مسعفو الجنوب جنود في الخطوط الأمامية

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

بيروت- في الخطوط الأمامية يواجه المسعفون ورجال الإنقاذ خطر الموت وهم يقومون بعملهم الإنساني في نقل الشهداء والجرحى نتيجة الاستهداف الإسرائيلي للقرى والبلدات الحدودية في جنوب لبنان، في خضم التصعيد العسكري الذي تشهده عقب عملية “طوفان الأقصى”، ويكاد العديد منهم يفقدون حياتهم أثناء تأدية مهامهم.

ويروي رئيس إقليم الجنوب الشرقي في الصليب الأحمر اللبناني نادر جودي للجزيرة نت تفاصيل المخاطر التي عاشها أثناء تأديته إحدى المهمات الصعبة التي شاركت فيها فرق الإسعاف والطوارئ التابعة للصليب الأحمر.

ويقول إنهم تلقوا إخطارا في غرفة العمليات بوجود إصابات في بلدة يارون الحدودية، فانطلقت طواقم تضم 21 مسعفا و7 آليات إلى منطقة رميش الحدودية، حيث كانت نقطة الالتقاء الأولى.

ويقول جودي “اللحظات كانت مروعة، واجه المسعفون تحديات الوصول إلى مناطق جبلية صعبة وسط الظلام الشديد، وما زاد تعقيد الأمور فقدان الاتصال لساعات طويلة بين غرفة العمليات والمسعفين في الميدان، وهذا يعتبر من أخطر ما يمكن حدوثه”.

وبتأثر كبير يكمل جودي “ولكن على الرغم من ذلك فإن العملية استمرت وفق الخطة الموضوعة، وصلت الفرق إلى مكان الإصابات حيث كان يوجد جريح في وضع حرج، وبعد محاولات صعبة ومعقدة استغرقت وقتا طويلا تكللت العملية بالنجاح وأنجزت المهمة، وجرى نقله للعلاج، وهو على قيد الحياة”.

الدفاع المدني اللبناني يستنفر على مدار 24 ساعة لأداء مهامه الإنسانية (الجزيرة)

كشافة الرسالة الإسلامية

وإلى جانب الصليب الأحمر اللبناني تقوم كشافة الرسالة الإسلامية (جهاز دفاع مدني) بدور فعال في المشهد الجنوبي المشتعل لأكثر من 3 أشهر، حيث تنجز مهامها اليومية في إخماد الحرائق ونقل المصابين واستخراج جثامين الشهداء.

ويشدد مفوض الدفاع المدني المركزي في جمعية كشافة الرسالة الإسلامية ربيع عيسى في حديثه للجزيرة نت على أهمية أداء الدور الإنساني والأخلاقي في خدمة أهالي الجنوب في ظل “الهجمات الوحشية” الإسرائيلية.

ويضيف عيسى “نفذنا أكثر من 300 مهمة مختلفة، وقدمت الجمعية شهداء وجرحى على امتداد سلسلة الاعتداءات الإسرائيلية”.

ويتابع “لا شك أن العمل أثناء القصف والغارات يشكل خطرا كبيرا، خاصة مع إعادة استهداف الأماكن التي جرى قصفها مسبقا، وكذلك الألغام التي لا تزال موجودة، ناهيك عن القذائف الفسفورية والدخانية أمام قلة وتواضع التجهيزات والعتاد”.

لكن عيسى يضيف “رغم كل التحديات والأخطار نحن مستمرون ومصممون على العطاء والعمل لما فيه خير الإنسان والمجتمع والوطن، لم ولن ترهبنا غارات الطائرات الحربية الإسرائيلية والمسيّرات”.

فرق الدفاع المدني

تنتشر مراكز الدفاع المدني على طول خطوط التماس الساخنة في المناطق الحدودية، وتتوزع فرقهم على 13 مركزا تمتد من منطقة العرقوب في شبعا إلى عيتا الشعب، وتقدم هذه المراكز خدمات الإسعاف والإطفاء وعمليات الإنقاذ.

وفي حديث للجزيرة نت، أكد رئيس مركز الدفاع المدني الإقليمي في النبطية حسين فقيه أن فرق الدفاع المدني تستجيب بسرعة في حال وقوع أي اعتداء على المناطق الحدودية.

ويقول فقيه إن فرق الدفاع المدني ينفذون تحت القصف مهامهم المتعلقة بالإطفاء والإسعاف والإنقاذ، ويعملون على تأمين المياه لمراكز إيواء النازحين “ويعتبرنا المواطنون شبكة الأمان الرئيسية في ظل المخاطر بأنواعها كافة”.

ويشير رئيس المركز إلى التحديات التي يواجهونها والظروف الصعبة التي يتعاملون معها، خاصة بعد تصاعد العدوان الإسرائيلي، وتتمثل بإطفاء الحرائق الناجمة عن قذائف الفسفور، والتعامل مع القنابل غير المنفجرة والقنابل العنقودية، بالإضافة إلى التحديات الناشئة عن توسع القصف إلى المناطق السكنية.

ويؤكد فقيه للجزيرة نت أن كل المهام تتم متابعتها لحظة بلحظة من قبل مدير عام الدفاع المدني العميد ريمون خطار، ويتم تنسيق العمل مع الجيش اللبناني في المهام والتحركات الميدانية.

ويقول إن “الوضع من حيث الإمكانيات يشبه وضع كل مؤسسات الدولة اللبنانية، ولكن هذا لا يمنعنا من العمل بجد لأداء المهام بشكل كامل حفاظا على حياة المواطنين وممتلكاتهم”.

جهوزية مسعفو الجنوب في مختلف الظروف
رئيس مركز دفاع مدني: يعتبرنا المواطنون شبكة الأمان الرئيسية في ظل المخاطر (الجزيرة)

الهيئة الصحية الإسلامية

ولا تختلف مهام الدفاع المدني عن مهام الهيئة الصحية الإسلامية، ويتشاركون في مواجهة الصعوبات والتحديات، ومواكبة التطورات الميدانية على مدار الساعة.

ويقول المدير العام للدفاع المدني في الهيئة الصحية الإسلامية عدنان مقدم للجزيرة نت إن لهم نحو 100 مركز تتوزع على جميع أنحاء الأراضي اللبنانية، من الجنوب إلى بيروت، ثم إلى البقاع والشمال.

ويقول مقدم “يعمل في هذه المراكز أكثر من 4 آلاف رجل وامرأة، ويمتلك الدفاع المدني أسطولا من الآليات يتراوح عددها بين 500 و550 آلية إسعاف بجميع فئاتها، بالإضافة إلى آليات الإنقاذ ورفع الأنقاض والإطفاء”.

ويضيف مقدم “في ظل التصعيد العدواني الصهيوني على لبنان -ولا سيما في المناطق الحدودية الجنوبية- استمرت هذه المراكز في تقديم الخدمات نفسها ولكن بوتيرة أكبر، خاصة في المناطق التي تتعرض للقصف، وتقوم بعمليات البحث ورفع الأنقاض، وسحب الجرحى والشهداء من المناطق المستهدفة، ونقلهم إلى المستشفيات، كما تواكب تشييع الشهداء ومتابعة النازحين وإسعافهم في أماكن إيوائهم”.

وعن تفاصيل ما يواجهونه، يشير مقدم في حديثه للجزيرة نت إلى أن “العدو لا يفرق بين المدنيين وغير المدنيين، حيث يستهدف المستشفيات وسيارات الإسعاف والأطقم الطبية والتمريضية”.

ويضيف “في 11 يناير/كانون الثاني الحالي فقدنا مسعفيْن أثناء أدائهما مهام إنسانية في بلدة حانين الجنوبية، حيث تم استهدافهما في هجوم صهيوني مباشر على المبنى الذي يحتوي على نقطة إسعاف، إلى جانب استهداف سيارة الإسعاف الموجودة بجوار المبنى”.

وختم قائلا “هذا العدو لا يلتزم بالشرعية الدولية ولا يحترم القوانين، ويتجاوز كل الأخلاقيات الإنسانية، ومع ذلك نحن مستعدون على مدار هذه الجبهة الواسعة، خاصة مع تصعيد العدو واستهدافه القرى والبلدات الآمنة”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *