ماذا يعني إنهاء مهمة “يونيتامس” في السودان؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

الخرطوم- بعد شهور من التوتر بين الحكومة السودانية ورئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان “يونيتامس” فولكر بيرتس، أنهى مجلس الأمن الدولي مهمة البعثة في السودان، وأحال مهامها إلى الوكالات الأممية في البلاد، وسط انقسام في الأوساط السياسية بشأن الخطوة.

واعتبر مناصرون للجيش السوداني وقيادته الخطوة انتصارا للإرادة الوطنية وللدبلوماسية السودانية، بينما يرى معارضون لنظام حكم رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان أن استمرار تدهور الأوضاع في البلاد سيؤدي إلى تدخل أممي جديد يتيح استخدام القوة.

وأبدت الخارجية السودانية في بيان ارتياحها إزاء قرار إنهاء ولاية البعثة الأممية. وتعهد وكيل الوزارة دفع الله الحاج علي، بالعمل على وقف الحرب ومعالجة آثارها وإكمال مسار فترة الانتقال، بإحياء عملية سياسية موسعة بإرادة وطنية خالصة تفضي إلى انتخابات حرة وشفافة.

وأقر مجلس الأمن الجمعة الماضية إنهاء ولاية بعثة “يونيتامس”، اعتبارا من اليوم الأحد 3 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بتصويت 14 من أعضائه وامتناع روسيا عن التصويت.

خيار بديل

يقول المحلل السياسي محمد لطيف إن “هناك مجموعات احتفت بقرار مجلس الأمن، واعتبرته انتصارا لمعركتها مع فولكر بيرتس وتحالف قوى الحرية والتغيير الذي تعده متواطئا معها”.

ويرى لطيف أن المحتفين بإنهاء مهمة البعثة الأممية لو أنهم تمعنوا قليلا لانتبهوا لخطورة الموقف، من خلال كلمات بعض ممثلي الدول الأعضاء عن خطورة الأوضاع في السودان وآثارها على المدنيين، مما يفرض على الأمم المتحدة المزيد من الأدوار وليس العكس.

وفي حديث للجزيرة نت، يعتقد لطيف أنه مع تأكيد مجلس الأمن خطورة الوضع والمواجهات العسكرية، وسوء الأوضاع الأمنية والمهددات الإنسانية، وإلغاء الذراع الأممية المدنية، واستمرار المخاطر التي تواجه السودان، فإن المجلس سيلجأ إلى خيار آخر، وهو الانتقال إلى البند السابع “استخدام القوة” لفرض الأمن في البلاد.

مواقف متباينة

ويرى رئيس تحالف قوى الحراك الوطني التيجاني سيسي أن إنهاء تفويض “يونيتامس” جاء متأخرا بعد أن أدخلت البلاد في أتون حرب مدمرة.

وقال سيسي للجزيرة نت “ذهبت (يونيتامس) ولم تفلح في تنفيذ أي من البنود الواردة في تفويضها، وتتحمل مسؤوليتها بالكامل في زيادة وتيرة الاستقطاب السياسي في السودان”.

ويعتقد أن انحياز فولكر بيرتس لقوى الحرية والتغيير التي أبدت تعنتا وأوصدت الأبواب أمام التوافق الوطني، أسهم في دفع البلاد نحو الحرب.

وفي المقابل يقول القيادي في قوى الحرية والتغيير ماهر أبو الجوخ إن “إنهاء مهمة البعثة الأممية فرضته متغيرات أبرزها أنها تعمل وفق البند السادس من ميثاق الأمم المتحدة لدعم الانتقال الديمقراطي، ومع وقوع الحرب صار المشهد مرتبطا بمهددات الأمن والسلم الإقليمي، مما يتطلب إجراءات بموجب البند السابع،وهو خارج تفويض البعثة”.

وفي حديث للجزيرة نت يرى أبو الجوخ أنه في حال تمديد مهمة البعثة، فإنها ستواجه عراقيل من “حكومة الأمر الواقع في بورتسودان” التي طلبت إنهاء مهامها.

ويعتقد أن ثمة مؤشرات على اتجاه البلاد نحو وقف الحرب وتحقيق السلام، ولم يعد أمام طرفي الحرب إلا التجاوب مع الجهود الدولية والإقليمية، ولم يعد “لحكومة الأمر الواقع” ورقة للمناورة بها، ولذا يتوقع أن تواجه ضغوطا أكثر مما مضى.

وفي الاتجاه ذاته يرى رئيس حزب مؤتمر البجا المعارض والمتحدث باسم تحالف الجبهة الثورية أسامة سعيد في حديث للجزيرة نت، أن إنهاء مهام البعثة الأممية يفتح الطريق أمام مجلس الأمن لتبني خطوات جادة وعملية لفرض السلام في حال عدم التوصل إلى تسوية سياسية شاملة باعتبار أن استمرار الوضع الراهن في البلاد يمثل تهديدا للأمن والسلم الدوليين.

توتر مستمر

تأسست بعثة “يونيتامس” في يناير/كانون الأول عام 2020 بناء على طلب رئيس وزراء الحكومة الانتقالية وقتئذ عبد الله حمدوك بهدف مساعدة السودان على الانتقال الديمقراطي، وتحقيق السلام والمساعدة على التنمية، وذلك تحت الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة.

لم يكن طلب رئيس الوزراء محل توافق داخل السلطة الانتقالية، خاصة المكون العسكري في مجلس السيادة الذي تحفظ على المهام التي حددها حمدوك.

وبرزت أيضا تحفظات أخرى أكثرها من تيارت إسلامية اعتبرت خطوة حمدوك محاولة لوضع السودان تحت وصاية دولية تصل إلى حد الخيانة وتستوجب محاسبته.

وبعد إجراءات الجيش 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 على حكومة حمدوك والتحالف الحاكم “قوى الحرية والتغيير”، مرورا بالحرب التي اندلعت في الخرطوم في منتصف أبريل/نيسان الماضي، اتسعت الحملة المضادة للبعثة الأممية.

ونظمت احتجاجات تطالب بطردها وإنهاء تفويضها، كما لوح البرهان بطرد رئيس البعثة الألماني فولكر بيرتس الذي اضطر إلى الاستقالة في سبتمبر/أيلول الماضي بعد 3 أشهر من إبلاغ الخارجية السودانية الأمم المتحدة بأن بيترس شخص “غير مرغوب فيه”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *