واشنطن- أثناء وجودها في دبي لحضور اجتماعات مؤتمر الأمم المتحدة الـ28 لتغير المناخ (COP28)، التقت نائبة الرئيس كامالا هاريس مع قادة الإمارات العربية، والمملكة الأردنية، والرئيس المصري، وأمير قطر، لمناقشة الشكل الذي ستبدو عليه غزة بمجرد توقف القتال.
وقالت هاريس “نريد جميعا أن ينتهي هذا الصراع في أقرب وقت ممكن، ولضمان أمن إسرائيل، وضمان الأمن للشعب الفلسطيني، يجب علينا تسريع الجهود لبناء سلام دائم”، وتطرقت هاريس بعمومية شديدة إلى نقاط تركيز جديدة لضمان نجاح سلام دائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وهو الأمر الذي سيتطلب “إجماعا إقليميا ودعما” لتحقيقه، لكن هاريس رفضت الخوض في التفاصيل.
إلا إن فيل غوردون، مستشار الأمن القومي لهاريس، توجه إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية عقب مغادرة هاريس المنطقة، لمناقشة المبادئ التي وضعتها إدارة الرئيس جو بايدن “لإعادة الإعمار والأمن والحكم في قطاع غزة، بعد انتهاء مرحلة القتال العنيف”، وأوضح غوردون أن الشعب الفلسطيني يجب أن يكون له أفق سياسي ذو مغزى، وكرر التزامه بحل الدولتين.
مبادئ طوكيو
خلال كلمته في منتدى المنامة الأمني قبل أسبوعين، تطرق منسق شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي بريت ماكغورك، إلى رؤية البيت الأبيض، التي لخصها في 5 لاءات وأتبعها بـ5 مبادئ.
وأصبح دارجا في واشنطن أن يشار إلى هذه المبادئ واللاءات بـ”مبادئ طوكيو”، نظرا لأن وزير الخارجية أنتوني بلينكن تطرق إليها أولا في مؤتمر صحفي عقده بطوكيو، على هامش مشاركته في اجتماع وزراء خارجية الدول السبع الكبرى.
وتشير هذه الرؤية إلى أنه على المدى القريب، تصر الولايات المتحدة وستعمل على ضمان ما يلي فيما يتعلق بغزة:
- أولا يجب أن لا يكون هناك تهجير قسري للفلسطينيين من غزة.
- ثانيا، يجب أن لا يكون هناك إعادة احتلال لغزة.
- ثالثا، يجب أن لا يكون هناك تقليص أو قطع لأراضي غزة، هذه أرض فلسطينية، ويجب أن تبقى أرضا فلسطينية.
- رابعا، يجب أن لا تستخدم غزة كمنصة للإرهاب أو أعمال العنف الأخرى، وهذا يعني عدم وجود تهديدات لإسرائيل من غزة.
- خامسا، يجب أن لا يكون هناك حصار لغزة، ويجب فصل الأبرياء في غزة عن حماس، فالمدنيون الأبرياء ليسوا مسؤولين عن جرائم حماس.
وعلى المديين المتوسط والطويل، تؤمن واشنطن بمبادئ خمسة، ترى أنه سيكون لها تبعات إيجابية حال الالتزام بها، وهي:
- أولا، يجب أن يكون الشعب الفلسطيني وتطلعاته محور منظومة حكم غزة بعد الأزمة.
- ثانيا، يجب أن تعود الضفة الغربية وقطاع غزة إلى الحكم الموحد، وفي نهاية المطاف في ظل سلطة فلسطينية نشطة، وأن يتم دمجهما في دولة فلسطينية مستقبلية.
- ثالثا، يجب أن تكون إسرائيل آمنة، ولا يمكن السماح للجماعات الإرهابية والتهديدات التي تتعرض لها إسرائيل بأن تنبثق وتنتشر من الضفة الغربية أو من غزة.
- رابعا، يجب توفير الموارد، ويجب الاستعداد الآن لدعم مرحلة ما بعد الأزمة في غزة بما فيها الموارد الأمنية، ويجب أن يهدف استخدام هذه الموارد لوضع الأساس لطريق يؤدي في نهاية المطاف إلى حل الدولتين.
- خامسا، يجب إنشاء آلية لإعادة الإعمار لضمان تلبية احتياجات سكان غزة على أساس طويل الأجل ومستدام، وقد فعلنا ذلك من قبل كجماعة دولية، ويمكننا القيام بذلك مرة أخرى.
حل الدولتين
وفي حوار على موقع مجلس العلاقات الخارجية، سخر خبير الشؤون الشرق أوسطية بالمجلس ستيفن كوك، مما تتطرق إليه إدارة بايدن من سعيها للانتهاء بحل الدولتين، وانتقد كوك تطرق إدارة بايدن مع شركائها في المنطقة إلى قضية ما بعد الصراع، من خلال اقتراح “أنه يجب أن يكون هناك جهد لإعادة تنشيط السلطة الفلسطينية”، وهي التي تتعرض للخطر بسبب اختلالها الوظيفي وفسادها الهائل.
وقال كوك إن “شرعية السلطة الفلسطينية معرضة للخطر بسبب تعاونها الأمني مع إسرائيل”، وأضاف “بعد تنشيط السلطة الفلسطينية لتمد سلطتها مرة أخرى إلى قطاع غزة، حيث كانت غائبة منذ عام 2007، وأن الأمن في قطاع غزة سيكون نتيجة لنوع من الجهد متعدد الجنسيات، وأن هذا من شأنه أن يمهد الطريق لاستئناف التفاوض نحو حل الدولتين”.
وختم كوك حديثه بالقول “يجب أن أكون صادقا، أعتقد أن التطرق الآن للحديث عن حل الدولتين هو محض خيال بكل الطرق، لا يمكن لأي من الجانبين لأغراض سياسية محلية تلبية الحد الأدنى من متطلبات الجانب الآخر، لذلك لم أفهم ما كان يقوله الوزير بلينكن، أو أي شخص أخر، عندما يتم الحديث عن حل الدولتين”.
مخططات إسرائيل
في الوقت الذي تكرر فيه إدارة بايدن أنها تعارض أي تحرك من جانب إسرائيل يغير حجم مساحة أراضي غزة، قال مارك ريغيف، مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لشبكة “إيه بي سي” (ABC)، إن “إسرائيل تخطط لوضع ترتيبات أمنية على طول أطراف قطاع غزة لضمان عدم قدرة حماس على تهديد إسرائيل مرة أخرى”.
وقال ريغيف “سمها ما تريد، يجب أن يكون لدى إسرائيل منطقة عازلة أمنية”، وأضاف “إسرائيل لا تخطط لانتزاع أراض من غزة أو احتلال القطاع، لكنه يجب أن تكون هناك ترتيبات أمنية على الأرض لمنع الهجمات المستقبلية”.
من جانبه، أبرز مايكل دوران، مدير مركز السلام والأمن في الشرق الأوسط في معهد هدسون، والمسؤول السابق في مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس جورج بوش، حجم “الخلافات الأميركية الإسرائيلية حول مستقبل غزة.
وأشار دوران إلى الخلاف بين إدارة بايدن وإسرائيل بشكل أساسي حول أهداف الحرب، خاصة مع رفض البيت الأبيض تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن “إسرائيل ستسيطر على غزة إلى أجل غير مسمى” واحتفاظها “بالمسؤولية الأمنية الشاملة” عن القطاع بعد انتهاء الحرب.
في حين ذكرت دراسة لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أنه “يجب أن يكون الهدف النهائي هو عودة السلطة الفلسطينية كحكومة شرعية في غزة، لكن السلطة الفلسطينية تفتقر إلى الإرادة والقدرة على إنجاز هذه المهمة في المستقبل المنظور، وهي لا تريد أن يُنظر إليها بأنها تعود إلى قطاع غزة على ظهور الدبابات الإسرائيلية، كما أنها ليست في أي حالة تُمكنها من تحمل مسؤوليات حكومية إضافية في غزة، نظرا لفشلها في الضفة الغربية”.
ونادى المعهد بأنه لتحقيق ذلك “يتطلب الوضع إنشاء إدارة مؤقتة لإدارة غزة، إلى أن تتمكن السلطة الفلسطينية من القيام بهذا الدور”.
إلا أن خبير الصراع العربي الإسرائيلي بمعهد الشرق الأوسط بواشنطن جيفري أرونسون، يرفض هذا التصور، واعتبر أنه “ليس لإسرائيل مصلحة في تمكين السلطة الفلسطينية من حكم غزة، والقيام بواجبات الحكم والشرطة وحفظ الأمن، ولا تحظى السلطة بشعبية كبيرة، في حين أفاد المراقبون العرب بأن حماس تحتفظ بدعم واسع النطاق داخل وخارج غزة”.