أجمع محللون سياسيون على أن اعتراف 3 دول أوروبية بدولة فلسطين لم يكن ليحدث لولا صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته، ووصفه البعض بأنه موجة تسونامي خامسة تضرب إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وحسب الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي، فإن اعتراف النرويج وإسبانيا وأيرلندا بفلسطين يمثل انعكاسا لما يجري في الشارع العالمي، وتكمن قيمته في أن الأراضي الفلسطينية هي أراض تحت الاحتلال، ولا قيمة لأي إجراءات إسرائيلية فيها، مثل ضم أراض في القدس والضفة الغربية.
ويضيف البرغوثي -خلال حديثه لبرنامج “غزة.. ماذا بعد؟”- أن الاعتراف يعطي دفعة معنوية للشعب الفلسطيني، ويضع ضغطا على بقية دول أوروبا مثل فرنسا وألمانيا للاعتراف بفلسطين، في حين أصاب الاعتراف إسرائيل بجنون لكونه يحاصر العنصر الفاشي فيها.
وأعرب عن أمله في تعظيم الضغط الدولي لوقف حرب الإبادة بغزة، واصفا موقف الولايات المتحدة من الاعتراف بدولة فلسطينية بالمنافق، لأنها تدرك أن إسرائيل ترفض الجلوس على طاولة المفاوضات.
وتوقع أن يسير العالم نحو استقطاب دولي كامل تكون فيه إسرائيل وأميركا في كفة واحدة، لافتا إلى أن أي تصريحات أميركية مختلفة تعد غطاء لموقف واشنطن الحقيقي، مستدلا بدعمها عملية إسرائيل العسكرية في رفح جنوبي قطاع غزة.
واعتبر البرغوثي الاعتراف الأوروبي لطمة ثانية على وجه إسرائيل خلال 48 ساعة، بعد صفعة المحكمة الجنائية الدولية المتمثلة في طلب استصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت.
وشدد على ضرورة الجمع بين الصمود الفلسطيني على الأرض واستنهاض التضامن الدولي الشعبي، معربا عن اعتقاده أن اللطمة القادمة لإسرائيل تتمثل في تصعيد كبير وعارم في حركة المقاطعة وفرض عقوبات ضد إسرائيل.
“تسونامي خامس”
بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الفلسطينية الدكتور رائد نعيرات إن الاعتراف الأوروبي بمثابة موجة تسونامي جديدة ضد إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، بعد مظاهرات الجامعات العالمية، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، والملاحقة في محكمتي العدل والجنائية الدوليتين.
وهناك 3 أبعاد مهمة لهذا الاعتراف -وفق نعيرات- الأول يتمثل في النرويج التي قادت عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ويعد اعترافها حجر أساس، كما أن الخطوة تدل على فشل السياسة الإسرائيلية بالكامل.
ويعبر الاعتراف -أيضا- عن تخبط لدى القيادة السياسية الإسرائيلية عندما تقول تل أبيب إنها ستفرض عقوبات على الدول التي ستعترف بفلسطين، وهو ما ينافي الواقع تماما.
“تأثير الدومينو”
من جانبه، يُمني النائب في البرلمان الأيرلندي ريتشارد بويد باريت النفس بأن يضيف الاعتراف ضغطا على الحكومات الأوروبية لكي تتخلى عن دعمها اللاأخلاقي لإسرائيل، وتسليحها وإعطائها مساعدات اقتصادية وأشكال الدعم الأخرى، بسبب سياستها في الفصل العنصري والتطهير العرقي.
ووفق باريت، حصل الاعتراف بسبب مقاومة الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال، وبسبب الغضب الشعبي والاحتجاجات في أيرلندا ودول أوروبا المطالبة بدعم الفلسطينيين.
وشدد على ضرورة أن تفرض أيرلندا ودول أوروبا عقوبات على إسرائيل، رغم إقراره بأن تل أبيب ستقوم بالانتقام، لأنها قادرة على ارتكاب الفظاعات، مشيرا إلى ضرورة أن تكون العقوبات حقيقية وليست رمزية، كقطع العلاقات التجارية والدبلوماسية.
وتوقع البرلمان الأيرلندي أن تلتحق دول أوروبية أخرى بالنرويج وإسبانيا وأيرلندا، مثل مالطا وسلوفينيا وقبرص، في ظل الضغوط الشعبية المتزايدة، معربا عن أمله في أن يكون تأثير الاعتراف كالدومينو وأن تصحبه عقوبات وإجراءات ضد إسرائيل لعزلها اقتصاديا وسياسيا ودبلوماسيا ومساءلتها على جرائم الإبادة.
كما توقع ولادة حركة عظيمة عبر العالم يزداد ضغطها، مثل حركة المناهضة لحرب فيتنام والحركة الوطنية ضد الفصل العنصري بجنوب أفريقيا، مؤكدا أن داعمي إسرائيل يشعرون بضغوط وعزلة متزايدة بسبب المقاومة الأسطورية للشعب الفلسطيني والضغط الشعبي.