قال الدكتور أحمد أويصال، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة إسطنبول، ومدير مركز “أورسام” لدراسات الشرق الأوسط، إن تركيا تريد إبعاد حزب العمال الكردستاني (بي كي كي) والكيانات التابعة له عن حدودها، وهو ما دفعها لتأكيد مطلبها بوقف دعم ذلك الحزب والمنظمات التابعة له.
وأكد أن أنقرة لا تحتاج إلى إجراء عملية عسكرية شاملة لتحقيق هذا الهدف، وإنما تضغط على حلفائها لوقف أي دعم قائم لهذا التنظيم، الذي يرى أن واشنطن سلمت إليه شمال سوريا مع بداية الأحداث فيها، ودعمته روسيا ضد العمليات التركية الهادفة لحماية حدودها الجنوبية.
وجاء حديث أويصال خلال الحلقة التي خصصها برنامج “ما وراء الخبر” بتاريخ (2023/9/8) لما ذكرته مصادر من أن ما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، قصفت قاعدة للجيش التركي، الذي رد -وفق مصادر كردية- بقصف مواقع لتلك القوات شمال شرقي سوريا، وذلك في وقت تتواصل فيه اشتباكات “قسد” ومقاتلين من عشائر عربية، في ريفَي دير الزور الشرقي والغربي شرقي سوريا.
ومع هذا التطور، أعربت أنقرة عن أملها في أن يوقف من سمتهم حلفاؤها وأصدقاؤها، دعمهم لحزب العمال الكردستاني والمنظمات التابعة له، وفق قولها، بينما نُقل عن دمشق تأييدها العشائر العربية في إطار هذا الصراع.
وتساءلت حلقة ما وراء الخبر عن دلالة دخول تركيا على خط المواجهات بين العشائر العربية و”قسد”، واحتمالية تطور الموقف التركي إلى تدخل واسع بالمنطقة، وإمكانية استجابة واشنطن لطلب أنقرة بالكف عن دعم التنظيمات الكردية، والحسابات التي تحكم علاقة الولايات المتحدة بهذه التنظيمات، وتقاطع ذلك مع علاقتها بتركيا.
امتداد لـ”بي كي كي”
وأوضح أويصال في حديثه لما وراء الخبر، أن أنقرة تعتبر قوات “قسد” امتدادا لحزب “بي كي كي” رغم نفي واشنطن لذلك، ولم تفلح محاولتها بإظهار خلاف ذلك عبر التحالف مع بعض العشائر العربية التي انقلبت عليها مؤخرا، مشددا على أن ما يعرف بقوات سوريا الديمقراطية، “داخلية وليست سورية ولا ديمقراطية”.
وذهب أستاذ العلاقات الدولية بجامعة إسطنبول إلى أن هذه القوات لن يكون لها أي تأثير أو ثقل، من دون ما تتلقاه من دعم خارجي، وأنها في حال توقف هذا الدعم ستنتهي بشكل كامل، وهو ما دفع أنقرة للمطالبة بوقف هذا الدعم.
وحول المبرر الأميركي لاستمرار هذا الدعم بأن تلك القوات هي من تواجه قوات تنظيم الدولة على الأرض وفي حال غيابها لن يسد أحد مكانها، قال أويصال، إن هذا الفراغ المتوهم ستملؤه بشكل طبيعي العشائر والقبائل العربية التي تعتبر أهل المنطقة الأصليين.
ومع تأكيده على عدم احتياج أنقرة لتنفيذ عملية عسكرية موسعة، لا ينفي أويصال استمرارها في تنفيذ عمليات دقيقة، تستهدف بشكل واحد منع أي خطورة لحزب “بي كي كي” والمنظمات التابعة له على الحدود، متوقعا استجابة واشنطن لدعوة أنقرة في ظل مرونة الموقف الأميركي بعد الانتخابات التركية الأخيرة.
تفهم أميركي
ويرى الدكتور أندرو تابلر، المستشار السابق للمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، والمدير السابق لقسم سوريا في مجلس الأمن القومي الأميركي، أن لدى قوات “قسد” أزمة واضحة في إبقاء سيطرتها على منطقة الفرات، مؤكدا تفهم واشنطن للقلق التركي من النشاط الكردي على حدودها.
ورأى في حديثه لما وراء الخبر، أن القلق التركي مشروع في بعض الحالات، ولكن الولايات المتحدة تنظر للأمر بمنظار مختلف، حيث لا ترى جهة أخرى غير قوات “قسد” لديها القدرة على مواجهة تنظيم الدولة، وفي حال إيقاف الدعم لها سيعزز ذلك من نشاطها في المنطقة.
وحول الموقف الأميركي في حال اضطرت تركيا للتدخل، يعتبر تابلو نوعية هذا التدخل هو المحدد للموقف الأميركي، حيث إنه في حال كان تدخلا بريا فإن ذلك سيكون مدعاة للقلق الشديد في ظل وجود قوات أميركية بالمنطقة، ولكن الموقف سيختلف إن كان هذا التدخل عبر عمليات نوعية من خلال المسيرات على سبيل المثال.
ويلفت تابلر إلى أن علاقة واشنطن بأنقرة أساسية وإستراتيجية باعتبار تركيا حليفة للولايات المتحدة في حلف الناتو، أما العلاقة مع “قوات سوريا الديمقراطية” فهي ليست علاقة إستراتيجية -وفق قوله- وإنما هي مرتبطة بقتال تنظيم الدولة، ومن ثم فلا مجال للمقارنة بين الأمرين.