جنين- أثناء ورود أخبار من داخل مخيم جنين عن تمكن مقاتلي الجناح العسكري لسرايا القدس في حركة الجهاد الإسلامي من تفجير مركبة عسكرية إسرائيلية بعبوة ناسفة محلية الصنع كانت طائرة مسيّرة إسرائيلية تقصف تجمعا لمواطنين فلسطينيين في قرية مثلث الشهداء القريبة إلى الجنوب من مدينة جنين.
وفي المنطقة المعروفة بدوار الشهداء قصفت الطائرة عددا من الشبان الفلسطينيين الذين تجمعوا لمشاهدة انسحاب الآليات العسكرية الإسرائيلية من مدينة جنين ومخيمها، فاستشهد على الفور 4 أشقاء إضافة إلى اثنين من أبناء عمومتهم.
أشلاء
يقول شهود عيان ممن وصلوا إلى مكان القصف إن الأشقاء الأربعة -وهم من عائلة درويش- كانوا يجلسون في مقهى على الشارع الرئيس بالقرب من دوار الشهداء برفقة عدد آخر من أبناء عمهم، فسقط صاروخ من طائرة استطلاع إسرائيلية في وسط المكان، مما أدى إلى استشهاد الأشقاء الأربعة واثنين آخرين من العائلة نفسها.
يقول المصور الصحفي محمد منصور -الذي كان من أوائل من وصلوا إلى موقع القصف- “شاهدت أشلاء الشهداء في محيط مكان سقوط الصاروخ، وكنت خلال محاولتي التقاط بعض الصور أتعثر بقطع من أجسادهم وأرفعها بيدي وأضعها جانبا، المشهد قاس جدا ومروع، الوصف صعب”.
ويضيف منصور للجزيرة نت “يبدو أن الأخوة الأربعة كانوا يجلسون في المقهى الموجود على الشارع ومعهم أقاربهم، ورُصِدوا بالطائرة وسقط الصاروخ في منتصف المكان الذي كانوا فيه، وقد أحدث حفرة كبيرة في الأرض بمكان سقوطه”.
في المكان وفي قرية مثلث الشهداء عموما يستطيع كل من يصل استشعار هول الصدمة والحزن في وجوه الأهالي، فالحدث كما يقول منصور “كبير ومفجع، خصوصا أن الشهداء الستة من عائلة واحدة وأن المنطقة التي قصفت هي منطقة حيوية اعتاد الناس على الجلوس فيها، كما أنها مكان لتجمع العمال والمزارعين قبل الانطلاق إلى عملهم”.
رواية إسرائيلية مضللة
وكانت قوات الاحتلال قد أعلنت أنها استهدفت مجموعة من المقاومين في قرية مثلث الشهداء أثناء انسحاب قواتها من مخيم جنين بعد اقتحامها ليلة أمس، لكن سكان البلدة نفوا ذلك، وأكدوا أن الشبان الستة الشهداء هم مدنيون كانوا يجلسون في سهرة شبابية عادية في أحد المقاهي المعروفة، والذي اعتاد السكان الجلوس والسهر فيه.
يقول الطبيب مجاهد نزال -الذي وصل إلى مكان الاستهداف أولا وحاول إسعاف المصابين- “أعمل في مركز طبي قريب من مكان قصف الشهداء، فجر اليوم سمعت صوت انفجار كبير وبعدها جاء عدد من الشبان وقالوا لي إن الطيران الإسرائيلي قصف المقهى على الشارع الرئيسي في البلدة”.
ويضيف نزال للجزيرة نت “انطلقت بسرعة إلى المكان، ووجدت 7 شبان على الأرض، حاولت فحص القيم الحيوية لهم لمعرفة من منهم على قيد الحياة، لكن لم أجد أي إشارة على ذلك إلا عند شاب واحد، أي أن 6 منهم استشهدوا فورا، وكلهم من عائلة درويش”.
ويوضح الطبيب “بتقديري أن الصاروخ أصاب رأس أحد الشهداء على نحو مباشر، لأن رأسه كان مهشما ومفصولا عن جسده، وباقي الشهداء كانت حالتهم صعبة ومعالمهم مشوهة، وأحد الشهداء كان مصابا في القدم قبل نحو عامين، وكنت أنا من أسعفته أيضا”.
مشهد يذكّر بشهداء قطاع غزة
أمام ثلاجة الموتى في مستشفى جنين الحكومي تجمّع عدد كبير من أقارب الشهداء، فيما كان نحيب والدة الأشقاء الأربعة يرتفع شيئا فشيئا، قبل أن تصاب بالإغماء لحظة رؤية جثمان أحدهم في كيس بدون رأس.
وكانت الوالدة المكلومة تصيح “أناشدكم بالله أن تعطوني رأسه، أريد أن أرى رأسه، أريد أن أودعه، لم يبق أحد عندي، راحوا أولادي”.
وبينما تجمع أمام الثلاجة أقارب الشهداء وأصدقاؤهم وكان صوت البكاء يسمع في الساحة الخارجية للمستشفى قال مدير مستشفى جنين الحكومي الدكتور وسام بكر “للأسف ما حدث فجر اليوم مع الشهداء الستة يذكّر بما نراه في قطاع غزة، فهذه عائلة واحدة فقدت شبابها في قصف إسرائيلي، وأغلبية الشهداء كان من الصعب التعرف عليهم، فقد وصلوا إلينا أشلاء”.
ويضيف بكر “بحدود الساعة الخامسة والربع بدأت أشلاء الشهداء تصل إلى قسم الطوارئ في المستشفى، فيما نقل مصاب واحد كان يوجد معهم إلى مستشفى الرازي وهو في حالة صعبة جدا، ويمكن القول إنه وصل شهيدا مبتور الأطراف وآخر وصل جثمانه من دون رأس، وشهيد ثالث بتشوه كبير في وجهه، مما يصعب التعرف عليه، وبالنظر إلى الأسماء تبين أن 4 من الشهداء هم أشقاء، وأن اثنين من أقاربهم”.
وأعلنت مصادر طبية رسمية أن الشهداء هم الأشقاء: هزاع ناجح حسن درويش (٢٧ سنة) ورامي ناجح حسن درويش (٢٢ سنة) وأحمد ناجح حسن درويش (٢٤ سنة) وعلاء ناجح حسن درويش (٢٩ سنة). وكذلك رزق الله نبيل سليمان (١٨ سنة)، ومحمد ياسر عصاعصة الذي أُعلن ظهرا استشهاد شقيقه الجريح وديع ياسر عصاعصة، ليرتفع عدد شهداء جنين إلى 7 اليوم الأحد.
إنجاز كبير للمقاومين
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت مخيم جنين الليلة الماضية بعدد كبير من الآليات العسكرية، فيما بدأ الاشتباك منذ اللحظة الأولى لدخول الجيش الإسرائيلي مخيم جنين، وسمعت أصوات انفجارات كبيرة في حيي الهدف والجابريات المتاخمين للمخيم.
وتمكن مقاومون فلسطينيون من تفجير آلية عسكرية إسرائيلية بعبوة محلية الصنع شديدة الانفجار، مما أدى إلى إصابة اثنين من جنود الاحتلال، أحدهم برتبة ضابط، ولم يسجل وقوع أي إصابة في صفوف الشبان الفلسطينيين بالمخيم.
وقال أهالي المخيم إن قصف الاحتلال الشبان من عائلة درويش في طريق انسحابه من جنين جاء على ما يبدو انتقاما لعملية تفجير الآلية العسكرية وإصابة من فيها، وهي سياسة قوات الاحتلال في كل مرة تتكبد فيها خسائر في المعدات وإصابات في صفوف جنودها، حيث تطلق النار بكثافة أو تقصف أي تجمع للمواطنين للقتل والانتقام.
وصباحا، أعلن الاحتلال مقتل إحدى مجنداته برتبة ضابط بعد إصابتها في تفجير المركبة العسكرية الإسرائيلية، فيما أعلنت كتائب القسام بمخيم جنين في بيان لها استهداف قوة عسكرية إسرائيلية راجلة في كمين وإصابة عدد من الجنود بجراح خطيرة.
بدورها، نشرت سرايا القدس بلاغا عسكريا أشارت فيه إلى مشاركة عناصرها في اشتباكات مسلحة تركزت بحي الهدف والجابريات، إضافة إلى تفجير عدد من العبوات الناسفة في الآليات المقتحمة للمخيم.