ما جدوى خارطة طريق الأمم المتحدة بشأن أفغانستان؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

كابل- حاول أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وقف المنافسة الدموية من خلال تهيئة الظروف للتفاعل داخليا بين حركة طالبان والمعارضة المسلحة، وخارجيا عبر الحد من التنافس الدولي والإقليمي وفتح صفحة التعامل مع طالبان التي تحكم أفغانستان منذ 2021.

ويسعى غوتيريش إلى إيجاد حل إقليمي دائم لتحقيق السلام من خلال خارطة طريق جديدة بشأن أفغانستان، ويشجع طالبان على قبول حكومة شاملة ذات تنوع عرقي لتتمكن التيارات الأفغانية من المشاركة في العملية السياسية، وستصبح أهمية الخارطة أكثر وضوحا عندما يُؤخذ بعين الاعتبار واقع طالبان وبنيتها الهرمية في ممارسة الحكم.

وخلال العامين الماضيين، لم يتمكن المجتمع الدولي والأمم المتحدة من تقييم مستقل ودقيق للوضع في أفغانستان، لذا كلف غوتيريش الدبلوماسي التركي فريدون هادي سينيرلي أوغلو بكتابة تقرير عن الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد.

ويقول الباحث السياسي حكمت جليل للجزيرة نت “يؤكد تعيين أوغلو أن الأمين العام يريد الاطلاع على الجوانب الخفية للوضع الحالي في البلاد، وباشر أوغلو عمله بكتابة تقريره بشكل مباشر وزار أفغانستان أكثر من مرة، والتقى مسؤولين في الحكومة الأفغانية والرئيس السابق حامد كرزاي، وسيكون التقرير بمثابة خارطة طريق الأمم المتحدة في البلاد”.

الدبلوماسي التركي فريدون سينيرلي أوغلو (يسار) التقى الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي (يمين) (صور حامد كرزاي)

 إيجابية

تفيد تقارير بأن أوغلو أراد مقابلة زعيم طالبان الشيخ هيبة الله آخوند زاده، لكنه رفض طلبه، والتقى وزير الداخلية الأفغاني سراج الدين حقاني وطالبه برفع العقبات التي تؤدي إلى شرخ العلاقات بين أفغانستان والمجتمع الدولي.

ويرى خبراء الشأن الأفغاني أن تقرير الدبلوماسي التركي يمكن أن يكون قادرا على التنبؤ بمستقبل أفغانستان، لأنه يوضح الخطوط العريضة للأمم المتحدة، لأن نوعية المحادثات وطريقة تفكير المسؤولين الرئيسيين في طالبان ستكون بلا شك حاسمة فيما يتعلق بمستقبل البلاد.

ويقول عبد الكريم خرم مدير مكتب الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي للجزيرة نت “أرى أن خارطة طريق الأمم المتحدة الجديدة إيجابية ولصالح أفغانستان، وأهم ما جاء فيها دمج البلاد في المجتمع الدولي من جديد، وبناء العلاقات مع الدول، ورفع العقوبات عن البنوك، ولكن يجب أن يكون هناك دور أكبر للأفغان”.

والتقى أوغلو مسؤولين رئيسيين في حركة طالبان واطلع على طريقة تفكيرهم، كما التقى معارضي الحكومة الحالية خارج أفغانستان، واستمع إلى مخاوفهم، ويمكن للتقرير أن يرسم خارطة الطريق حول آلية تفاعل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي مع طالبان مستقبلا.

وقد حظي هذا التقرير بردود فعل واسعة يمكن تصنيفها إلى 3 أنواع:

  • موقف الحكومة الأفغانية بزعامة حركة طالبان.
  • موقف التيارات المعارضة للحكومة الأفغانية الحالية.
  • رأي الخبراء والمهتمين بقضايا أفغانستان.

 

وحكمتيار ووزير الخارجية الأفغانية من مكتب حكمتيار
وزير الداخلية الأفغاني سراج الدين حقاني (يمين) التقى أوغلو بعد رفض زعيم طالبان لقاءه (صور مكتب حقاني)

ترحيب

رحبت حركة طالبان -ضمنيا- بتقرير أوغلو مع التحفظ على بند تعيين مسؤول أممي لشؤون المصالحة في أفغانستان، وانتقده معارضو طالبان صراحة، واعتبروه محاولة لتبيض الحركة دوليا وإقليميا.

ولكن الخبراء ينظرون إلى الخارطة على أنها خطوة إلى الأمام لفهم الوضع الحالي في أفغانستان بشكل أفضل. وتكمن أهميتها في عدة نقاط يعتبرونها مهمة وأساسية، منها:

  • محاولة غوتيريش ترسيخ مصداقية الأمم المتحدة كمنظمة مستقلة تحفظ السلام العالمي.
  • محاولته تقديم تقريره وفق المعطيات على الأرض وإيجاد خارطة طريق مناسبة لحل الأزمة الأفغانية.
  • محاولته رسم خارطة الطريق لحل الأزمة الأفغانية دوليا وإقليميا.
  • محاولته توفير سياق لعلاقة المجتمع الدولي مع حركة طالبان بشكل مشجع وتفاعلي، وتشجيع الحركة على قبول الحد الأدنى من المعايير الدولية، واحترام حقوق الإنسان، وتقليل القيود المفروضة على المرأة، وقبول حقوقها الاجتماعية والتعليمية، وتوعية العالم بالوضع الصعب والخناق الأيديولوجي الذي تعانيه طالبان نفسها.
  • محاولته تنبيه مجلس الأمن إلى الفجوة الموجودة في طالبان على مستوى القيادة، حيث إن جناح قندهار ينتمي إلى الصقور وجناح كابل إلى الحمائم وهو أكثر واقعية، ومستعد للتعامل مع المجتمع الدولي.

أما النقاط التي تحتوي عليها خارطة طريق الأمم المتحدة فهي:

  • محاولة الأمم المتحدة تصنيف الأزمة الأفغانية كمشكلة إقليمية.
  • تقديم المساعدات إلى الشعب الأفغاني، وحث المجتمع الدولي على زيادتها ومواصلتها.
  • تشكيل حكومة شاملة.
  • صياغة دستور جديد.
  • البدء بحوار جاد بين الفصائل الأفغانية يؤدي إلى حل سياسي للأزمة الأفغانية.
  • وضع الأساس للتفاعل مع المجتمع الدولي والاعتراف بحركة طالبان.

ويرى خبراء الشأن الأفغاني أن الأمم المتحدة تتعامل منذ 45 سنة مع الملف الأفغاني، ولكنها أخفقت في إيجاد حل سلمي دائم في البلاد، وأن الشعب الأفغاني يعرف كيف أخفق ممثل المنظمة “بيناين سيوان” في مفاوضات جنيف إثر انسحاب القوات السوفيتية من أفغانستان عام 1989.

كما يعلم الشعب الأفغاني “إخفاق المبعوث السابق الأخضر الإبراهيمي في مؤتمر بون” بعد اجتياح القوات الأميركية أفغانستان، واعتماد الحلول المستوردة من الخارج التي لم يستفد منها الأفغان خلال 4 عقود من الصراع في البلاد، لأنها كانت لأجل مصالح الآخرين وليس الأفغان.

حكمتيار ووزير الخارجية الأفغانية من (مكتب حكمتيار)
زعيم الحزب الإسلامي الأفغاني قلب الدين حكمتيار (يمين) ووزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي (مكتب حكمتيار)

الحل داخلي

يقول زعيم الحزب الإسلامي الأفغاني قلب الدين حكمتيار للجزيرة نت “أثبتت التجارب التاريخية أن الأمم المتحدة بتركيبتها الحالية لا تستطيع حل الأزمة الأفغانية، وليس لديها ما يؤهلها لذلك، ولم تتمكن من حل مشكلة معقدة على مستوى العالم، والأزمة الأفغانية لا تحل بمفاوضات خارج البلاد”.

وأكد حكمتيار “أرى أن الحل الأساسي أن يجلس الأفغان دون شروط مسبقة إلى طاولة المفاوضات لحل أزمتهم دون وساطة الأجانب”.

وطالبت الخارجية الإيرانية -في بيان لها- بإعطاء دور أكبر لدول الجوار الأفغاني في إحلال السلام في البلاد، وقدمت طهران خارطتها بشأن الأزمة الأفغانية وأهم بنودها:

  • ضرورة حل الأزمة الأفغانية عبر الحوار وفتح الطريق لكابل لدمجها في المجتمع الدولي.
  • الفشل في حل الأزمة الأفغانية سيكون له آثار مدمرة على السلم والأمن الدوليين، ولا تحتمل أفغانستان الحالية قبول فشل جديد.
  • إن مدخل أفغانستان إلى المجتمع الدولي هو بيئتها الإقليمية وجوارها، وإنشاء مجموعة اتصال إقليمية يعد خطوة مبدئية لتحقيق نتائج مطلوبة.
  • فتح ملفات جديدة دون حل القضايا الماضية لن يؤدي إلى حل المشكلة الأفغانية.

ويعتقد خبراء الشأن الأفغاني أن هذه الخارطة تحتاج إلى عمل معمق وموافقة دول الجوار والصين وروسيا، وأن إيران لا تستطيع أن تؤدي دورا وحدها في الملف الأفغاني لأسباب كثيرة أهمها الثقة بين البلدين.

ويوضح مصدر في الخارجية الأفغانية للجزيرة نت أن “الحكومة الحالية تتعامل بحذر مع خارطة الطريق التي أعلنتها الأمم المتحدة فما بالك بالإيرانية، وأن طهران تبحث لنفسها عن دور في الملف الأفغاني، وبصورة عامة تدعم الخارطة الأممية، وتطلب دورا لدول الجوار الأفغاني لا أكثر، وهي ليست شاملة مثل خارطة طريق الأمم المتحدة”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *