مع زيادة نفوذ روسيا وتراجع فرنسا.. ما سر جولة وزير الدفاع الأميركي لأفريقيا؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

أثارت جولة وزير الدفاع الأميركي إلى القارة الأفريقية جملة من التساؤلات حول أهميتها ودلالة توقيتها وهل شرعت واشنطن بسياسة جديدة تجاهها، بظل أحداث عاصفة متتالية تعرفها القارة السمراء كالانقلابات العسكرية وتراجع النفوذ الفرنسي مع زيادة نظيره الروسي.

وشملت جولة أوستن زيارة جيبوتي وفيها قاعدة “لومونييه” العسكرية الوحيدة الدائمة للولايات المتحدة بأفريقيا، علاوة على زيارة كينيا التي لم يزرها وزير دفاع أميركي منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، إلى جانب أنغولا التي لم يزرها وزير دفاع أميركي سابقاً.

وقال الوزير على هامش زيارته إن أفريقيا تستحق أفضل من مستبدين يبيعون أسلحة رخيصة ويفرضون قوات مرتزقة مثل مجموعة فاغنر أو يحرمون الجياع في جميع أرجاء العالم من الحبوب، كما تطرق إلى مستقبل الشراكة الأميركية الأفريقية.

وفي حديثه لبرنامج “من واشنطن” -في حلقته بتاريخ (28/9/2023)- لفت ريد كرامر مؤسس ورئيس موقع “أول أفريقيا دوت كوم” إلى أهمية زيارة أوستن خاصة إلى كينيا وأنغولا، لأن الأخيرة لديها جيش كبير ولا تعد حليفا تقليديا للولايات المتحدة.

ويشير إلى أن هناك اندفاعا أميركيا نحو أفريقيا ولكن 2023 كان عاما صعبا لأفريقيا مثلما حدث في السودان من اقتتال، وسط تأكيده أن واشنطن تحاول صياغة نمط جديد أو شراكة مع بلدان القرن الأفريقي.

ورأى الكاتب والمحلل السياسي محمد بويصير في معرض تعليقه على جولة أوستن، أن القصة ليست إلى أين ذهب، ولكن “أين لم يذهب”، موضحا أنه زار بلدين من أغنى بلدان أفريقيا (كينيا وأنغولا)، في حين أن أزمة أفريقيا في بلدانها الفقيرة.

وشدد على أن حديث أوستن حول الديمقراطية وحقوق الإنسان يليق بدول غنية ولكن لا يمكن أن يجد صدى وقبولا في النيجر ومالي وغيرها في ظل نسب الفقر المرتفعة.

اختراق الروس

وأكد بويصير أن الروس تتمثل سياستهم في التحالف مع طرف محلي وعسكري وتنمية قدراته للسيطرة على السلطة لكي يفتح لهم الطريق للنفوذ، “لذلك من السهل العثور على جنرال ينفذ انقلابا”، وهو أسهل من الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.

ومن هنا ينشط الروس في اختراق القارة الأفريقية ويتقدمون فيها، وقال إنها يعتبرونها “أوكرانيا الثانية” ويدخلونها من منطلق عسكري، مشيرا إلى أن الصين لا تزعج أميركا لأن القصة محصورة بالتعاملات الاقتصادية.

وفي معرض إجابته عن سؤال حول الدول التي لم يزرها أوستن في أفريقيا، عرج إلى حالة ليبيا التي وصفها بالخاصة، في ظل تحالف الروس مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر، والذي يزور موسكو حاليا.

وكشف أن الروس يريدون توسيع وجودهم في البلد العربي الأفريقي لقرب الساحل الليبي من الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي، كما أن ليبيا تعد ممرا إلى جنوب الصحراء وهي مرتع العمليات الأمنية الروسية.

مساعدات أميركا

وفي ما يتعلق بنظرة الأفارقة للغرب، رجح كرامر احتمالين؛ الأول يتمثل بوجود تيار سائد معادٍ للغرب خاصة من قادة الانقلابات العسكرية الجديدة، في حين يبرز الاحتمال الآخر بوجود تمييز يتم بين الفرنسيين والولايات المتحدة.

وأشار إلى أن إدارة بايدن تحاول استخدام أدوات ضغط متعددة لبناء العلاقات مع أفريقيا لا ترتكز على أساس عسكري فقط، وإنما مبادرات مثل تمكين المرأة، والاندماج الرقمي، وزيادة الاستثمارات، وتوفير التمويل لبرامج العون وتقديم المساعدات الإنسانية.

ومع إقراره بوجود امتعاض أفريقي من الغرب، يعتقد كرامر أن العلاقات الأفريقية الأميركية سوف تستمر وستبقى واشنطن على علاقات وثيقة مع عدد كبير من البلدان.

وخلص بويصير إلى أن أميركا تعمل من منظور الديمقراطية والمساعدات مقابل دعم الروس أفرادا للاستيلاء على السلطة، معتقدا أن سياسة واشنطن هذه لا تحسم معركة إستراتيجية النفوذ مع روسيا في القارة السمراء.

وكذلك انتقد برامج المساعدات الإنسانية الأميركية لأفريقيا مثل قضايا المناخ، وقال إنها ليست أولوية لأفريقيا، علاوة أن عديد القيادة الأميركية لأفريقيا “أفريكوم” أقل من القوات الروسية هناك.

يذكر أن البرنامج استضاف في الحلقة سارة تشارلز مساعدة مدير مكتب المساعدات الإنسانية بالوكالة الأميركية للتنمية، وقالت إن جمال الطريقة التي دعم بها الكونغرس والشعب الأميركي المساعدات الإنسانية “السخية” يبرز في التمييز بين ضحايا الأنظمة القمعية والضحايا التي يعيشون تحت سيطرة المنظمات الإرهابية وأولئك الذين يديرونها.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *