يتفق خبراء ومحللون سياسيون تحدثوا لبرنامج “غزة.. ماذا بعد؟”؛ على أن التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأميركي جو بايدن بخصوص إسرائيل لا تمثل تحولا إستراتيجيا في موقف الإدارة الأميركية من إسرائيل، بل تعكس تذمرها من حكومة بنيامين نتنياهو.
وفي تصريحات غير مسبوقة تنتقد السلوك الإسرائيلي، وصف بايدن سلوك الرد الإسرائيلي في قطاع غزة بأنه تجاوز الحد، وأكد أنه يعمل من أجل التوصل إلى وقف مستدام للقتال.
وبالنسبة للباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات، الدكتور لقاء مكي، فإن تصريحات بايدن تؤكد أنه متذمر من المقاربة التي يعتمدها نتنياهو، حيث يريد الاستمرار في حربه على غزة، ولا يراعي حساسية موقف الإدارة الأميركية في السنة الانتخابية، رغم أن هذه الإدارة لم تكف عن دعم إسرائيل على كافة المستويات.
ومن جهته، دعا أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور خليل العناني إلى عدم المبالغة بشأن تصريحات بايدن، لأنها لا تمثل تحولا إستراتيجي في الموقف الأميركي من دعم إسرائيل، وستظل حبرا على ورق ما لم تقترن بإجراءات عملية.
وجاءت تصريحات بايدن -كما يضيف العناني- نتيجة الإحباط الشديد خاصة بعد الفشل الذريع لجولة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والذي زار المنطقة العربية في إطار 3 ملفات مهمة، أولا أنه فشل بشأن إمكانية إنجاز صفقة كبرى للتطبيع بين السعودية وإسرائيل، حيث أصدرت الخارجية السعودية بيانا قويا يرفض الاعتراف بإسرائيل ما لم تتحقق 3 شروط هي: الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، والوقف الكامل للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع.
كما فشل بلينكن -يضيف العناني- في إقناع نتنياهو بأن حل الصراع مرتبط بالاتفاق على مسار يؤدي لقيام دولة فلسطينية، حيث يرفض رئيس وزراء إسرائيل وجود مثل هذه الدولة، بالإضافة إلى فشل الوزير الأميركي في التوصل لاتفاق الهدنة وتبادل الأسرى والدخول في مسار ينهي الحرب على غزة.
وربط الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور مهند مصطفى، بين الموقف الأخير للرئيس الأميركي وبين ما يسعى إليه اليمين الإسرائيلي من إعادة بناء مشروعه الاستيطاني في قطاع غزة، وهو مشروع يتناقض بشكل كبير جدا مع المصالح ومع الرؤية الأميركية.
وبحسب مصطفى، فإن نتنياهو نفسه يصطدم بشكل مباشر مع الخطاب الأميركي، عندما يعلن رفضه الصفقةَ والتهدئة في قطاع غزة والتي هي ركن مهم في التصور الأميركي لليوم التالي للحرب.
عملية رفح
وبشأن خطة نتنياهو للقيام بعمليات عسكرية في رفح جنوبي قطاع غزة، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية إن نتنياهو واليمين يصران على هذه العملية، وقد أعطيت الأوامر للجيش لتطوير خطة حول هذا الأمر، مؤكدا أن هذه العملية تتعارض مع الموقفين المصري والأميركي، بالإضافة إلى أنها ستجلب المزيد من الاحتجاجات الداخلية، لأن مثل هذه العملية ستؤدي إلى قتل الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية.
ووصف أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية معركة رفح بأنها “قنبلة موقوتة”، بالنظر إلى وجود كثافة سكانية في هذه المنطقة، وهو ما يعني المزيد من المجازر الإسرائيلية الدموية بحق الفلسطينيين.
وهناك أيضا مسألة تتعلق بإمكانية نزوح الفلسطينيين إلى مصر، وهو ما يعني تحميل عبء على حليف مهم لأميركا.
وكان البيت الأبيض أعلن أمس الخميس أنه لن يدعم أي خطط إسرائيلية للقيام بعمليات عسكرية كبيرة في رفح، وإن المفاوضات مستمرة بشأن إطلاق سراح المحتجزين وإنجاز اتفاق هدنة في غزة.
كما كشف بايدن أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لم يرد في البداية فتح معبر رفح لدخول المساعدات إلى قطاع غزة، لكنه تحدث معه وأقنعه بفتحه.