أجمع أكاديميون ومختصون بالشأن الإيراني على أهمية صفقة تبادل السجناء التي تمت بين إيران والولايات المتحدة بوساطة قطرية أفضت كذلك للإفراج عن أموال إيرانية كانت محتجزة في كوريا الجنوبية، مرجحين انعكاسها إيجابا على ملفات المنطقة وقد تؤسس لتفاهمات جديدة.
وفي هذا الإطار يعتقد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور عبد الله الشايجي، أن هناك انفراجات مقبلة على المنطقة بعد الصفقة، في ظل ما أسماه تفاهمات خليجية إيرانية أميركية.
واستدل بحديثه حول التهدئة الجارية في اليمن منذ أكثر من سنة، وزيارة وفد حوثي إلى الرياض لأول مرة منذ اندلاع الحرب في 2015، إضافة لعدم وقوع هجمات على القوات الأميركية منذ وقت طويل.
ورسم الشايجي -في حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر” في حلقته بتاريخ (18 /9 /2023)- صورة مستقبلية للمنطقة، وقال إن هناك أجواء تهدئة حقيقية خلافا لما يروجه البعض بحرب مقبلة.
وشدد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت على أن الصفقة أتت لتؤكد ذلك حيث سيستفيد منها الجميع، واصفا إرسال واشنطن 3 آلاف عسكري للمنطقة مؤخرا بهدف الردع لا الحرب.
واتفقت الدكتورة فاطمة الصمادي -الباحثة الأولى في مركز الجزيرة للدراسات- مع ما ذهب إليه الشايجي، وقالت إن الملفات الإقليمية كالعراق وسوريا واليمن وغيرها قد يحدث فيها اختراقات بشكل مشابه لما حدث في الصفقة.
وشددت الباحثة المختصة والخبيرة بالشأن الإيراني على أن هذه الملفات الإقليمية متصلة ببعضها وأن حل بعضها قد يفتح بابا للتوصل للحل في ملف آخر.
وعدت ما تحقق بأنه “بناء هامش من الثقة” في العلاقات الإيرانية القطرية، والعلاقات الأميركية الإيرانية رغم أن خلافات طهران وواشنطن معقدة وتركت آثارها على ملفات المنطقة.
ومع ذلك استبعدت الوصول إلى منجز سريع فيما يخص الاتفاق النووي الإيراني، خاصة مع تمسك طهران بشروطها رغم ترحيبها بالاستمرار بالعملية التفاوضية مع واشنطن، لتؤكد مجددا أن الحل يكمن بالملفات الجزئية واختراقها.
مكاسب الطرفين
وحول المكاسب التي حصدها الجانبان، رأى الشايجي أن الرئيس الأميركي جو بايدن أوفى بوعده الانتخابي بعدم ترك أي سجين في الخارج خاصة في روسيا وإيران، واعتبر أن بايدن تحول لمرشح أكثر من كونه رئيسا مع قرب الاستحقاق الانتخابي للبيت الأبيض.
وإضافة إلى ذلك يريد بايدن إرضاء الجناح الأميركي المعارض لطهران والتأكيد على أن الأموال المفرج عنها هي إيرانية وليست فدية كما يروج لها الحزب الجمهوري.
وفيما يتعلق بإيران، يشير إلى أنها بوضع اقتصادي صعب في ظل العقوبات المفروضة عليها والتي أدت إلى انهيار عملتها المحلية وزيادة نسب التضخم لديها.
في الجهة المقابلة، وصفت فاطمة الصمادي الصفقة بأنها خطوة دبلوماسية إيجابية لإيران، وشددت على أن أهميتها تكمن في نجاحها في هذا الملف الجزئي (تبادل السجناء)، وقد تسهم بحلحلة إشكالية الاتفاق النووي الإيراني حيث تلوح أزمة مقبلة مع قرب انتهاء بنوده خاصة بالجوانب العسكرية.
وبخصوص التصريحات التي أطلقها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بشأن الصفقة وكونها إنسانية، عدت الباحثة ذلك بأنه مخاطبة للداخل الإيراني، ومحاولة الوصول للفئة المعارضة للاتفاق، مشددة على أنه يعرف بأنها عملية تبادلية نتاج عملية تفاوضية طويلة.
وحول أوجه صرف الأموال الإيرانية المحتجزة، رجحت الخبيرة بالشأن الإيراني أن تكون في القطاع الصحي في ظل حاجة طهران الكبيرة للأدوية، علاوة على وجود بنود في الاتفاق حول كيفية صرفها وضمان قطر للعملية المصرفية.
إشادة بالدور القطري
وأشاد ضيفا حلقة “ما وراء الخبر” بالدور القطري، الذي نجح في تسجيل إنجاز بعد سلسلة ماراثونية من جولات التفاوض بين واشنطن وطهران، إثر تعثر مفاوضات إحياء الاتفاق النووي.
وعرجت الدكتورة فاطمة الصمادي إلى تطور العلاقات القطرية الإيرانية وأثرها على مسار التفاوض والنتائج، في وقت قال فيه الشايجي إن الدوحة أدت دورا مهما ونجحت بالخروج بمعادلة “الكل رابح”، وكسبت ود الخصمين اللدودين.
ولم يكتفِ بذلك ورأى أن الدوحة أثبتت مرارا أنها لاعب مؤثر يحظى بقبول الأطراف الإقليمية والدولية، منوها إلى إتمام الصفقة بطائرة قطرية، علاوة على أنها ستشرف على طريقة صرف الأموال الإيرانية التي وصلت بنوكها.