ماذا أراد خامنئي من خطابه بشأن طوفان الأقصى؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

طهران- رغم التحديات التي تمر بها بلاده عقب وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي في حادث سقوط المروحية والترتيبات التي تمضي على قدم وساق لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، أعطى المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي عملية “طوفان الأقصى” الأولوية، في أحدث خطاب ألقاه صباح اليوم الاثنين.

وفي كلمته، بمناسبة الذكرى الـ35 لرحيل مؤسس الجمهورية الإسلامية الإمام الخميني، استهل خامنئي بالحديث عن الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة وتداعياتها وتطوراتها الإقليمية.

ثم عرّج المرشد على مصرع رئيسي ورفاقه إثر تحطم المروحية التي كانت تقلهم، وختم بالاستحقاق الانتخابي المقرر في 28 يونيو/حزيران الجاري لملء الشغور الرئاسي.

وقت دقيق

ويرى مراقبون في إيران أن خطاب المرشد الأعلی جاء في توقيت دقيق على ضوء المتغيرات الداخلية والإقليمية، بيد أنه أولى أهمية كبرى للقضية الفلسطينية، إذ اعتبر أن عملية “طوفان الأقصى” جاءت في اللحظة المناسبة، وأفشلت خطة كانت ترمي إلى تغيير المعادلات بالمنطقة.

في السياق، يعتقد السفير الإيراني السابق في الأردن ولبنان أحمد دستمالجيان أن تقديم الملفات وتأخيرها في كلمة المرشد الإيراني تُظهر أهميتها في سياسات طهران.

وأوضح أنه عقب حادث سقوط المروحية الرئاسية هناك من كان يراهن على انشغال طهران بهمومها الداخلية، لكن كلمة المرشد أظهرت للجميع أن القضية الفلسطينية ستبقى الأهم في سلم سياسات الجمهورية الإسلامية.

وفي تصريحه للجزيرة نت، يقول دستمالجيان إن حديث خامنئي عن “نبوءة مؤسس الجمهورية الإسلامية بزوال الكيان الصهيوني” جاء في سياق التنبؤات التي تحققت بالفعل، ومنها سقوط النظام البهلوي، وانتصار الثورة الإيرانية، وانهيار الاتحاد السوفياتي، مما يجعل “زوال كيان الاحتلال حقيقة ماثلة أمام الرأي العام، ولعنة تطارد الصهاينة في الأرض المقدسة”.

وتابع أن خامنئي قد رسم صورة واضحة المعالم للرأي العام عن حقيقة تطورات القضية الفلسطينية، بقوله إن المقاومة الفلسطينية حاصرت الاحتلال وحشرته في زاوية لا مخرج له منها، وإن عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي قد “قطعت الطريق على المشروع الصهيوأميركي الرامي لتغيير موازين القوى في المنطقة”.

وبذلك، يضيف دستمالجيان، كان لا بد من عملية “طوفان الأقصى” التي أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة، وأفشلت مشاريع التطبيع مع الاحتلال.

خامنئي طالب بمواصلة نهج الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي التابع للثورة (الصحافة الإيرانية)

حرب هجينة

وعن تطرق المرشد الإيراني إلی قراءات بعض المحللين الغربيين البارزين عن تطورات “طوفان الأقصى”، يقرأ الدبلوماسي الإيراني السابق هذا الجانب من كلام خامنئي في سياق الحرب النفسية ضد “العدو”.

كما يقرأه في سياق تلقين الاحتلال بما يستشرفه المفكرون المقربون منه، في الولايات المتحدة والدول الأوروبية وحتى “الصهاينة”، عن ورطة تل أبيب في مستنقع غزة دون تحقيق أي من أهداف هجومها عليها.

من ناحيته، يعتقد العميد المتقاعد في الحرس الثوري حسين كنعاني مقدم، أنه لا فرق بين أعداء الجمهورية الإسلامية والقضية الفلسطينية، واعتبر أن كلمة المرشد الإيراني جاءت في سياق “جهاد التبيين” من جهة، والرد المناسب على “الحرب الهجينة” المتواصلة على غزة من جهة أخری.

وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح كنعاني مقدم أن خامنئي أراد تسليط الضوء من جديد على حقائق المعركة، التي تخوضها غزة بالنيابة عن الأمة الإسلامية، وذلك على لسان كبار محللي معسكر “العدو”، كما أراد إطلاق حرب متعددة الجوانب على “العدو” ردا على حربه الشعواء على قطاع غزة.

ولدى إشارته إلى موقف المرشد الإيراني حول “الهجوم الإسرائيلي الغاشم على غزة، وأنه كان رد فعل أعمى على إخفاق مخططاته في المنطقة”، يقول مقدم إن الموقف جاء لتكريس نجاعة خيار المقاومة في وضع الاحتلال على طريق الزوال، وفشل المخططات الرامية إلى دمجه في الإقليم.

وأكد أن المرشد الإيراني حرص على بيان بعض الحقائق عن مستوى الإرباك في هرم سلطة “الكيان الصهيوني” لحض المستوطنين على الهجرة العكسية. وأضاف أن التذكير بعدم تحقيق إسرائيل أيا من أهدافها في غزة واستنزاف طاقتها على يد المقاومة الفلسطينة فقط، يهدف إلى “تحقير الجيش الإسرائيلي”، وإرسال رسالة قوة عن طاقات محور المقاومة التي لم تدخل المعركة بعد.

وخلص كنعاني إلى أن كلمة المرشد الإيراني حملت رسالة مبطنة إلى المقاومة الفلسطينية بعدم الانجرار وراء الوعود التي تُطلَق في ما تسمى مفاوضات وقف إطلاق النار، وعدم السماح بإنقاذ كيان الاحتلال من مأزقه، وتوقع أن تكون المنطقة على موعد مع عمليات يمكن تسميتها “طوفان الأقصى 2” في المرحلة المقبلة.

المشهد الداخلي

أما على الصعيد الداخلي، فيعتقد الباحث السياسي حسن هاني زاده أن خامنئي، ومن خلال إشادته بأداء الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، أيّد توجه الأخير وسياساته من جهة، وأرسل رسالة واضحة للشعب الإيراني -من جهة أخرى- لاختيار رئيس يؤمن بالمسيرة التي بدأها رئيسي ويعتزم مواصلتها.

ويرى هاني زاده -في حديثه للجزيرة نت- أن خامنئي عقد مقارنة بين سياسات رئيسي وخط الثورة الإسلامية، وطالب الرئيس المقبل بمواصلة خط هذه الثورة الذي تمكّن من تقليص الهوة بين الشعب والسلطات الحاكمة.

وأضاف أن كلمة خامنئي تهدف إلى تعزيز الدعم الشعبي للنظام الإيراني، وتردّ على الأطراف التي لطالما راهنت على تخلي الإيرانيين عن دعم نظام الجمهورية الإسلامية.

وختم المتحدث نفسه بالقول إن المرشد الإيراني دعا الشعب إلى المشاركة بكثافة في الانتخابات المقبلة لوضع حد لتراجع المشاركة الشعبية من جهة، وفي الوقت نفسه نهى المرشحين عن “تسميم” الأجواء الانتخابية عبر كيل الاتهامات والانتقادات السلبية لعدم تكرار أعمال الشغب التي تلت انتخابات 2009.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *