لندن- أعلن الاتحاد الوطني للتعليم (إن إي يو) -وهو أكبر نقابة للعاملين بالتعليم في بريطانيا ويتجاوز عدد أعضائه نصف مليون- عن نجاح العريضة رقم 36 في المؤتمر السنوي الوطني، والتي أشارت إلى أنه في ضوء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المعقد وما يثيره من آراء متعارضة تواجه المدارس والكليات تحديات في الاستجابة لردود أفعال الطلاب تجاه أحداث العنف في غزة.
كما شملت العريضة بنودا أخرى عن التضامن مع فلسطين، من بينها حث الأعضاء على المشاركة في المسيرات الوطنية، والتنسيق مع النقابات والاتحادات العمالية ذات الصلة للتشبيك ودعم فلسطين، واستمرار الدعم المالي من خلال مؤسسة “نينا فرانكلين” لبناء مدارس في فلسطين.
وبما أن الاتحاد الوطني للتعليم يقوم بابتعاث معلمين بشكل سنوي في مهام أكاديمية للتدريس والدعم في الضفة الغربية وغزة فقد حثت العريضة على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار التوجهات السياسية للكوادر النقابية، وضرورة انتخاب شخصيات تتماشى مع سياسات النقابة العامة، في إشارة إلى دعوة النقابة لوقف إطلاق النار والتضامن مع فلسطين.
وأوضحت العريضة أهمية دور الأعضاء في خلق بيئة تعليمية متوازنة للطلاب، بهدف تنمية فهمهم لحقوق الإنسان، وأبرزت الحاجة إلى استمرار الجهد المبذول لمعالجة قضايا مناهضة العنصرية، وذلك من خلال المناهج الدراسية وتعزيز بيئة مدرسية إيجابية، وعليه قررت العريضة توصيات عدة، أبرزها إصدار أدلة مرجعية تعليمية لكافة المراحل التعليمية التي يغطيها الأعضاء لتكون مرجعية للعاملين.
تمكين المعلمين
وفي تعليقه للجزيرة نت بعد تمرير العريضة 36، قال الأمين العام للاتحاد الوطني للتعليم دانييل كيبيدي “اليوم نكرر دعوة الاتحاد إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة، وتحقيق العدالة والمساواة للشعب الفلسطيني”.
وعن التفاصيل التنفيذية للعريضة، صرحت عضوة المجلس التنفيذي للاتحاد الوطني للتعليم لويس ريجان قائلة “نحن لسنا الحكومة، ولكننا نستطيع أن نؤثر ونتحدث عن أمور نراها، العريضة تتحدث عن الوضع الحالي، ولكن لدينا تاريخ طويل الأمد في دعم فلسطين، الآن نخطط لإنتاج مواد تعليمية يستطيع المعلمون استخدامها لفهم النزاع الفلسطيني الإسرائيلي”.
وأضافت “نحن نؤمن بأن الطلاب يجب أن يفهموا ويتحدثوا مع معلميهم وزملائهم في المدارس والكليات عما يحدث بحرية بشكل متوازن بدلا من الحصول على معلومات غير واضحة، نود أن نمكّن أعضاءنا في المدارس لكي يديروا نقاشات حرة فيها بطريقة تعطي لهم مساحة”.
وأوضحت “أعضاؤنا يواجهون تحديات بسبب الأحداث في فلسطين، هم لديهم منهج يلتزمون به، لكن هناك نقاش طبيعي يجب خوضه، هناك آراء عدة، ونحن سنضع المرجعية في مواد تعليمية، ليس فقط عن الصراع، ولكن عن تصاعد الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية في المملكة المتحدة”.
وأشارت إلى أن العريضة جاءت بقصد تمكين الأعضاء العاملين وإعطائهم المعلومات بمرجعية نقابية، لتنفي أي حرج عن أي تكهنات بالآراء الشخصية من شأنها أن تثير الخوف من النقاش، في إشارة إلى موقف النقابة الداعم لوقف إطلاق النار والمعارض للموقف الرسمي للحكومة، كما أكدت ريجان أن هذا الدليل سيتوفر قريبا من خلال موقع الاتحاد الإلكتروني.
عكس توجهات الحكومة
وفي ردها على الجزيرة نت صرحت وزيرة التعليم جيليان كيجان عبر البريد الإلكتروني بأن “هذه العريضة تعكس أيديولوجية تدعو للانقسام، ولا أعتقد أنها تمثل معلمينا، فهذه العريضة غير مناسبة على الإطلاق، وتتجاهل الهجمات الإرهابية المروعة التي ارتكبتها حماس في 7 أكتوبر، ومن واجب المعلمين أن يظلوا محايدين سياسيا وأن يضمنوا عرض جميع وجهات النظر المتنازع عليها بشكل عادل ودون تحيز أو تحامل”.
وأضافت كيجان “هذه العريضة ستسبب ضررا كبيرا لأفراد الجالية اليهودية وآلاف الأطفال والآباء اليهود في المدارس البريطانية”، لكن الاتحاد الوطني للتعليم نفى أي علاقة بين هذه المواد التعليمية أو الإضرار بالجالية اليهودية، وتمسك بقراره حتى بعد انتقادات وزيرة التعليم في الصحف، وأكد أنه لن يقبل التنظير من الوزيرة.
من جهته، ذكر مدير مؤسسة “مصلحة” المدنية رحيل محمد للجزيرة نت أن “الحكومة البريطانية تجبر المدارس على مراقبة التلاميذ الذين قد يتساءلون عن سبب مقتل أطفال آخرين في مثل سنهم بغزة، أو يظهرون الحزن على الإبادة الجماعية التي يشهدونها”.
واضاف “هذا نتيجة لتوجيهات وزارة التعليم التي تجعل المدارس بيئة غير آمنة للذين لا يتبعون الاتجاه الحكومي، فقد تم تصميم توجيهات وزارة التعليم أيضا لخلق انقسام في مجتمعاتنا، ولا تساعد هذه التوجيهات في مواجهة الكراهية ضد الإسلام أو معاداة السامية”.
قمع ممنهج للطلاب
وعن عريضة الاتحاد الوطني للتعليم، أكد رحيل أن “العريضة تظهر أن المعلمين يدركون الضرورة الأخلاقية للتثقيف حول الإبادة الجماعية في غزة، ويدركون أن التوجيهات الصادرة لهم ذات دوافع سياسية”.
وأوضح “يتردد المعلمون في استخدام المواد المعتمدة من الحكومة بالمدارس، والتي لن تقدم صورة دقيقة عن الاحتلال الذي يواجهه الفلسطينيون، ولهذا السبب نعمل في مصلحة مع الأكاديميين لإنشاء مواد تعليمية بديلة”.
وأشار رحيل إلى بلاغات رصدتها مؤسسته حيث “يُوحى للأطفال أنه من غير القانوني إظهار أي دعم لفلسطين في المدرسة، أو أنه لا يُسمح بوضع شارات فلسطينية صغيرة على الحقيبة”، كما تم الإبلاغ عن إرسال الأطفال الذين يرفعون أيديهم لطرح سؤال عن الحصار على غزة إلى خارج الفصل الدراسي، ورصدت حالات لإقصاء داخلي بالمدارس لأطفال يهتفون فلسطين حرة”.
وعبر رحيل عن قلقه من “خلق بيئة من الخوف”، واصفا تلك السياسات بأنها “حولت المعلمين إلى رجال شرطة إرهابيين باسم مكافحة الإرهاب”، حسب وصفه.
وأضاف “سُمح للمدارس بإظهار الدعم لأوكرانيا، في حين رفضت مدارس جمع تبرعات لأطفال غزة، كما رُحب بالعلم الأوكراني فيما مُنع العلم الفلسطيني، وهذا سيجعل الأطفال يتعلمون منذ سن مبكرة أن حياة الأطفال في أنحاء العالم ليست سواسية”.