واشنطن- يؤكد فوز الرئيس السابق دونالد ترامب السهل في ولاية أيوا -ليلة أمس الاثنين- أنه لا يوجد سباق حقيقي على مرشح الحزب الجمهوري هذا العام. وحصل ترامب على أصوات 52% من الناخبين في أول جولات الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري.
وحصل رون ديسنتيس، حاكم ولاية فلوريدا على 21%، وحصلت حاكمة ولاية كارولينا الجنوبية السابقة نكي هيلي على 19%، ورجل الأعمال فيفيك راماسوامي، على 7.7% من الأصوات. وانسحب راماسوامي من السباق، أمس، وأعلن تأييده ترامب.
ويعكس فشل منافسي ترامب الجمهوريين مقدار قوة الرئيس السابق التي لا يمكن التغلب عليها داخل الحزب، فلم يهزم ترامب فقط هؤلاء، بل تغلب أيضا على جميع القوى المؤسسية التي تدعمهم داخل الحزب الجمهوري، والقوى المحافظة الداعمة للحزب.
تيار معارض
دعم عدد من كبار ممولي الحزب الجمهوري، من خلال شبكة ضخمة أشرف عليها الملياردير تشارلز كوخ، المرشحة نكي هيلي، في حين دعم الزعيم الإنجيلي الشهير بولاية أيوا بوب فاندر بلاتس، وحاكم الولاية الجمهوري كيم رينولدز، المرشح رون ديسنتيس.
وعكس التيار المعارض لترامب داخل المعسكر الجمهوري، قوى مالية وأيديولوجية قوية لها التزامات أيديولوجية راسخة، كما عكس نمط التصويت -أمس- اختبارا لتفضيلات الناخبين وليس فقط مجرد اختيار شخصيات المرشحين.
وعبر ناخبو ولاية أيوا، وهي ولاية مضمون فوز المرشح الجمهوري بها في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني القادمة، عن عدم اكتراثهم بالقضايا الجنائية ضد ترامب ومواجهته أكثر من 90 تهمة، أغلبها تهم فدرالية وأخرى من ولايتي نيويورك وجورجيا.
ويكرر ترامب أن هذه المحاكمات هي لعبة سياسية ضده، وأظهر الجمهوريون في الولاية -أمس- أنهم يوافقون ذلك.
من ناحية أخرى، تعكس أيوا صورة عامة لحقيقة وضع الحزب الجمهوري في بداية عام 2024، فهي ولاية محافظة تصوت للجمهوريين، أغلب سكانها من البيض ومن غير الحاصلين على شهادات جامعية.
ويتوقع أن تمثل مخرجات انتخابات أيوا التمهيدية صورة لنمط وتفضيلات المصوتين الجمهوريين في بقية محطات السباق الرئاسي داخل المعسكر الجمهوري.
ضربة وآمال
من الصعب التفكير في أي ولاية أخرى كان يتوقع أن يبدي فيها حاكم ولاية فلوريدا أداء أفضل مما حققه أمس في الظفر بالمركز الثاني خلف ترامب، متفوقا على هيلي، وذلك بسبب بالدعم الكبير لذي ناله والذي سمح لحملته بإنفاق أكثر من 35 مليون دولار في الفترة من 1 إلى 12 يناير/كانون الثاني الحالي، في حين أنفقت حملة ترامب 18 مليون دولار فقط في الفترة نفسها.
كما أنفقت حملة هيلي 37 مليون دولار في الفترة ذاتها، ولم تؤثر كل هذه الأموال في تفضيلات الناخبين الجمهورين في أيوا، الذين اختار أكثر من نصفهم التصويت لصالح دونالد ترامب.
تعتمد آمال المرشحة هيلي في تحقيق أداء قوي في الانتخابات التمهيدية في انتخابات ولاية نيو هامبشير يوم الثلاثاء المقبل، وتسمح هذه الولاية لغير الجمهوريين بالتصويت.
ويأمل ديسنتيس في أن يدفع فوزه بالمركز الثاني في أيوا إلى اقتناع الجمهوريين المعارضين لترامب، بأنه الخيار الأفضل بدلا من تفتيت الأصوات بين عدة مرشحين منافسين لترامب.
وعلى الرغم من الدعم والتمويل الكبير لحملتي ديسنتيس وهيلي، فإن قوتهما كمرشحين من ذوي الخبرات السياسية القوية يملكان دعما قويا من عدة تيارات بالحزب الجمهوري، لا يمكن القول معها إن فوز ترامب عليهما جاء بسبب انقسامهما أو ضعفهما.
وأكدت نتائج ولاية أيوا أن حتى المنافسين الأقوياء لا يمكنهم تهديد سيطرة ترامب على الحزب الجمهوري.
وفاز ترامب معتمدا على دعم قوي بين المسيحيين الإنجيليين ممن لا يحملون شهادات جامعية. ورغم تبنيه مواقف متضاربة بشأن قضية الإجهاض، بما دفع الكثير منهم للتشكيك في درجة محافظته، لا يزال ترامب يتمتع بأكثر من ضعف شعبية ديسنتيس وهيلي بين المسيحيين الإنجيليين.
“قوة متجذرة”
ويهاجم ديسنتنيس وهيلي ترامب بذريعة أنه لا يتبنى أجندة محافظ اجتماعيا، إلا أن غاري باور، وهو زعيم محافظ اجتماعي منذ فترة طويلة ومرشح رئاسي سابق للحزب الجمهوري في عام 2000 ويعمل الآن في مجلس استشاري ديني لحملة ترامب، يقول إن “السنوات الأربع من رئاسة ترامب، ورغم أن بعض الأشياء لم تنجز، إلا أن ترامب كان دائما يسعى للقيام بذلك”.
ويتفق مراقبون كُثر على أن قوة ترامب بين الإنجيليين متجذرة بشكل أقل في التزامه بالعقيدة السياسية في قائمة طويلة من القضايا الاجتماعية التقليدية، ناهيك عن تجسيده للقيم الشخصية التي يقول المحافظون الثقافيون إنهم يقدسونها.
بدلا من ذلك، يتفق هؤلاء على أن ترامب يستفيد لأن الكثيرين بين الإنجيليين المحافظين ينظرون إليه على أنه مقاتل ضد مجموعة من القوى المترابطة -الديمقراطيون والحكومة الفدرالية ووسائل الإعلام الليبرالية- التي يرون أنها توجه الشعب الأميركي بعيدا عن قيمه التقليدية الدينية.
في النهاية، لم يُضيع ترامب فرصة فوزه بانتخابات ولاية أيوا، وفور إعلان النتائج، أرسلت حملة ترامب الانتخابية بريدا إلكترونيا تطلب فيه من قاعدتها الشعبية تبرعات مالية “لمواجهة اليسار المتطرف المسعور الذي يأمل ويتوسل أن يتمكنوا من فعل أي شيء لمنعنا”.
ويضيف نص الرسالة “لكن بسببكم، نحن منتصرون، وإن كان عملنا لم ينته بعد، كل انتصار يمضي قُدما سيكون بسبب ما تفعله هنا، الآن تبرع. وإذا كنت قد صوت لي من قبل، فأنا أطلب منك أن تشارك وتقول بفخر: نحن نقف مع الرئيس ترامب”.