لهذه الأسباب لم يتدخل الديمقراطيون لإنقاذ مكارثي

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

واشنطن- صوّت الديمقراطيون بالإجماع، إلى جانب 8 نواب من التيار اليميني بالحزب الجمهوري، لإقالة كيفن مكارثي من منصب رئيس مجلس النواب، وقبل التصويت كانت هناك بعض التكهنات بأن الديمقراطيين قد يتدخلون لإنقاذ مكارثي من خلال التصويت لبقائه.

يأتي هذا رغم أن تحرك الإقالة جاء من جانب النائب مات غايتز المؤيد لترامب، ورغم كذلك تنسيق مكارثي مع الديمقراطيين لتمرير مشروع قانون مؤقت للتمويل الحكومي الأسبوع الماضي، ومنع الإغلاق الجزئي للحكومة الفدرالية.

ونجحت للمرة الأولى في التاريخ الأميركي محاولة إقالة رئيس مجلس النواب، نتيجة اتفاق الحزب الديمقراطي مع بعض النواب الجمهوريين اليمينيين المتشددين، على الرغم من وقوفهما على طرفي النقيض في مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

من جانبه، قال مكارثي إنه ليس مستعدا لتقديم أي تنازلات للديمقراطيين لمساعدته على البقاء في السلطة.

وعقد الديمقراطيون اجتماعا مطولا في مجلس النواب قبل التصويت على إقالة مكارثي، ونهض المشرعون واحدا تلو الآخر ليتحدثوا لدقيقة واحدة بشأن ما يعتقدون وما يجب فعله، وانتقد الديمقراطيون واحدا تلو الآخر سجل رئيس مجلس النواب، وعدم رغبته في الوصول لحلول وسط خلال رئاسته للمجلس.

وقالت النائبة الديمقراطية من ولاية فرجينيا أبيجيل سبانبرجر “أعتقد أن كيفن مكارثي هو من بين أكثر الأشخاص الذين قابلتهم في حياتي على الإطلاق ممن ليس لديهم مبدأ ولا يمكن الوثوق بهم، وأعتقد أنه يلحق الضرر بهذه المؤسسة وبديمقراطيتنا”.

في حين قال النائب الديمقراطي من ماساشوستس ريتشارد نيل، إن “قرار مكارثي بتغيير القواعد المتعلقة بمن يمكنه اقتراح قرار لإقالة المتحدث، والسماح لعضو واحد فقط بالقيام بذلك -وهو تنازل قُدم لمكارثي للحصول على منصب المتحدث في المقام الأول- كان موقفا مكيافيليا، وبمجرد إبرام الصفقة، عليك أن تتحمل العواقب”.

موقف ديمقراطي متوقع

تشهد المنافسة السياسية الأميركية حالة غير مسبوقة من الاستقطاب الحاد بين الجمهوريين والديمقراطيين، فخلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، عجّت واشنطن بالحديث عن اتجاه حفنة من الديمقراطيين لعقد صفقة مع القيادة الجمهورية لحماية رئيس مجلس النواب، وفي النهاية، لم يتحرك أي من الديمقراطيين العاديين لمساعدة مكارثي أو حزبه على الخروج من فوضى من صنعهم.

وفي مشاركة على منصة إكس (X)، عرض حساب الحزب الديمقراطي مشاركة سخر فيها من كيفن مكارثي بإظهاره متعدد الأوجه ومتلونا قبل وبعد إقالته، وهدفت إلى إلقاء اللوم عليه فيما جرى.

وفي حديث للجزيرة نت، أشارت مديرة برنامج التحليلات السياسية التطبيقية بجامعة ولاية ميريلاند، البروفيسورة كانديس توريتو، إلى عدم اندهاشها من ترك الديمقراطيين سفينة كيفن مكارثي تغرق “إنهم فعلوا ذلك حقا، هذا منطقي أيضا، فقد يكون هناك تنسيق وبعض التعاون بين الحزبين في العملية التشريعية، لكن قيادة مجلس النواب سياسية بطبيعتها”.

وأضافت توريتو “يراهن الديمقراطيون على أن الأضواء المسلطة على فوضى الحزب الجمهوري ستضعفه في أي استحقاقات انتخابية مقبلة، كما أن الديمقراطيين لن يتحملوا أي لوم على هذا التصويت وهذه الفوضى”.

واعتبرت توريتو أن “الأمر سيكون أكثر غرابة إذا صوّت الديمقراطيون لصالح مكارثي، كان بإمكانهم المجادلة بأنهم كانوا يصوتون لإبقاء المنصب شاغرا، وهذا يختلف قليلا عن دعم مكارثي، لكن في النهاية هذه الخطوة معقولة جدا من جانبهم بمعايير السياسة الأميركية”.

الديمقراطيون قد يدفعون بزعيم الأقلية حكيم جيفريز للترشح لمنصب رئيس مجلس النواب، لكن فرص نجاحه تبدو شبه معدومة (الفرنسية)

معادلة صفرية سياسية

على الرغم من أن جهود الإطاحة بكيفن مكارثي كانت بتحريض من الجمهوريين اليمينيين، فإن زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب حكيم جيفريز حث الديمقراطيين في مجلس النواب على الانضمام إليهم في التصويت ضد رئيس مجلس النواب.

وفي بيان صدر قبل التصويت، أوضح جيفريز منطقه قائلاً إن مكارثي جلب هذا على نفسه باستخدام فترة ولايته القصيرة، كرئيس لمجلس النواب لتلبية احتياجات المتطرفين في حزبه، وأشار إلى 15 جولة من التصويت التي تحمّلها مجلس النواب في يناير/كانون الثاني لاختيار مكارثي رئيسا لمجلس النواب، وهي عملية قدم فيها مكارثي تنازلات للجمهوريين اليمينيين المتطرفين، بما في ذلك السماح لأي عضو بفرض اقتراح إقالة رئيس المجلس.

وبعد الإطاحة بمكارثي، غرد جيفريز أن “الديمقراطيين في مجلس النواب ملتزمون بمسار العمل مع الجمهوريين للتحرك إلى الأمام، نحن ببساطة بحاجة إلى شريك على استعداد للتخلي عن التطرف المتمثل في تيار ماغا MAGA” المؤيد لترامب.

إلا أن الكاتب والمحلل السياسي، والعضو بالحزب الجمهوري بيتر روف، يرى في حديثه مع الجزيرة نت، أن “الديمقراطيين لم ينقذوا مكارثي؛ لأن رؤيته يفشل كان في مصلحتهم، ويُظهر أحدث استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب أن الناخبين يثقون بالجمهوريين أكثر من الديمقراطيين في التعامل مع القضايا الرئيسية مثل الاقتصاد، من هنا فوجود فوضى على جانب الحزب الجمهوري تحول انتباه الناخبين عن كل الأشياء التي ارتكبها جو بايدن بشكل خاطئ”.

في حين أرجع الخبير السياسي والإعلامي المحافظ تيم كونستانتين، عدم إنقاذ الديمقراطيين لمكارثي وتجنب الفوضى في مجلس النواب إلى “حساباتهم السياسية البسيطة، إذ يأمل الديمقراطيون أن تؤدي الاضطرابات الناجمة عن الإطاحة برئيس مجلس النواب إلى الترويج للرواية القائلة إن الجمهوريين لا يستطيعون الحكم، وبالتالي ينتهي بهم الأمر باستعادة الديمقراطيين السيطرة على مجلس النواب، وهذه الفوضى في مجلس النواب ستجعل من السهل بيع الرواية المفضلة للديمقراطيين”.

في الوقت ذاته، يواجه الديمقراطيون بعض المخاطر من حيث إنهم يراهنون على أن رئيس مجلس النواب المقبل لن يكون أسوأ من مكارثي، لكن من المبكر الحكم على هذا التقدير الآن.

ويقول الديمقراطيون إنهم سيرشحون الآن زعيم الأقلية حكيم جيفريز لمنصب رئيس مجلس النواب، كما فعلوا في جولات التصويت في يناير/كانون الثاني الماضي، لكن من شبه المؤكد أنه سيفشل مرة أخرى في مجلس النواب ذي الأغلبية الجمهورية.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *