها.
وحاول جيش الاحتلال اعتلاء أسطح المنازل في المخيم لنصب قناصته فوقها، لكن مهمته فشلت من شدة الاشتباك واستهداف المقاومين للجنود، وقال شاهد العيان إن عملية جيش الاحتلال فشلت ولم تسفر عن اغتيال أو اعتقال مقاومين، وأن شابا يدعى محمد خضرة (34 عاما) وهو أسير محرر أصيب برصاص الاحتلال في قدميه وتم اعتقاله.
حالة وطنية بعتاد محلي
وتقول مصادر محلية إن هذه أول عملية ترجُّل لجنود الاحتلال تتم داخل أزقة المخيم منذ تشكل “الحالة الوطنية” (كتائب المقاومة) منذ نحو 6 أشهر، وأن كتائب المقاومة من مختلف الفصائل أصبحت حالة منتشرة بشكل كبير في المخيم، وتتصدى جيدا لاقتحامات الاحتلال وتوغلاته.
وفي بيانها العسكري قالت كتائب المقاومة في مخيم طولكرم إنها تصدت لتسلل قوات الاحتلال الخاصة إلى المخيم، وأكدت أنها كانت ترصدها منذ اللحظات الأولى للاقتحام، وأوقعتها بكمين محكم.
وقالت “مجموعات الرد السريع” التابعة لكتائب شهداء الأقصى (تشكيل محسوب على حركة فتح) إنهم أوقعوا إصابات محققة بجنود الاحتلال، مؤكدة أنها استخدمت عبوات متفجرة محلية الصنع من طراز “الأمير 1″ و”رائد 1” وهي أسماء لمقاومين شهداء.
وكشف بيان للمقاومين وصل الجزيرة نت، عن استحواذهم على عتاد عسكري ومقتنيات لجنود الاحتلال، وتحدوا الاحتلال بأن يكشف عن ذلك، وتوعدوه بالقول إن “الحساب مع الاحتلال ما زال مفتوحا”، وإنهم لن ينسوا دماء الشهداء وعذاب الأسرى والاعتداء على “حرائر الخليل والقدس الشريف”.
ومن جهتها، أعلنت “كتائب القسام” الجناح العسكري لحركة حماس، في بيان لها، اشتباكها مع جنود الاحتلال “من نقطة صفر” بعد إيقاعهم في كمين محكم أعد مسبقا. وأكدت أن المقاومين خاضوا اشتباكا عنيفا أدى إلى انسحاب الجنود من المخيم.
“تلاحم وطني”
وأغلقت قوات الاحتلال مختلف مداخل مخيم طولكرم ومخارجه، في حين اعتلت القناصة عمارات محيطة به بهدف “القنص والقتل” حسب فيصل سلامة رئيس لجنة الخدمات بالمخيم.
وقال سلامة للجزيرة نت، إن جيش الاحتلال وقواته الخاصة “فشلت بمهمتها”، وإن المقاومين تصدوا لها بكل قوتهم وعتادهم العسكري، مضيفا أن “ما حدث هو تبادل لإطلاق نار غير متكافئ، فجيش الاحتلال توغل بعشرات الآليات والجنود، واستخدم طائرات الدرون، وأطلق وابلا كثيفا من النيران والقنابل المتفجرة”.
ويقول سلامة إن المختلف بمخيم طولكرم لا سيما بهذا الاقتحام هو “حالة التلاحم الوطني” بين المقاومين والأهالي على حد سواء، “ولهذا أصبح هنا شباب مقاوم ومتمرس يحمل السلاح ليدافع عن أرضه”.
وأضاف سلامة أن هذه الحالة تشكلت في ظل ممارسات الاحتلال على الأرض من قمع واعتقال واغتيال وبسبب انغلاق الأفق السياسي والاقتصادي أمام هذا “الجيل المقاوم الذين حملوا أرواحهم فوق أكفهم، وأعلنوا تصديهم لجيش الاحتلال الذي يوغِل باقتحاماته وقتله الفلسطينيين بدم بارد”.
من جهته، نقل الخبير الفلسطيني بالشأن الإسرائيلي محمد أبو علان عن المواقع العسكرية الإسرائيلية، أن المصابين من جيش الاحتلال هم من وحدة المستعربين التابعة لحرس الحدود، وأنهم أصيبوا بفعل عبوة ناسفة أُلقيت على آليتهم العسكرية في أثناء انسحابهم من المخيم.