جنين- واحدا تلو الآخر خرجوا من المنزل لكنهم استشهدوا جميعا وبضربة ولحظة واحدة، علاء وهزاع وأحمد ورامي عصعوص أشقاء شهداء فقدتهم والدتهم ابتسام حسين درويش عصعوص (أم علاء) مرة واحدة، وقد صرخت “ما ظل لي أحد” لتعيش بعدها حزنا شديدا وينفطر قلبها على فقدهم.
وحين وصلنا منزلها في قرية مثلث الشهداء جنوب مدينة جنين شمال الضفة الغربية، كانت أم علاء تعد نفسها للانطلاق إلى مخيم جنين لتشارك أمهات الشهداء حزنهن ومآسيهن بعد أن استشهد ثلاثة في المخيم أمس الخميس.
وقبل ذلك، قصدت ابتسام مقبرة القرية حيث يرقد أبناؤها الأربعة، واستذكرت يومها كأم فلسطينية أصبح الفقد ديدنها كأم للشهداء أو شهيدة.
أمهات أسيرات
وبينما تفيد إحصاءات الهلال الأحمر الفلسطيني بأن الاحتلال -وخلال حربه المستمرة على قطاع غزة– يقتل يوميا 37 أما فلسطينية، تشير بيانات نادي الأسير الفلسطيني إلى أن الاحتلال يعتقل في سجونه 28 أما من نحو 76 أسيرة فلسطينية.
تنهدت أم علاء وهي تأتي على سير أبنائها وكيف استشهدوا في لحظات، وتقول إنهم غادروا المنزل بعد منتصف ليل السابع من يناير/كانون الثاني الماضي إلى مقهى عند مدخل القرية، حيث انتشرت أخبار سيئة عن أن جيش الاحتلال قصف مركبة في مخيم جنين.
ولم يمر وقت كثير، حتى اتصل قسام (نجل أم علاء الأصغر) والذي يعمل في سوق الخضار المركزي، وأخبر والدته أن قصفا إسرائيليا استهدف مجموعة من الشبان قرب قريتهم، وطلب منها الاطمئنان على إخوته، لتعجل الاتصال بهم واحدا تلو آخر، لكن لا أحد أجاب.
ولم تلبث دقائق حتى عرفت -عبر مواقع التواصل الاجتماعي- أن أبناءها استُهدفوا بقصف إسرائيلي، وقبل وصولها إلى مكان الحادث لرؤيتهم مضرجين بدمائهم، كانت سيارات الإسعاف أسرع منها إذ نقلتهم إلى مشافي مدينة جنين.
صور وذكريات
عام 2019، جاءت ابتسام وأبناؤها التسعة من الأردن لتستقر -بعد اغتراب طويل- في قريتها مثلث الشهداء، وهناك بدأت ترسم لمستقبلهم وتخطط لتزويجهم، متحملة أعباء جمة فوق مشاق الحياة الاعتيادية، قبل أن تفجع بفقد 4 منهم سويا، لتعيش على ذكراهم.
وفي منزلها الذي زينته بصور أبنائها الشهداء، حرصت أم علاء على تجميعهم بصورة واحدة مثلما كانت تضمهم تحت جناحيها قبل استشهادهم، في محاولة للتخفيف من حزنها عليهم.
وتقول إن واحدة من الصور تجمعها مع أبنائها كلهم، الشهداء الأربعة والبقية الأحياء، وصور من مختلف المناسبات السابقة التي عاشوها سويا، تحفظ تجمعهم مع بعضهم البعض.