رام الله- يعيش فلسطينيو الضفة الغربية على وقع اعتداءات متزايدة للمستوطنين الإسرائيليين بلغت مستوى غير مسبوق مع تشكيل حكومة إسرائيلية أواخر 2022 كلمة الفصل فيها للوزراء الأكثر تطرفا ممن ينحدرون من مستوطنات الضفة.
أخذت الاعتداءات منحى جديدا الخميس بتهديدات وصلت إلى مزارعين فلسطينيين من قرية دير إستيا غربي سلفيت شمالي الضفة الغربية بأن عليهم مغادرة البلاد إلى الأردن، ووعيد بتكرار نكبة 1948 إن هم لم يغادروا طواعية.
وجاء في نص التهديد الموجه إلى الفلسطينيين “إذا أردتم نكبة مثيلة لنكبة 1948 فوالله ستنزل على رؤوسكم الطامة الكبرى قريبا، لديكم آخر فرصة للهروب إلى الأردن بشكل منظم، فبعدها سنجهز على كل عدو وسنطردكم بقوة من أرضنا المقدسة التي كتبها الله لنا”.
مستوطنون يلصقون على سيارات المواطنين الفلسطينيين في قرية دير إستيا جنوب #نابلس ملصقات بالعربية تقول : “أردتم الحرب فانتظروا النكبة الكبرى”
تفاصيل أكثر: https://t.co/ftMqXrew3W pic.twitter.com/eGCv5CI0Gw— Aljazeera.net • الجزيرة نت (@AJArabicnet) October 26, 2023
حشد للرد
وبشأن تلك التهديدات أوضح نظمي سلمان -وهو ناشط محلي وعضو سابق في المجلس بلدي القرية- للجزيرة نت أن مستوطنين وضعوا ملصقات على سيارات مزارعين فلسطينيين كانوا يقطفون ثمار الزيتون يخيرونهم فيها بين القتل أو الهجرة.
ويضيف سلمان أن المزارعين أبلغوا الشرطة الإسرائيلية عن الحادثة فحضرت وقللت من أهمية المنشور، وقالت إنه لا يوجد ما يمنع الوجود في الأرض، لكنها سكتت كثيرا على اعتداءات المستوطنين ولم تعتقل أحدا على خلفية المنشور مع أن السيارة التي كان يستقلها المستوطنون الذين وضعوا الملصقات معروفة.
وأشار إلى أن الطريق المحاذي لأراضي الفلسطينيين يؤدي إلى 3 مستوطنات إسرائيلية هي يكير وخفات يائير ونوفيم ومعسكر للجيش الإسرائيلي.
وبيّن أن ما جرى جزء من اعتداءات بدأت مع بداية موسم قطف الزيتون منتصف أكتوبر/تشرين الأول الجاري، والتي وصلت إلى حد إطلاق النار.
وحصلت الجزيرة نت على صورة السيارة التي استقلها المستوطنون الذين وضعوا الملصقات على سيارات الفلسطينيين، وتم إبلاغ الشرطة الإسرائيلية، دون أن يلمسوا أي تغيير، وفق شهود عيان.
لم يتأخر رد السكان على تهديدات المستوطنين، إذ عادوا صباح الجمعة بأعداد أكبر إلى حقول الزيتون، بل وقرروا جمع أعداد أكبر السبت والقيام بما تسمى “العونة” أو “الفزعة”، وذلك بحشد أكبر عدد من المتطوعين -بمن فيهم أجانب- لمساعدة المزارعين في قطف ما تبقى من ثمار الزيتون، وفق سلمان.
وأضاف “الناس ثابتون على أرضهم، يحضر المستوطنون ويهددون ويتوعدون دون أن تتزحزح أقدامنا، رغم ما تحمله الحكومة الإسرائيلية المتطرفة من مخاطر ليس لنا وطن إلا أرضنا”.
من جهته، يقول المزارع أيوب أبو حجلة إنه ونحو 20 آخرين يملكون آلاف الدونمات الزراعية شمال وغرب البلدة ويواجهون التحديات ذاتها التي تفاقمت مع إقامة بؤرة استيطانية جديدة قبل شهور.
تهديد وتخريب
وأضاف أبو حجلة “أملك 20 دونما (الدونم يساوي ألف متر مربع) مزروعة بأشجار الزيتون منذ 2011، وهذا العام بدأت تؤتي ثمارها، لكن المستوطنين والجيش يعترضون طريقنا، وكان آخر ذلك تخريب الطريق الذي يؤدي إلى أراضينا قبل أيام”.
وأضاف أنه تعرض للتهديد المباشر بالسلاح من قبل المستوطنين، وفي كل مرة كانت الشرطة الإسرائيلية تتدخل، لكنها لا تمنع الاعتداء في المرة التالية، والذي يتم من قبل المستوطنين أنفسهم.
ويقول أبو حجلة إن المطلوب تدخّل الجهات الرسمية الفلسطينية لحماية المزارعين وتهيئة البنية التحتية أسوة بما يفعله الاحتلال مع المستوطنين، مشددا على البقاء في الأرض والعودة إليها لإكمال قطف ثمارها رغم الملاحقة والمطاردة.
ويضيف “مستعدون للموت في بيوتنا وأرضنا على أن نغادرها إلى أي مكان آخر، الاحتلال هو الذي يجب أن يرحل”.
وتعد سلفيت من أكثر محافظات الضفة تضررا بالاستيطان، حيث يزيد عدد المستوطنات فيها على عدد قراها، وفق أبو حجلة.
تطهير عرقي
من جهته، وفي تعليقه على تهديدات المستوطنين يقول أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي للجزيرة نت إن الحكومة الإسرائيلية “هي حكومة مستوطنين، والذي يدير هذه العمليات الوزيران إيتمار بن غفير (وزير الأمن القومي زعيم حزب القوة اليهودية) وبتسلئيل سموتريتش (وزير المالية رئيس حزب الصهيونية الدينية)”.
وأضاف البرغوثي أن سموتريتش “هو الحاكم الفعلي للضفة الغربية، وهو الذي يوجه المستوطنين لتنفيذ عمليات تطهير عرقي ضد الفلسطينيين، وبالتالي الذي يجري هو سياسة رسمية لحكومة ترعى هؤلاء المستوطنين وتمولهم”.
وتابع أن الحكومة توزع الاستيطان في كل أنحاء الضفة الغربية، لأن مشروعها الحقيقي هو التطهير العرقي للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية.
وقال البرغوثي إن الرد على تلك التهديدات هو “رفض تهديداتهم وتشكيل لجان شعبية للتصدي لهم وفضح وتعرية ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية ومستوطنوها في كل الدنيا”.
تغطية صحفية:”تجمعات للمستوطنين على مدخل بلدة دير استيا قضاء سلفيت”. pic.twitter.com/dfGoS7eeHT
— فلسطين بوست (@PalpostN) October 26, 2023
مخاطر جدية
وعلى المستوى الرسمي، يقول واصل أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ومنسق القوى الوطنية والإسلامية إن الشعب الفلسطيني اليوم “أمام مخاطر جدية في سياق حرب الإبادة التي تقوم بها إسرائيل في غزة”، مشيرا إلى جهود “من أجل وقف العدوان وآلة الدمار”.
وعن الضفة الغربية، قال القيادي الفلسطيني للجزيرة نت إنها تشهد يوميا ارتقاء شهداء وحصارا بين المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية.
وبشأن مسألة التهجير، قال أبو يوسف إن الاحتلال يحاول فرضها في قطاع غزة من خلال الإيحاء بأن هناك إمكانية لذلك وتهجير أبناء شعبنا الفلسطيني إلى سيناء المصرية، وهذا الأمر تم رفضه بشكل مطلق.
وأضاف أن هناك إستراتيجية تهدف إلى طرد قسري لأبناء الشعب الفلسطيني في الضفة “وهنا تكمن أهمية تضافر الجهود لفرض عقوبات على الاحتلال وبلورة موقف عربي وإسلامي ودولي لتجريمه وفرض عقوبات عليه وأيضا محاكمته دوليا”.
واعتبر أن ما يقوم به الاحتلال من ترويج لإمكانية التهجير “أمر خطير جدا”، مضيفا “هذه الأرض أرض الشعب الفلسطيني، لا يمكن إطلاقا أن يقبل شعبنا الفلسطيني لا بالتهجير في قطاع غزة إلى مناطق أخرى ولا في الضفة الغربية والقدس”.
وشهد العام الحالي تصاعدا ملحوظا في اعتداءات المستوطنين، حيث بلغت 798 حتى منتصف سبتمبر/أيلول الماضي مقارنة بـ849 طوال 2022، و496 في 2021، وفق معطيات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة.
وتقدر هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية عدد مستوطني الضفة -بما فيها القدس- بنحو 726 ألفا يتوزعون على 176 مستوطنة و186 بؤرة استيطانية.