محام أميركي للجزيرة نت: جنوب أفريقيا ستفوز بقضيتها ضد إسرائيل

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 8 دقيقة للقراءة

باريس- يترقب العالم ما ستؤول إليه الجلسة المرتقبة في محكمة العدل الدولية في لاهاي يومي الخميس والجمعة المقبلين في إطار الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل وتتهمها فيها بارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة.

ويقول المحامي الدولي في مجال حقوق الإنسان فرانسيس بويل -الذي فاز بطلبين في المحكمة، وهي الهيئة القضائية الرئيسية للأمم المتحدة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948- إنه مؤمن بفوز جنوب أفريقيا في هذه القضية.

يذكر أنه لم تفز أي حكومة أو محامٍ في تاريخ محكمة العدل الدولية بطلبين في قضية واحدة منذ تأسيسها في عام 1921.

وفي مقابلة حصرية للجزيرة نت وصف بويل الولايات المتحدة بـ”المذنبة” بسبب مساعدة وتحريض الإبادة الجماعية، منتقدا المحكمة الجنائية الدولية “الملطخة بدماء الشعب الفلسطيني منذ عام 2009″، على حد تعبيره.

وفي ما يلي نص الحوار:

  • بناء على خبرتك، ما رأيك في طلب تطبيق تدابير الحماية المؤقتة من قبل حكومة جنوب أفريقيا؟

يذكرني هذا الملف بالقضية التي فزت بها في المحكمة الدولية لجمهورية البوسنة والهرسك ضد يوغسلافيا لوقف ارتكاب الإبادة الجماعية ضد البوسنيين، وكانت هذه المرة الأولى التي يفوز فيها أي محامٍ أو دولة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية.

واستنادا إلى مراجعتي الدقيقة لجميع الوثائق التي قدمتها جمهورية جنوب أفريقيا حتى الآن أعتقد أنها ستفوز ضد إسرائيل.

  • ما الحقائق القانونية التي استندت عليها؟

قارنت الوثائق التي قدمتها جنوب أفريقيا بالعمل الذي قمت به لضمان فوز البوسنيين بـ3 طلبات أمام المحكمة الدولية.

وهناك القسم المتعلق بنية الإبادة الجماعية من قبل كبار المسؤولين الإسرائيليين وأعمال الإبادة الجماعية، ونجد أن جنوب أفريقيا قدمت 4 تهم مختلفة، وهي:

  • التهمة الأولى: ارتكاب الإبادة الجماعية، حيث قتل أكثر من 30 ألف فلسطيني، مما يعني مضاعفة مذبحة سربرنيتسا التي راح ضحيتها 7 آلاف مسلم في البوسنة.
  • التهمة الثانية: التسبب في ضرر جسدي أو عقلي خطير، وقد تجاوز عدد الجرحى في قطاع غزة 50 ألف فلسطيني، أما المعاناة النفسية فيمكن لأي أحد تشغيل أي مصدر إعلامي -وقناة الجزيرة على وجه الخصوص- لرؤية حجم المعاناة.
  • التهمة الثالثة: تعمد إخضاع الأفراد لأوضاع معيشية تدمرهم كليا أو جزئيا، ورأينا ذلك جليا عندما أعلن وزير إسرائيلي منع الطعام والماء والإمدادات الطبية والوقود عن سكان القطاع أو عندما قال مسؤول آخر إن غزة يجب أن تتحول إلى معسكر اعتقال أوشفيتز.
  • التهمة الرابعة: فرض التدابير الرامية إلى منع الولادات، حيث دمرت المستشفيات وقتل الأطباء واستهدفت سيارات الإسعاف بشكل متعمد من قبل الصهاينة في مكان توجد فيه عشرات الآلاف من النساء الفلسطينيات الحوامل.
  • في قضية دولية كهذه، هل تعتقد أن دولا قوية كالولايات المتحدة قد تغير نتيجة الحكم الأخير؟

إنهم يحاولون جاهدين، ولهذا يزور وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الشرق الأوسط، وبما أن الأميركيين يعملون على مساعدة وتحريض الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني فسيكونون مذنبين، وذلك بموجب المادة “3 إي” من اتفاقية الإبادة الجماعية التي تحظر التواطؤ والإبادة الجماعية، فضلا عن انتهاك الاتفاقية الخاصة بالحكومة الأميركية وقانون تنفيذ اتفاقية الإبادة الجماعية.

وبما أنها جناية خطيرة يبذل الأميركيون قصارى جهدهم بالتعاون مع القوى الإسرائيلية والصهيونية لتخريب هذه الدعوى بطريقة ما.

  • هل تلقي باللوم على السيطرة الصهيونية وهيمنتها على القضاء الأميركي والعالمي؟

أنا لا أقول إن هذا حال جميع قضاة محكمة العدل الدولية، لكنني على يقين أن الإسرائيليين والأميركيين والصهاينة سيهددون هؤلاء القضاة وعائلاتهم، مما يجعل الأمر منوطا بنزاهتهم.

وتعمل رئيسة المحكمة جون دوناهو منذ فترة طويلة في وزارة الخارجية الأميركية، وهي متقلبة وفاسدة وتخضع لتحقيق المصالح الأميركية، وأنا متأكد أنها على اتصال مع وزارة الخارجية لتطلعها على جميع المناورات التي تتم في الغرف الخلفية في محكمة لاهاي، وستعمل كل ما في وسعها لتشكيل الدعوى لصالح إسرائيل وأميركا.

  • يواجه المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية انتقادات لاذعة بسبب تأخره في دراسة الشكوى التي قدمها مئات المحامين، هل يمكن أن يعاد السيناريو نفسه في هذه القضية؟

لقد كنت المحامي الذي نصح الرئيس الفلسطيني محمود عباس بقبول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بعد انتهاء ما تسمى عملية “الرصاص المصبوب” (معركة الفرقان) في عام 2009.

ومنذ ذلك الحين لم تفعل المحكمة الجنائية أي شيء لمساعدة الفلسطينيين بسبب قوة وضغوط الولايات المتحدة والصهاينة، فإذا حوكم المسؤولون الإسرائيليون آنذاك لتجنب الشعب الفلسطيني ربما كل ما يجري اليوم.

وأشدد على أن المحكمة الجنائية الدولية مسؤولة عن كل دماء الفلسطينيين التي أهدرت والموت والدمار اللذين لحقا بهم منذ عام 2009.

  • دعنا نتوقع الأسوأ، ماذا ستكون حجج إسرائيل القانونية إذا فازت؟

لن تفوز لأن حجتها الأساسية هي الدفاع عن النفس، وقد رفضت المحكمة الدولية تلك الحجة مسبقا، قائلة إن إسرائيل هي المحتل المحارب للضفة الغربية، وبالتالي القدس الشرقية وغزة، وليس لديها الحق في الدفاع عن النفس بموجب القانون الدولي أو المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة ضد شعب محتل.

  • وفي حال فوز جنوب أفريقيا ما الخطوات التي سيتم اتخاذها؟

سيُترك الأمر لجنوب أفريقيا بالطبع، لكن عند فوزي بملف البوسنيين مثلا توجهت نحو بهو المحكمة الخارجي وقلت لوسائل الإعلام العالمية إن المحكمة الدولية أقرت للتو بوجود الإبادة الجماعية اليوغسلافية، مطالبا بالتدخل العسكري المباشر من جانب الولايات المتحدة ودول حلف شمال الأطلسي (ناتو) لإنقاذ البوسنيين.

وفي وقت لاحق من ذلك اليوم أعلن مقر الناتو في واشنطن العاصمة وبروكسل أنها سيقيمان منطقة حظر جوي فوق البوسنة.

  • هل تعتقد أن قرار المحكمة الدولية سيلزم إسرائيل بالتوقف عن قتل الفلسطينيين؟

نعم سيكون ملزما لإسرائيل، لكنني لا أتوقع أن تتوقف إسرائيل بسبب القرار فقط، إذ يجب أن يحال إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتنفيذه.

وأظن أنه بناء على قضية نيكاراغوا والموقف الحالي لواشنطن سيستخدمون حق النقض ضد أي إجراء تنفيذي يتبناه مجلس الأمن، ومن ثم تستطيع جنوب أفريقيا أن ترفع الأمر إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لتنفيذه بموجب قرار “الاتحاد من أجل السلام”.

وهذا سيعني عواقب وخيمة لإسرائيل، لأن الجمعية العامة للأمم المتحدة تستطيع تعليق مشاركة كافة أنشطة إسرائيل، وهذا بالضبط ما فعلته بنظام الفصل العنصري الإجرامي في جنوب أفريقيا ويوغسلافيا التي ارتكبت الإبادة الجماعية.

ثانيا: لا تستطيع الجمعية العامة أن تقبل فلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة لأنها تحظى بالاعتراف من قبل هيئة محلفين من حوالي 139 دولة، لكن إذا منحوها العضوية الكاملة فسيضمن ذلك وجود فلسطين.

ثالثا: يمكن للجمعية العامة للأمم المتحدة إنشاء “محكمة جنائية دولية لإسرائيل” على غرار المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة، باعتبارها هيئة فرعية بموجب المادة 22 من ميثاق الأمم المتحدة.

وقد بدأتُ هذه المبادرة من قبل ودعمتها ماليزيا وإيران ودول عربية وإسلامية عديدة لكنها لم تكتمل، وأتمنى أن يعاد النظر فيها للبدء في محاكمة كبار المسؤولين الإسرائيليين.

  • كنت تدعو إلى إنشاء حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل منذ عام 2000، هل تعتقد أن تطبيق هذه الوسائل صعب اليوم في ظل الدعم الكبير المقدم لدولة الاحتلال؟

بالفعل قمت بذلك، وفي عام 2005 طلب مني المجتمع المدني الفلسطيني الانضمام إليه لإنشاء حملة المقاطعة (بي دي إس) وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات.

وعندما بدأ الأمر انطلق صداه في جميع أنحاء العالم كالنار في الهشيم ولم يتمكن الصهاينة من إيقاف الحملة، وأعتقد أن نجاح القضية في المحكمة الدولية سيساهم في تسريعها.

وعلى الرغم من كل العوائق -حتى أنهم أنشؤوا وزارة منفصلة في إسرائيل لمحاربتنا- فإننا سننتصر والصهاينة سيخسرون.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *