صيدا- في مدينة صيدا اللبنانية، تتفرد ليلة القدر في رمضان المبارك بطقوسها الروحية الخاصة التي تميزها عن باقي ليالي الشهر الفضيل، حيث تشهد المدينة مسيرة حاشدة سنويا احتفالا بهذه الليلة التي هي خير من ألف شهر، كتقليد صيداوي تعود جذوره لعشرات السنين.
المسيرة التي تجمع المراجع الروحية والقوى والفاعليات السياسية وأبناء المدينة، شارك فيها، مساء أمس السبت، المئات من فرق الكشافة من مختلف الجمعيات ومنها كشافة الفاروق، ولبنان المستقبل، إضافة إلى جمعية الكشافة الفلسطينية والمرشدات الفلسطينية، وفوج التطوع في الدفاع المدني.
نشاط تضامني
وقد انطلقت المسيرة من أمام مبنى دار الأوقاف في صيدا، ثم جابت شوارع المدينة الداخلية وصولا إلى ساحة النجمة. ورُفعت خلالها الرايات الكشفية ولافتات تحمل آيات قرآنية تركز على أهمية ليلة القدر، ومجسمات ومشاهد تعبيرية من وحي الليلة المباركة والشهر الفضيل.
وبخلاف السنوات الماضية، تحولت المسيرة إلى نشاط تضامني مع أهالي قطاع غزة، مع دخول الحرب الإسرائيلية على القطاع نصف عام، حيث رُفعت الأعلام الفلسطينية ورسائل الدعم مع الشعب الفلسطيني والمقاومة.
يقول رئيس جمعية كشافة الفاروق إبراهيم الحريري للجزيرة نت إن مسيرة ليلة القدر تُعد بمثابة مسيرة وداع لشهر رمضان وتحمل رمزية قيمة لمدينة صيدا بمشاركة كافة جمعيات الكشافة الموجودة في المدينة والمناطق المجاورة لها.
ويضيف “اللافت هذا العام هو المشاهد التي تحملها الجمعيات الكشفية التي تعبر عن تضامننا مع أهلنا في فلسطين، وخاصة مع غزة، الذين يتعرضون لظلم وحصار ومجازر”.
ويتابع الحريري “قلوبنا مع فلسطين ومع غزة، وإن شاء الله سيكون النصر حليفهم ويتخلصون من هذا الظلم ويعيشون حياة طبيعية، والتي يجب أن تكفلها كل الحقوق الإنسانية في دول العالم”.
معانٍ ودلالات
من جانبه، يشير مفوض الجنوب في جمعية كشافة لبنان المستقبل القائد مصطفى حبلي إلى أن أهالي مدينة صيدا، الكبار والصغار، ينتظرون هذه الفعالية السنوية بفارغ الصبر بعدما أصبحت عرفا في المدينة منذ عشرات السنين.
ويوضح حبلي للجزيرة نت “ينتظر المسيرة جميع الأهالي لمشاهدة أبنائهم وهم يشاركون فيها. نؤكد اليوم تضامننا مع الشعب الفلسطيني في غزة. ونحن سعداء بالاحتفال بهذا الحدث، ونأمل أن يكون الفرح مزدوجا، إذ نتمنى أن يحل عيد الفطر السعيد بفرح النصر في فلسطين، إن شاء الله”.
بدوره، يتحدث مفوض منطقة الجنوب في جمعية الكشاف اللبناني القائد أحمد بديع عن أهمية هذه المسيرة وما تحمله من معانٍ ثقافية ودينية.
ويقول للجزيرة نت “أصبحت هذه المسيرة جزءا من طابع المدينة وتراثها، ونحن نشارك فيها بعدد يتراوح ما بين 300 إلى 350 عضوا. كما نعمل جاهدين على نجاح واستمرار هذا العرف الصيداوي”.
ويضيف بديع “يحضر أصدقاء وزوار من خارج المدينة لمشاهدة هذه المسيرة المميزة بكل ما تحمله من معانٍ وقيم إنسانية ودينية”.
طابع إيجابي
من جهته، يقول القائد في جمعية الكشاف المسلم صلاح الدين أغا “تتشارك كافة الجمعيات الكشفية والاجتماعية والإسعافية في صيدا لإحياء هذا الحدث”.
ويتابع “تحمل هذه المسيرة طابعا إيجابيا على المدينة، حيث تعمل كل الجمعيات على نشر الفرح، رغم الظروف الصعبة التي يمر بها جنوب لبنان وفلسطين. نحن هنا نرسل تحية إلى أهل الجنوب الصامدين، وأهلنا في غزة ونقول لهم إن قلوبنا معكم”.
ومن ناحيته، يشير القائد محمد عوض من جمعية الكشاف الفلسطينية للجزيرة نت، إلى أن تقليد مراسم ليلة القدر جزء لا يتجزأ من تراث مدينة صيدا في شهر رمضان، مع مشاركة الفرق الكشفية في تنظيم أنشطة تثقيفية تسلط الضوء على أهمية هذه الليلة المباركة في حياة المسلمين.
ويضيف “جمعيتنا تشكل جزءا أساسيا من الجمعيات الكشفية الموجودة في صيدا، ومشاركتنا في هذه المسيرة هي أولوية لأهلنا، وتحمل رسائل تضامن ودعم لشعبنا في غزة ونتمنى ألا ينتهي هذا الشهر الفضيل إلا وقد انتصر شعبنا وانتهت حرب الإبادة”.