طالب المجلس الرئاسي الليبي الحكومة بتحديد حجم الخسائر التي منيت بها مدن شرق ليبيا جراء إعصار دانيال الذي ضربها الأسبوع الماضي، ووضع خطة زمنية دقيقة، مشيرا إلى الحاجة إلى تعزيز الشفافية بآلية دولية مصاحبة لمكافحة الفساد ومنع استغلال الأزمات أو تعطيل المساعدات أو الاستيلاء عليها.
من جهته، أقر مجلس النواب -الذي عقد جلسة طارئة في مدينة بنغازي قبل 3 أيام- بالإجماع إقرار ميزانية طوارئ بقيمة 10 مليارات دينار ليبي (ملياري دولار)، لمعالجة آثار الفيضانات في المناطق المتضررة على أن تودع في حساب في مصرف ليبيا المركزي، إلى جانب بقية المخصصات أو المعونات المحلية والدولية.
وفي الوقت الذي لم يتطرق فيه رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان أسامة حماد إلى تفاصيل الميزانية التي ستسيل لإعادة الإعمار وجبر الضرر في المناطق المنكوبة، أصدر رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة قرارا بتخصيص ملياري دينار ليبي (413 مليون دولار) لإعادة إعمار درنة، ومناطق أخرى.
وفي حين يقدّر خبراء أن احتياجات المدن والمناطق المتضرّرة قد تتجاوز 7 مليارات دولار، يرى بعضهم أن التحدي الأكبر يتمثل في إعداد خطط واضحة وتشكيل اللجان المختصة لحصر الأضرار، ثم البدء في إعادة الإعمار التي تحتاج إلى خطط عمرانيّة تتضمن إنشاء بنية تحتيّة جديدة.
الوقت غير كاف
وعن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الإعصار، قال أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد بن علي السنوسي في البيضاء أمجد القندولي إن الوقت لا يزال مبكرا للحديث عن حصر الأضرار، نظرا إلى الدمار الكبير الذي وقع، معتبرا أن الجهود مركزة حاليا على إنقاذ العالقين وانتشال الجثث.
القندولي توقع أن تكون الخسائر ضخمة وبمليارات الدولارات، لكن الأمر يحتاج إلى وقت ولجان مختصة لحصر الأضرار سواء تلك التي وقعت على المباني أو الطرق والجسور والبنى التحتية من كهرباء وماء وصرف صحي، موضحا للجزيرة نت أن الفرق الهندسية هي من ستسهم في تقدير الأضرار بشكل دقيق.
من جهته، يرى الخبير الاقتصادي علي الصلح أن التقديرات الأولية تشير إلى أن هناك حاجة إلى 500 ألف دولار يوميا لدرنة وحدها لسد الاحتياجات الإنسانية بعد انهيار اقتصاد المدينة كليا، أما الحديث عن إعادة الإعمار فيقترن باستهداف نحو 25 ألف عائلة بحاجة إلى مساكن تتجاوز قيمتها مليار دولار.
أما إعادة تجهيز البنى التحتية والخدمية للمدينة، فيحتاج في رأي الصلح إلى إعادة بناء السدود المدمرة بقيمة قد تتجاوز 20 مليون دولار، مضيفا للجزيرة نت أن الخطط يجب أن تتضمن أيضا بناء المدارس والمراكز الصحية الخاصة بالمدنية، “في ظل تقديرات أولية لا تحدد قيمة الخسائر بدقة لكنها ربما ترسم ملامح خطة نستطيع من خلالها العمل على تجاوز الأزمة”.
وتحدثت تقارير عن أن أكثر من ربع منازل مدينة درنة تعرضت لأضرار جسيمة، إلى جانب عشرات المنازل في مناطق مجاورة مثل الورديّة وسوسة وبعض القرى الجبلية الصغيرة أي أن أكثر من 15 ألف منزل تعرضت للضرر، منها 4 آلاف منزل دمر بالكامل.
درنة تفقد مركزها التجاري
على الصعيد التجاري، يحاول رجل الأعمال فهيم العزوزي وصف الأضرار الكبيرة التي تركزت في منطقة “وسط البلاد”، التي تعد مركز التجارة الرئيس لكل درنة والمناطق المجاورة، متحدثا عن خسارة مئات المحالات التجارية، وعشرات الأسواق المركزية من بينها سوق المشير الذي افتتح منذ أقل من 6 أشهر فقط.
وأضاف العزوزي أنه يصعب تقدير الخسائر التي توزعت بين أسواق وتجار المدينة والقرى المجاورة التي كانت تستهدف أكثر من نحو 400 ألف مستهلك من درنة وخارجها، ورجح -في حديثه للجزيرة نت- أن تقدر الخسائر بمئات ملايين الدولارات حسب معطيات أولية لمجموعة من رجال أعمال المدينة المقيمين في درنة أو خارجها.
وأشارت تقديرات أولية لجهات تابعة للحكومة المكلفة من البرلمان إلى خسارة مربي المواشي في كامل منطقة الجبل الأخضر ما يزيد على 30 ألف رأس من الأغنام والمواشي، وتعرّض أكثر من 10 مناطق زراعيّة شرقي بنغازي وصولا إلى درنة لخسائر جسيمة قد تؤثر بشكل واضح في تغطية احتياجات السوق المحلية لأشهر.