مسيرات وهجمات مسلحة.. كيف تدعم المقاومة في الضفة “طوفان الأقصى”؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

جنين- في غرفة صغيرة تملؤها صور الشهداء، يتوسط أحد جدرانها راية بحجم كبير وبلونها الأسود كتب عليها “سرايا القدس- كتيبة جنين”، يتابع المقاتل “أ.ش” مع عدد من زملائه الأخبار الواردة من قطاع غزة عبر البث المباشر في شاشات التلفاز.

و”أ.ش” هو قائد في كتيبة جنين وأحد مقاتليها الذين شاركوا في التصدي لاقتحامات قوات الاحتلال الإسرائيلي لمخيم جنين شمال الضفة الغربية خلال العامين الأخيرين.

وبين الحين والآخر ترد إلى جهاز اللاسلكي الخاص بالمجموعة إشارات للاطمئنان على أن كل الأمور تحت السيطرة، ويرد “أ.ش” على الإشارة بعد النظر إلى شاشة كاميرات المراقبة في الغرفة “كل شيء تمام، الوضع هادئ عند مداخل المخيم ومخارجه”.

تعيش الكتيبة، التي أصبحت أبرز رموز المقاومة المسلحة في الضفة الغربية، حالة من التوتر والحذر المستمر، خاصة منذ بدء المقاومة في غزة عملية “طوفان الأقصى”، وسط تحذيرات من أن تتعرض الكتيبة ومخيم جنين لهجوم إسرائيلي كبير.

إسناد شعبي

وبينما كانت الكتيبة تستعد لمسيرة جماهيرية دعما وإسنادا لغزة، وللخروج إلى نقاط التماس مع الاحتلال تأييدا للمقاومة، قال أ.ش “نتوقع مواجهة في الضفة الغربية إذا طال أمد العدوان الإسرائيلي على غزة، ونحن المقاتلين نحاول البقاء على استعداد لأي معركة قريبة قد تحدث مع الاحتلال الإسرائيلي”.

ويرى المقاتل في الكتيبة أن الدور الأبرز اليوم هو للشعب الفلسطيني في الضفة الذي يجب أن يخرج بشكل جماعي، وفي كل المدن والقرى لدعم المقاومة كونه الحاضنة الشعبية لها.

ويقول إن “العملية العسكرية التي بدأتها كتائب القسام في قطاع غزة كانت مباغتة للاحتلال، وقد أتت بعد ورود رسائل للمقاومة في غزة بنيّة إسرائيل ضرب المقاومة في الضفة الغربية ومحاولة القضاء عليها، وكنا نتوقع اجتياحا جديدا في أية لحظة، وتجهزنا لمواجهة جديدة مع العدو الإسرائيلي”.

ويضيف “كنّا في حالة تأهب قصوى في جنين ونابلس وطولكرم قبل بدء عملية طوفان الأقصى، وكنا نستعد لأية ضربة جديدة من جيش الاحتلال الذي يسعى للقضاء على مجموعات المقاومة في الضفة الغربية، وعلى رأسها كتيبة جنين”.

يعاود أ.ش متابعة الأخبار بشأن طوفان الأقصى عبر شاشة التلفاز، ويقول إن “قوة أي حركة مقاومة هي حاضنتها الشعبية، ونحن نتمتع بحاضنة كبيرة، وعلى الرغم من كل القتل والتدمير والخراب وتجويع الناس وتهجيرهم، فإن الفلسطينيين في غزة يرون أن المقاومة هي خيارهم الأول للتحرر، ويدعمون فصائل المقاومة”.

كتيبة جنين من أبرز رموز المقاومة المسلحة بالضفة الغربية (الفرنسية)

تصدّ للاحتلال ودعم للمقاومة

وعلى الرغم من إمكانات كتيبة جنين البسيطة، فإن مقاتليها يسعون منذ بدء عملية طوفان الأقصى لتنفيذ عمليات إطلاق نار ومواجهات مع قوات الاحتلال على الحواجز العسكرية، آخرها عملية إطلاق نار على حاجز الجلمة شمالي مدينة جنين، واستشهد خلالها شابان من بلدة قباطية وهما منفذا العملية، وفق تصريح الكتيبة.

يقول المقاتل أ.ش إن هذه العمليات وإن اعتبرت فردية، لكنها تسير وفق مخطط الكتيبة في التصدي للاحتلال الإسرائيلي ودعم المقاومة في قطاع غزة خلال معركتها التاريخية الحالية مع إسرائيل.

ويضيف “المهم أن لا تطمئن إسرائيل في جبهة الضفة الغربية ولو كانت هذه العمليات أشبه بالكر والفر، لكن الهدف هو توسيع المواجهة وتشتيت القوة الإسرائيلية”.

ويعبّر أ.ش عن أمل المقاومين بالضفة في الدعم العربي “المتمثل بجنوب لبنان تحديدا”. وقال “نحن المقاومين لن نترك قوات الاحتلال تهدأ في الضفة الغربية، عملياتنا مستمرة وضرباتنا تجاه الجنود الإسرائيليين لن تتوقف حتى يأذن الله بالنصر”.

يد واحدة مع المقاومة

تستخدم الكتيبة وسائل التواصل الاجتماعي لنقل رسائل المقاومة وترويج إنجازاتها ورصد الدعم الشعبي لها في فلسطين وخارجها. ويقول أ.ش إن المسؤولين عن هذه المنصات هم من جنود الكتيبة، ولا يختلف دورهم عن أي مقاتل على الأرض.

ويحاول مقاتلو الكتيبة تطوير إمكاناتهم وأساليب الحماية والمواجهة في صفوفهم خاصة بعد اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مخيم جنين في يونيو/حزيران الماضي، والذي أدى إلى تدمير وخراب كبير في البنية التحتية للمخيم.

ويقول قادة الكتيبة للجزيرة نت إن الاتصال بين أفرادها وبين قيادة سرايا القدس في غزة يواجه تحديات منذ بدء عملية طوفان الأقصى، نظرا لصعوبة الوضع الأمني في كل من غزة ومخيم جنين حيث مقر الكتيبة.

وتشهد جنين منذ بداية طوفان الأقصى، بشكل شبه يومي مسيرات جماهيرية في أوقات متأخرة من الليل بدعوة من الفصائل الفلسطينية، تصل إلى الحواجز العسكرية، ويشارك فيها عناصر من كتيبة جنين، ومثلها في كل من نابلس ورام الله وطولكرم.

تصاعد المواجهات مع الاحتلال في الضفة منذ بدء “طوفان الأقصى” (رويترز)

الهجوم والمواجهة

ويرى المقاتل في كتيبة بلاطة قرب نابلس “ر.س” أن الدعم المتوفر من كتائب المقاومة في الضفة على قلّته “يساهم في دعم المجاهدين في داخل غزة وفي غلاف غزة ويرفع معنوياتهم خصوصاً بعد خذلان غزة من الدول العربية والعالم”.

ويقول، في حديث للجزيرة نت، إن “الوقت يمر وأهلنا في غزة يُبادون حرفيا، وعلينا أن نبدأ الهجوم، رغم قلة عددنا وضعف إمكانياتنا، لكن كل ضربة تتلقاها إسرائيل في الضفة مهمة لزعزعة إسرائيل وحتى لا نترك غزة وحدها”.

ويضيف “نحاول تكثيف عمليات إطلاق النار، لا يمكن أن نبقى في حالة الدفاع بينما يُعتدي علينا في حوارة وقصرة (قرب نابلس) وغيرها دون مواجهة”.

وبرأيه، فإن “حالة الغضب والغليان الشعبي من الأوْلى أن تتحول إلى مواجهات فعلية في وجه قوات الاحتلال”. ورغم قمع أي مسيرة تخرج، فإن “ر.س” يقول “نحن المقاومين ملاحقون وإمكانياتنا لا ترقى لإمكانيات المقاومة في غزة، لكننا نسعى لتطوير ما لدينا من عبوات ناسفة وأسلحة، ولن نترك غزة وحدها دون مساندة”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *