معركة حلب.. بين التوازنات المتغيرة والسيناريوهات الجديدة بالمنطقة

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 4 دقيقة للقراءة
العمليات القتالية شملت في جزء منها المنطقة المعروفة باسم منطقة بوتين- أردوغان (الأناضول)

استثمار التحولات واستباق المتغيرات

تشير صحيفة نيويورك تايمز الأميركية (عدد1 ديسمبر/كانون الأول) إلى أن “التصعيد الجديد يعد انعكاسا واضحا لما يحصل في المنطقة وللصراعات بالوكالة في سوريا وتأثير القوى الإقليمية والدولية في النزاع”، وهو امتداد لأزمة خمدت نسبيا، لكنها تحمل دائما عوامل التفجير، في غياب حل شامل.

وفيما اعتبرت إيران على لسان قادتها، وبينهم الرئيس مسعود بزشكيان أن “أحداث سوريا جزء من مؤامرات الكيان الصهيوني”، وتعهدت بتقديم شتى أنواع المساعدات لدمشق، نددت روسيا من جهتها بالهجوم الذي شنته فصائل المعارضة السورية، وتعهدت بمواصلة تقديم المساعدة لدمشق.

من جانبها، عبّرت تركيا عن قلقها من التصعيد داعية إلى التهدئة، وتشير تحليلات إلى أن جميع الأطراف الفاعلة بما فيها تركيا والمعارضة السورية المسلحة حاولت استثمار الفترة الرمادية بالولايات المتحدة وقبل تولي الرئيس دونالد ترامب رسميا في يناير/كانون الثاني المقبل بفرض خارطة سيطرة جديدة.

ورغم أن تركيا لم تؤيد العملية رسميا، يرى محللون أن تركيا غضت الطرف عن اندفاع المعارضة المسلحة بعد فشل محاولات بذلتها روسيا على مدى العام الماضي لعقد قمة بين الرئيسين السوري بشار الأسد والتركي رجب طيب أردوغان، واعتبر ذلك تعنتا من الرئيس السوري، الذي اشترط انسحاب القوات التركية، وهي بالتالي محاولة من أنقرة لكسب أوراق جديدة، وفق المحللين.

وتبقى المسألة الكردية الهاجس التركي الأكبر في سوريا، حيث تتمركز قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في مدينتي منبج بريف حلب الشرقي وتل رفعت بريف حلب الشمالي قرب الشريط الحدود مع تركيا.

وبالتوازي مع عملية “ردع العدوان” أطلقت المعارضة السورية المسلحة أيضا عملية “فجر الحرية” التي تستهدف المناطق الخاضعة لنفوذ “قوات سوريا الديمقراطية” في ريف حلب الشمالي والشرقي، وسيطرت على مدينة تل رفعت وأريافها، كما ينتظر أن تنسحب قوات “قسد” من حيي الشيخ مقصود والأشرفية في حلب بعد محاصرتهما من قوات المعارضة المسلحة، بناء على اتفاق بين الطرفين.

وتشير المعطيات الميدانية إلى أن هجمات المعارضة المسلحة -التي تكتسب زخما متواصلا مع غياب أي وجود لقوات الجيش السوري (كانت تتمركز في أجزاء من تل رفعت ومنبج) قد تستهدف أيضا السيطرة على منبج وعين العرب (كوباني).

وأعلنت الولايات المتحدة وتركيا في 4 يونيو/حزيران 2018 الاتفاق على خطة لسحب وحدات حماية الشعب الكردية (الجناح العسكري لقوات سوريا الديمقراطية) من مدينة منبج الواقعة في شمال سوريا، لكن مجلس منبج العسكري الذي يدير، خضع لسيطرة قيادة (قسد)، وتتهم تركيا المجلس باستمرار بانتهاك الاتفاق.

وفي تعقيبه على عملية “ردع العدوان”، قال الناطق باسم الخارجية التركية أونجو كيتشيلي إن بلاده “تتابع عن كثب التطوّرات التي تدفع إلى توتّرات، يمكن أن يستفيد منها الإرهابيون (في إشارة إلى الأكراد) الموجودون في منطقتَي منبج وتل رفعت”، مؤكدا أن اتفاقات أستانا “تنصّ على تنظيف المنطقة من الإرهابيين، وهو ما لم تطبّقه الجهات الراعية لأستانا، الأمر الذي يضاعف قلقنا”.

من جهته، قال الكاتب في صحيفة “حرييت” التركية عبد القادر سيلفي إن “الهجمات على إدلب تواصلت، فاضطرت هيئة تحرير الشام إلى الرد، كما أن حزب العمال الكردستاني لم ينسحب من شرقي الفرات لمسافة 32 كيلومترا، والولايات المتحدة لم تنفّذ تعهداتها، مؤكدا أن “أولوية تركيا هي محاربة الإرهاب. ولن تسمح للمجموعات الإرهابية في منبج وتل رفعت بالاستفادة من عدم الاستقرار”.

ويرى مراقبون أن المعارضة المسلحة تعمل مع تقدمها السريع والمفاجئ للسيطرة على مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية بما يخدم في النهاية مصالح أنقرة لاستكمال “الحزام الآمن” في الشريط الحدودي الشمالي أثناء الفترة الانتقالية الراهنة بين إدارتي الرئيسين جو بايدن ودونالد ترامب، وانشغال موسكو ودمشق بصدّ الهجوم المباغت على حلب ثم حماة.

وحسب تقديرات المحللين، لن تكون إدارة الرئيس ترامب مهتمة كثيرا بالوضع في سوريا وقد تفكر في سحب القوات والقواعد الأميركية- التي كانت تنسق مع الأكراد في الحسكة ودير الزور والقامشلي بالشمال الشرقي للبلاد- وهو ما يتيح حرية العمل لتركيا في المناطق الحدودية وفرض حقائق ميدانية جديدة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *